مدينة الغد – عبدالله البردوني

من دهور … وأنت سحر العباره … وانتظار المنى وحلم الإشارة

كنت بنت الغيوب داهرا فنمّت … عن تجليّك حشرجات الحضاره

وتداعي عصر يموت ليحيا … أو ليفنى ، ولا يحس انتحاره

جانحاه في منتهى كل نجم … وهواه ، في كل سوق : تجاره

باع فيه تألّه الأرض دعواه … وباعت فيه الصلاة الطهاره

أو ما تلمحينه كيف يعدو … يطحن الريح والشظايا المثاره

نمّ عن فجرك الحنون ضجيج … ذا هل يلتظي ويمتصّ ناره

عالم كالدّجاج ، يعلو ويهوي … يلقط الحب ، من بطون القذاره

ضيّع القلب ، واستحال جذوعا … وترتدي آدمية … مستعاره

كل شيء وشى بميلادك الموعود … واشتمّ دفئه واخضراره

بشّرت قرية بلقياك أخرى … وحكت عنك نجمة لمناره

وهذت باسمك الرؤى فتنادت … صيحات الديوك من كل قاره

المدى يستحمّ في وعد عينيك … وينسى في شاطئيه انتظاره

وجباه الذّرى مرايا تجلّت … من ثريّات مقلتيك شراره

ذات يوم ، ستشرقين بلا وعد … تعيدين للهيثم النّضاره

تزرعين الحنان في كل واد … وطريق ، في كل سوق وحاره

في مدى كل شرفة ، في تمنّي … كلّ جار ، وفي هوى كل جاره

في الروابي حتى يعي كلّ تلّ … ضجر الكهف واصطبار المغاره

سوف تأتين كالنبؤات ، كالأمطار … كالصيّف ، كانثيال الغضاره

تملئين الوجود عدلا رخيّا … بعد جور مدجّج بالحقاره

تحشدين الصفاء في كل لمس … وعلى كل نظرة ، وافتراره

تلمسين المجندلين فيعيدون … تعيدين للبغايا البكاره

وتصوغين عالما الماتثمر الكثبان فيه، … ترف حتى الحجاره

وتعفّ الذئاب فيه ، وينسى … جبروت السلاح ، فيه المهاره

العشايا فيه ، عيون كسالى … واعدات ، والشمس أشهى حراره

لخطاه عبير ((نيسان)) أو أشذى … لتحديقه ، أجدّ إناره

ولألحانه ، شفاه صبايا … وعيون ، تخضّر فيها الإثاره

أي دنيا ستبدعين جناها … وصباها فوق احتمال العياره ؟