صَبابَة ُ نَفْسٍ ليسَ يُشْفَى غَليلُها – الأبيوردي

صَبابَة ُ نَفْسٍ ليسَ يُشْفَى غَليلُها … وَلَوْعَة ُ أَشْواقٍ كَثيرٍ قَليلُها

وَظَمياءُ لم تَحْفِلُ بِسِرٍّ أَصُونُهُ … وَلا بِدُموعٍ في هَواهَا أُذِيلُها

وَيَنْزِفُهَا رَبْعٌ تُرَوِّي طُلولَهُ … بِوَجْرَة َ عَيْنٌ في الدِّيارِ أُجيلُها

ولولا جَوى ً أَطْوي عَلَيْهِ جَوانِحِي … لَما هاجَ عَيني لِلبُكاءِ مُحِيلُها

إذا صافَحَتْها الرِّيحُ طابَتْ لأَنَّها … بِمَنْزِلَة ٍ ناجَتْ ثَراها ذُيولُها

مَريضَة ُ أَرْجاءِ الجُفونِ، وَإنَّما … أَصَحُّ عُيونِ الغانياتِ عَليلُها

رَمَتْني بِسَهْمٍ راشَهُ الكُحْلُ بِالرَّدى … وَأَقْتَلُ أَلْحاظِ المِلاحِ كَحيلُها

وسَالِفَتي أَدماءَ تحتَ أَراكَة ٍ … تَمُدُّ إليها الجيدَ وَهيَ تَطولُها

فَوَلَّتْ وقد أَبْقَتْ بِقَلْبِي عَلاقة ً … تَمُرُّ بِها الأيَّامُ وَهْوَ مَقيلُها

وَقُلْتُ لأَدنَى صاحِبَيَّ، وقدْ وَشى … بِسَرِّيَ دَمْعٌ إذا تَراءَتْ ُحمولُها

ذَرِ اللَّوْمَ إنّي لَسْتُ أُرْعيكَ مَسِمَعي … فَتلكَ هَوى نَفْسي وَأَنْتَ خَليلُها

وَلَيْتَ لِساناً أَرْهَفَ العَذْلُ غَرْبَهُ … على الصَّبِّ مَفْلولُ الشَباة ِ كَليلُها

أَرُدُّ عَذولي وَهْوَ يَمْحْضُني الهَوى … بِغَيْظٍ، وَيَحْظَى بِالقُبولِ عَذولُها

وَيَعْتادُني ذِكْرى العَقيقِ وَأَهْلِهِ … بِحيثُ الحَمامُ الوُرْقُ شاجٍ هَديلُها

تَنُوحُ وَتَبْكي فَوقَ أَفْنانِ أَيكَة ٍ … فِداهُنَّ مِنْ أَرْضِ العِراقِ نَخيلُها

وَلَولا تَبارِيحُ الصَّبابَة ِ لَمْ أُبَلْ … بُكاها وَلا أَذْرَى دُموعي عَويلُها

بِوادٍ حَمَتْهُ عُصْبَة ٌ عَبْشَمِيَّة ٌ … عِظامُ مَقارِيها، كِرامٌ أُصُولُها

أَزِينُ بِها شِعْري كَما زِنتُها بِهِ … ولله دَريِّ في قَوافٍ أقُولُها

يَنُّمِ بِمَجْدي حينَ أَفْخَرُ مَنْطِقي … وَيُعْرِبُ عنِ عِتْقِ المَذاكِي صَهيلُها

فَلَمْ أَرَ قَوْماً مِثْلَ قَومي لِبائِسٍ … بِبًيْداءَ يَسْتافُ التُّرابَ دَليلُها

يَبُلُّ دَرِيسيهِ النَّدى ، وَتَلُفُّهُ … على الكُورِ مِنْ هَوجِ الرِّياحِ بَليلُها

مَطاعِينُ وَالهَيْجاءُ تُغْشى غِمارُها … مَطاعِيمُ وَالغَبْراءُ تُخْشَى مُحولُها

وَكَمْ ماجِدٍ فيهِمْ يَحُلُّ جَبينُهُ … حُبا اللَّيلِ وَالظَّلماءُ مُرْخى ً سُدولُها

وَأَخْمصُهُ مِنْ تَحتِهِ هَامَة ٌ السُّها … وَهِمَّتُهُ في المَجْدِ عالٍ تَليلُها

فهل تبلغنِّي دارهم أرحبيَّة ٌ … على الأينِ يمري بالحداءِ ذميلها

حَباني بِها بَدرٌ فَكَمْ جُبْتُ مَهمهَاً … حَليماً بِهِ سَوطي، سَفيهاً جَديلُها

فَتى ً تُورِقُ السُّمْرُ اللدانُ بِكَفِّهِ … وَإنْ دَبَّ في أَطْرافِهِنَّ ذُبولُها

وَتَغْشَى الوغَى بِيضاً حِداداً سُيوفُهُ … فَتَرْجِعَ حُمْراً بادِياتٍ فُلولُها

وَيُوقِظُ وَسْنانَ التُّرابِ بِضُمَّرٍ … تُوارَى بِشُؤْبوبِ النَّجيعِ حُجُولُها

عَلَيها كُماة ُ التُّركِ مِنْ فَرْعِ يافِثٍ … كَثَيِرٌ بِمُسْتَنِّ المَنايا نُزولُها

هُمُ الأُسْدُ بأساً في اللِّقاءِ وَأَوْجُهاً … إذا غَضِبُوا، وَالسَّمْهَرِيَّة ُ غِيلُها

وَإنْ نَطَقُوا قُلْتَ القَطا مِنْ قَبيلِهِمْ … وَهُمْ غِلْمَة ٌ مِنْ وُلْدٍ نُوحٍ قَبيلُها

وقد أَشْبَهوها أَعيُناً إذْ تَلاحَظوا … على شَوَسٍ، وَالْبِيضُ تَدْمَى نُصُولُها

صَفَتْ بِكَ دُنيا كَدَّرَتْها عِصابَة ٌ … تَمَرَّدَ غاوِيها وَعَزَّ ذَلِيلُها

وَلَوْلاكَ لَمْ تُقْلَمْ أَظافِيرُ فِتْنَة ٍ … تَعاوَرَها شُبّانُهَا وَكُهولُها

فَماتَتْ بِجُمْعٍ إذ أَظَلَّتْ رِقَابِهُمْ … سُيوفٌ يُصِمُّ المارِقينَ صَليلُها

وَلَوْ نُتِجَتْ أَضْحَتْ قَوابِلَها القَنا … وَلَمْ يُغْذَ إلاّ بِالدِّماءِ سَليلُها

ومَنْ يَتَغَبَّرْ مِنْ أَفاويقِ فِتْنِة ٍ … يَذُقْ طَعَناتٍ لَيْسَ يُودَى قَتيلُها

فَعِشْ لِيدٍ تُولي، وَمُلكٍ تَحوطُهُ … وَنائِبة ٍ تَكفي، وُنُعْمى تُنيلُها

وَدُمْ لِلْمَعالي فَهيَ عِنْدَكَ تُبْتَغى … وَمُشْتَبِهٌ، إلاّ عَلَيكَ سَبيلُها