خاض الدُّجى وَرِواقُ اللَّيل مَسدولِ – الأبيوردي

خاض الدُّجى وَرِواقُ اللَّيل مَسدولِ … بَرْقٌ كَما اهْتَزَّ ماضِي الحدّ مَصْقولُ

أَشيمُهُ وَضجيعي صارمٌ خَذِمٌ … وَمِحمَلي بِرشاشِ الدَّمعِ مَبلولُ

فَحَنَّ صاحِبُ رَحْلِي إذ تَأَمَّلَهُ … حَتَّى حَنَنْتَ ، وَنِضْوِي عَنْهُ مَشْغولُ

يَخدي بأَروعَ لا يُغفي، ونَاظِرُهُ … بِإِثْمِدِ اللَّيْلِ في البَيْداءِ مَكْحولُ

وَلا يَمُرُّ الكَرَى صَفْحاً بِمُقْلَتِهِ … فَدُونَهُ قاتِمُ الأرْجاءِ مَجْهولُ

إذا قضَى عُقبَ الإسراءِ ليلتَهُ … أَناخَهُ ، وَهْوَ بِالإعْياءِ مَعْقولُ

وَاعْتادَهُ مِنْ سُلَيْمى ، وَهْيَ نائِيَة ٌ … ذِكرٌ يؤَرِّقُهُ، والقلبُ متبولُ

رَيّا المَعاصِمِ ، ظَمأَى الخَصْرِ ، لا قِصَرٌ … يَزوي عَلَيها ، وَلا يُزْري بِها طولُ

فَالوَجْهُ أَبْلَجُ ، واللَّبَّات واضِحَة ٌ … وَفَرْعُهَا وَارِدٌ ، والمَتْنُ مَجْدُولُ

كَأَنَّما رِيقُها ، وَالفَجْرُ مُبْتَسِمٌ … فيما أَظنُّ، بِصفوِ الرّاحِ مَعلولُ

صَدَّت وَوَقَّرني شَيبِي فَما أرَبي … صَهْبَاءُ صِرْفٌ وَلا غَيْدَاءُ عُطْبُولُ

وَحال دونَ نَسيبي بِالدُّمى مِدَحٌ … تَحبيرُها بِرضى الرَّحمن مَوصولُ

أُزيرُها قُرشيّاً في أسِرَّتهِ … نورٌ، وَمن راحتيهِ الخيرُ مأمولُ

تَحكي شمائلهُ في طيبها زهراً … يَفوحُ، وَالروَّض مرهومٌ وَمشمولُ

هوَ الّذي نعشَ الله العبادَ بهِ … ضَخْمُ الدَّسيعَة ِ ، مَتْبوعٌ وَمَسْؤولُ

فَكُلُّ شَيءٍ نَهاهُمْ عَنْهُ مُجْتَنَبٌ … وَأَمْرُهُ ، وَهْوَ أَمْرُ اللّهِ ، مَفْعولُ

مِنْ دّوْحَة ٍ بَسَقَتْ ، لا الفَرْعُ مُؤْتَشَبٌ … منها، ولا عرقها في الحي مدخول

أَتى بمِلَّة ِ إِبراهيمَ والدِهِ … قَرْمٌ عَلى كَرَمِ الأَخلاقِ مَجبولُ

وَالنَّاسُ في أَجَّة ٍ ضَلَّ الحَليمُ بِها … وَكُلَّهم في إسارِ الغيَّ مكبولُ

كَأَنَّهُمْ وَعَوادي الكُفْرِ تُسْلِمُهُمْ … إلى الرَّدى ، نعمٌ في النهب مشلولُ

يا خاتمَ الرسلِ إن لم تخشى بادرتي … على أعادِيك غالَتْني إِذَنْ غولُ

والنَّصْرُ بالْيَدِ منّي وَاللِّسانِ معاً … ومَنْ لَوى عَنْكَ جِيداً فَهْوَ مَخْذولُ

وسَاعِدي ، وَهْوَ لا يُلْوي بِهِ خَوَرٌ … على القَنا في اتباعِ الحق مفتولُ

فمر وقل أتبعْ ما أنتَ تنهجهُ … فالأمرُ ممتثلٌ والقول مقبولُ

وكل صحبكَ أهوى فالهدى معهم … وغرب من أبغض الأخيارَ مفلولُ

وأقتديِ بضجيعيك اقتداءَ أبي … كِلاهُما دَمُ مَنْ عاداهُ مَطْلولُ

ومن كعثمان جوداً، والسماحُ لهُ … عِبْءٌ عَلى كاهِلِ العَلْياءِ مَحْمولُ

وَأَيْنَ مِثْلُ عَلِيٍّ في بَسَالَتِهِ … بِمَأْزِقٍ مَنْ يَرِدْهُ فَهْوَ مَقْتولُ

إني لأعذلُ من لمْ يُصفهم مِقة ً … والناسُ صنفانِ: معذورٌ ومعذولٌ

فمن أحبهمُ نالَ النجاة بهم … ومَنْ أَبى حُبَّهُمْ فالسَّيْفُ مَسْلُولُ