عائد – عبدالله البردوني

من أنت ، واستبقت جوابي … لهب ، يحنّ إلي التهاب

من أنت ، عزّاف الأسى … والنار قيثار العذاب

وعلى جبينك ، قصّة … حيرى ، كديجور اليباب

وخواطر ، كهواجس الإفلاس ، … في قلق المرابي

وأنا أتدري : من أنا ؟ … قل لي ، وأسكرها اضطرابي

سل تمتمات العطر : هل … ((نيسان)) يمرح في ثيابي؟

من هذه ؟ أسطورة الأحلام ، … أخيلة الشهاب

همساتها ، الخضر الرّقاق … أشفّ من ومض السراب

إني عرفتك كيف أفرح ؟ … كيف أذهل عن رغابي؟

من أين أبتدىء الحديث …؟ … وغبت في صمت ارتيابي

ماذا أقول ، وهل أفتّش … عن فمي ، أو عن صوابي ؟

من أنت ، أشواق الضحى … قبل الأصيل ، على الهضاب

حلم المواسم ، والبلابل … والنسّيمات الرطاب

اغرودة الوادي ، نبوع العندليب … … شذى الروابي

وذهول فنّان الهوى … ورؤى الصّبا وهوى التصابي

وهج الأغاني ، والصدى … حرق المعازف ، والرّباب

لا تبعدي : أرست على شطآنك … النعسى ، ركابي

فدنت تسائل من رفاقي … في الضياع ؟ ومن صحابي ..؟

هل سآءلتك مدينة … عنّي ؟ وسهّدها واكتئابي

فتقول لي : من أنت ؟ … وتزدريني ، بالتغابي

أنا من مغاني شهرزاد … إلى ربى ، الصحو انتسابي

بي من ذوائب (حدّة) … عبق السماحة والغلاب

وأظلّنا جبل ذراه … كالعمالقة الغضاب

عيناه متكأ النجوم … ودبله ، طرق الذئاب

فهفت إليّ مزارع … كمباسم الغيد الكعاب

وحنت نهود الكرم … فاسترخت للمسي واحتلابي

وسألت (ريّا) والسكون … ينثّ وهوهة الكلاب

ماذا ؟ أينكر حيّنا … خفقات خطوي وانسيابي؟

إنّا تلاقينا … هنا ، … قبل انتظارك… واغترابي

هل تلمحين الذكريات … تهزّ اضلاع التراب؟

وطيوف مأساة الفرا، … ق تعيد نوحك وانتحابي

والأمس يرمقنا وفي ، … نظراته خجل المناب

كيف اعتنقنا للوداع … وبي من اللهفات ما بي ؟

وهفت لا تتوجعي : … سأعود ، فارتقبي … إيابي

ورحلت وحدي ، والطريق … دم ، وغاب ، من حراب

فنزلت حيث دم الهوى … يجترّ ، أجنحة الذّباب

حيث البهارج والحلى … سلوى القشور عن اللّباب

فلمين ألوان الطّلاء … على الصّدوع ، على الحرب

التسليات ، بلا حساب … والملال ، بلا حساب

والجوّ محموم ، يئن … وراء جدران الضباب

كم كنت أبحث عن طلابي … حيث ضيّعني طلابي

واليوم عدت ، وعاد لي … مرح الحكاياتالعذاب

ما زلت أذكر كيف كنّا … لا ننافق ، أو نحابي

نفضي بأسرار الغرام … إلى المهبّات الرّحاب

فتهزّنا أرجوحة … من خمرة الشفق المذاب

وكما تنآئينا التقينا … نبتدي صفو الشباب

ونعيد تأريخ الصّبا … والحبّ ، من بدء الكتاب

أترين : كيف اخضوضرت … للقائنا مقل الشعاب ؟

وتلفّت الوادي إليك … وهشّ ، يسأل عن غيابي

ما دمت لي فكسو يخنا … قصر ، يعوم على السحاب

والشهب بعض نوافذي … والشمس ، شبّاكي وبابي