وَلَهٌ تَشِفُّ وراءَهُ الأشْجانُ – الأبيوردي

وَلَهٌ تَشِفُّ وراءَهُ الأشْجانُ … وَهَوى ً يَضيقُ بِسِرِّهِ الكِتْمانُ

وَمُتَيَّمٌ يُدمي مَقيلَ هُمومِهِ … وَجْدٌ يُضَرِّمُ نارَهُ الهِجْرانُ

فَنَضا الكَرى عن مُقلَتَيْهِ شادِنٌ … عَبِثَ الفُتورُ بِلَحْظِهِ وَسْنانُ

يَرعى النُّجومَ إذا اسْتَرابَ بِطَيْفِهِ … هَلاّ استَرابَ بِطَرْفِهِ اليَقْظانُ

أَلِفَ السُّهادُ فلو أَهابَ خَيالُهُ … بِالعَيْنِ ما شَعَرَتْ بِهِ الأجْفان

للّهِ وَقْفَتُنا التّي ضَمِنَتْ لَنا … شَجَناً غَدَاة َ تَفرَّقَ الجيرانُ

نَصِفُ الهَوى بِمَدامِعٍ مَذْعورَة ٍ … تَبكي الأُسُودُ بِهِنَّ والغِزْلانُ

وإذَا سَمِعْنا نَبْأَة ً مِنْ عاذِلٍ … جُعِلَتْ مَغيضَ دُموعِها الأَرْدانُ

وَلَقد طَرَقْتُ الحَيَّ يَحْمِلُ شِكَّتي … ظامي الفُصوصِ، أَديمُهُ رَيّانُ

لَبِسَ الدُّجى وأَضاءَ صُبْحُ جَبينِهِ … يَنْشَقُّ عنهُ سَبيبُهُ الفَينْانُ

وَسما لِدارِ العامِرِيَّة ِ بَعْدَما … خَفَتَ الهَديرُ وَرَوَّحَ الرِّعْيانُ

وَوَقَفْتُهُ حيثُ اليَمينُ جَعَلْتُها … طَوْقَ الفَتاة ِ، وفي الشِّمالِ عِنانُ

وَرَجَعْتُ طَلْقَ البُرْدِ أَسْحَبُ ذَيْلَهُ … وَيَعَضُّ جِلْدَة َ كَفَّهِ الغَيْرانُ

يا صاحِبَّي تَقَصَّيا نَظَرَيكمُا … هَلْ بَعْدَ ذَلِكُما اللِّوى سَفَوانُ

فَلَقَدْ ذَكَرْتُ العامِريَّة َ ذِكْرَة ً … لا يُسْتَشَفُّ وَراءها النِّسيانُ

وَهَفا بِنا وَلَعُ النَّسيمِ على الحِمى … فَثَنى مَعاطِفَهُ إليهِ البْانُ

وَمَشى بِأَجْرَعِهِ فَهَبَّ عَرارُهُ … مِنْ نَومِهِ وَتَنَاجَتِ الأَغْصَانُ

وَإذا الصَّبا سَرَقَتْ إليها نَظْرَة ً … مالَتْ كَما يَتَرَنَّحُ النَّشوانُ

عُبِقَتْ حواشي التُّرْبِ مِنْ أَمواهِهِ … راحاً تَصوغُ حَبابِها الغُدرانُ

فكأنَّ وَفْدَ الرِّيحِ شافَهَ أَرْضَها … بِثَرى ً تُعَفَّرُ عِنْدَهُ التِّيجانُ

مِنْ عَرْصَة ٍ تَسِمُ الجِباهَ بِتُربِها … صِيدٌ يُطيفُ بِعِزِّهِمْ إذعانُ

خَضَعوا لِمَلثْومِ الخُطا، عَرَصاتُهُ … لِلْمُعْتَفِينَ وَلِلْعُلا، أَوطانُ

ذو مَحْتِدٍ سَنِمٍ رَفيعٍ سَمْكُهُ … تُعْلِي دَعائِمَ مَجْدِهِ عَدْنانُ

قَوْمٌ إذا جَهَروا بِدَعوى عامِرٍ … قَلِقَ الظُّبا وَتَزَعْزَعَ الخِرْصانُ

وَأَظَلَّ أَطرافَ البَسيطَة ِ جَحْفَلٌ … لَجِبٌ يُبَشِّرُ نَسْرَهُ السِّرْحانُ

تَفْرى ذُيولَ النَّقْعِ فيه صَوارِمٌ … مَذروبَة ٌ، وذَوابِلٌ مَرّانُ

بِأَكُفِّ أَبطالٍ تَكادُ دُروعُهُم … عِنْدَ اللِّقاءِ تُذيبُها الأضْغانُ

مِنْ كُلِّ عرّاصٍ، إذا جَدَّ الرَّدى … في الرَّوعِ لاعَبَ مَتْنَهُ العَسَلانُ

وَمُهنَّدٍ تَنْدى َ مَضارِبُهُ دَماً … بِيَدٍ يَنُمُّ بِجودِها الإحسانُ

لَوْ كانَ لِلأرْواحِ مِنْهُ ثائرٌ … لَتَشَبَّشَتْ بِغرارِهِ الأبدانُ

وَبَنو رُؤاسٍ يَنْهَجُونَ إلى النَّدى … طُرُقاً يَضِلُّ أَمامَها الحِرْمانُ

كُرَماءُ والسُّحْبُ الغِزارُ لَئيمَة ٌ … حُلَماءُ حينَ تُسَفَّهُ الشُّجْعانُ

إِن جالَدوا لَفَظَ السُّيوفَ جُفونُها … أَوْ جاوَدوا غَمَرَ الضُّيوفَ جِفانُ

وإِذا العُفاة ُ تَمَرَّسوا بِفِنائِهِمْ … وَتَوَشَّحَتْ بِظلالِهِ الضِّيفانُ

طَفَحَ الدَّمُ المُهراقُ في أَرجائِها … دُفَعاً تُضَرَّمُ حَوْلَها النِّيرانُ

وإلى سَناءِ الدَّولَة ِ اضْطَرَبَتْ بِنا … شعب الرِّحالِ وَغَرَّدَ الرُّكْبانُ

ثَمِلُ الشَّمائِلِ لِلْمَديحِ كَأَنَّما … عاطاهُ نَشْوَة َ كَأْسِهِ النَّدْمانُ

وَنَماهُ أَروَعُ، عودُهُ مِنْ نَبْعَة ٍ … رَفَّتْ على أَعْراقِها الأَفْنانُ

يا مَنْ تَضاءَلَ دونَ غايتهِ العِدا … وَعَنا لِسَوْرَة ِ بَأْسِهِ الأَقْرانُ

أَيَّامُنا الأَعْيادُ في أَفْيائِكُمْ … بِيضٌ كَحَاشِيَة ِ الرِّداءِ لِدانُ

فاستَقْبِلِ الأضحى بِمُلكٍ طارفٍ … لِلعِزِّ في صَفَحاتهِ عُنوانُ

وَتَصَفَّحِ الكَلَمِ الّتي وَصَلَتْ بها … مِرَرَ البلاغَة ِ شِدَّة ٌ ولَيانُ

تُلقي إليَّ عِنانَها عَنْ طاعَة ٍ … وَلَها على المُتَشاعِرينَ حِرانُ

فَالمَجْدُ يَأْنَفُ أَنْ يُقْرِّظَ باقِلٌ … أَرْبابَهُ ، وَلَدَيْهِمُ سَحْبانُ

وَالشِّعْرُ راضَ أَبِيَّهُ لي مِقْوَلٌ … ذَرِبُ الشَّبا، وَفَصاحَة ٌ وَبَيانُ

وَيَدي مُكَرَّمة ٌ فلا أَعطو بِها … مِنَحاً على أَعْطافِهِنَّ هَوانُ

والماءُ في الوَجَناتِ جَمٌّ، وَالغِنى … حيثُ القَناعَة ُ ، وَالحشَى طَيَّانُ

تَلِدُ المُنى هِمَمٌ وَتَعَقُمُ هِمَّتي … فَيَمَسُّهُنَّ الهُونُ وَهيَ حَصَانُ