مَنِ الرَّكْبُ يابْنَ العامِرِيِّ أَمامي – الأبيوردي
مَنِ الرَّكْبُ يابْنَ العامِرِيِّ أَمامي … أَهُمْ سِرُّ صُبْحٍ في ضَميرِ ظَلامِ
يُشَيِّعُهُمْ قَلْبُ المَشُوقِ ، وَرُبَّما … يُقادُ إلى ما ساءَهُ بِزِمامِ
وَقَدْ بَخِلَتْ سُعْدى فلا الطَّيْفُ طارِقٌ … وليسَ بِمَرْدودٍ إلَيَّ سَلامي
مِنَ الهيفِ تَستْعَدي على لَحظِها المَها … وَتَسْلُبُ خُوطَ البانِ حُسْنَ قَوامِ
وَكمْ ظَمَأٍ تَحْتَ الضُّلوعِ أُجِنُّهُ … إلى رَشَفاتٍ مِنْ وَراءِ لِثامِ
وَما ذُقْتُ فاهَا غَيْرَ أَنّي مُكَرِّرٌ … أَحاديثَ يَرْويها فُروعُ بَشامِ
هَوى ً حالَ صَرْفُ الدَّهرِ بيني وَبَينَهُ … أَقُدُّ لهُ الأَنفاسَ وَهيَ دَوامِ
وَغادَرَني نِضْوَ الهُمومِ ، يُثيرُها … غِناءُ حَمامٍ أَو بُكاءُ غَمامِ
وَأَشْتاقُ أَيَّامَ العَقيقِ وَأَنثَني … بِأَرْبَعَة ٍ مِنْ ذِكْرِهِنَّ سِجامِ
وَهَل أَتناسَى العَيشَ غَضاً كَأَنَّهُ … أُعيرَ اخضِراراً في عِذارِ غُلامِ
بِأَرضٍ كَأَنَّ الرَّوضَ في جَنَباتِها … يَجُرُّ ذُيولَ العَصْبِ فَوْقَ أَكامِ
إِذا صافَحَتْ غُدْرانَهُ الرِّيحُ خِلْتَها … تُدَرِّجُ أَثْراً في غِرارِ حُسامِ
وَنامَ حَوالَيْها العَرارُ كَأَنَّها … تُديرُ على النُّوّارِ كأْسَ مُدامِ
سَبَقنا بِها رَيْبَ الزَّمانِ إلى المُنى … وَقَدْ لَقِحَتْ أَسماعُنا بِمَلامِ
وَمِنْ أَريحيّاتي إذا اقتادَني الهَوى … أَفُضُّ وإِنْ ساءَ العَذولُ لِجامي
وَمازَالتِ الأَيّامُ تُغري بِنا النَّوى … وَتَسْحَبُ ذَيْلَيْ شِرَّة ٍ وَعُرامِ
أَراها على سُعْدى غَيارى كَأَنَّما … بِها ما بِنا من صَبْوَة ٍ وَغَرامِ
فَيا ليْتَها إذ جاذَبَتْني وِصالَها … تَرَكْنَ هَواها أوْ حَمَلْنَ سَقامي
لَعَمْرُ المَعالي حَلْفَة ً أُمَويَّة ً … لَسَدَّ عَلَيَّ الدَّهرُ كُلَّ مَرامِ
أما في لئامِ النَّاسِ مَنْدوحَة ٌ لَهُ … فَحَتامَ لا يَحتاجُ غَيْرَ كِرامِ؟
لأدَّرِ عَنَّ اللَّيلَ يَلْمَعُ صُبْحُهُ … تَحَدَّرَ راحٍ مِنْ خِلالِ فِدامِ
عَلى أَرْحَبِيّاتٍ مَرَقْنَ مِنَ الدُّجى … وقد لَغبَ الحادي، مُروقَ سِهامِ
حَوامِلَ لِلْحاجاتِ تُلْقى رِحالُها … إلى ماجِدٍ رَحْبٍ رَحْبِ الفِناءِ هُمامِ
أَغَرُّ كِلابيٌّ عَلَيْهِ مَهابَة ٌ … تُغَضُّ له الأبصارُ وَهْيَ سَوامي
مِنَ القَوْمِ لَمْ يَسْتَقْدِحِ المَجْدَ زَنْدَهُ … لَدى الفَخْرِ إِلاّ أَوْقَدوا بِضِرامِ
وَأَعْلاهُمُ في قُلَّة ِ المَجْدِ مَرْقِباً … أَخو نِعَمٍ في المُعْتَفينَ جِسامِ
مُحَجَّبُ أطرافِ الرِّواقَيْنِ بِالقنا … إِذا ادَّرَعَ الخَيْلانِ ظِلَّ قَتامِ
ولم تعثرا إلا بأشلاءِ غلمة ٍ … تروِّي غليل المشرفيِّ وهامِ
نُطالِعُ مِنْ أَقْلامِهِ وَحُسامِهِ … مَقَرَّ حَياة ٍ في مَدَبِّ حِمامِ
وَيَخْبُرُ أَهواءَ النُّفوسِ بِنَظرَة ٍ … تَفُضُّ لَها الأَسرارُ كُلَّ خِتامِ
وَتَنْضَحُ كَفّاهُ نَجيعاً وَنائِلاً … تَدَفُّقَ نائي الحَجْرَتَيْنِ رُكامِ
بِحِلْمٍ إذا الخَطْبُ اسْتًطيرَت لهُ الحُبا … رَماهُ بِرُكنَي يَذبُلٍ وَشَمامِ
وَخَلْقٍ كما هَبَّتْ شَمالٌ مَريضَة ٌ … على زَهَراتِ الرّوْضِ غِبَّ رِهامِ
وَعِرْضٍ كَمَتْنِ الهِنْدُوانِيِّ ناصِعٌ … تَذُبُّ المَعالي دونَهُ وتُحامي
صَقيلُ الحَواشِي ، مَسْرَحُ الحَمْدِ عِنْدَهُ … رَحيبٌ ، وما فيهِ مُعَرَّسُ ذامِ
فللِّهِ مَجْدٌ أَعْجَزَ النَّجْمَ شَأَوُهُ … أَحَلَّكَ أَعْلى ذِرْوَة ٍ وَسَنامِ
وَهَبَّتْ بِكَ الآمالُ بَعْدَ ضَياعِها … لَدَى مَعْشَرٍ عنْ رَعْيهِنَّ نِيامِ
فَدونَكَ مِمّا يَنْظمُ الفِكْرُ شُرَّداً … سَلَبْنَ حَصى المَرْجانِ كُلَّ نِظامِ
تَسيرُ بِشُكْرٍ غائِرِ الذِّكْرِ مُنْجِدٍ … يُناجي لِسانَيْ مُعْرِقٍ وَشَآمي
وَيَهْوَى مُلوكُ الأرضِ أنْ يُمْدَحوا بِها … وما كُلُّ سَمْعٍ يَرْتَضيهِ كَلامي
أَلَمْ يَعْلَموا أَنّي تَبَوَّأْتُ مَنْزِلاً … يُطَنِّبُ فَوْقَ النَّيِّرَينِ خِيامي
وقد كنتُ لا أرضى وَبي لا عِجُ الصَّدى … سِوى مَنْهَلٍ عَذْبِ الشريعَة ِ طامِ
وَلَما استَقَّرَتْ في ذراكَ بِنا النَّوى … وقَد كَرُمَ المَثْوى ، نَقَعْتُ أُوامي