لِمَنْ فِتْيَة ٌ مَنْشُورَة ٌ وَفَراتُها – الأبيوردي

لِمَنْ فِتْيَة ٌ مَنْشُورَة ٌ وَفَراتُها … رَواعِفُ في أيمانِها قَنَواتُها

تُليحُ بِهِمْ جُرْدُ المَذاكي عَوابِساً … وَقد طاوَلَتْ أرماحَهُمْ صَهَواتُها

إذا الحَرْبُ شُبَّتْ بِالأَسِنَّة ِ وَالظُّبَى … فَهُمْ حينَ تَصْطَكّ القَنا جَمَراتُها

لَهُمْ في بَني البَرْشَاءِ قَتْلى كَأَنَّما … أُميلَتْ عَلى بَطحائِهِمْ نَخَلاتُها

تَدوسُهُمُ خَيْلٌ عِتاقٌ وَغِلْمَة ٌ … تَسيلُ على حَدِّ الظُّبى مُهجاتُها

وَقَدْ عَلِمَتْ عُلْيا نِزارٍ وَيَعْرُبٍ … غَداة َ اسْتثيرَ النَّقْعُ، أنّا كُماتُها

تُلَوّي أنابيبَ الرِّماحِ بِطَعْنة ٍ … مُخالِسَة ٍ تَزْوَرُّ عنها أُساتُها

وَتُولِغُ في اللّبّاتِ بِيضاً فَتَنْثَني … مِنَ الدَّمِ حُمراً تَلْتَظي شَفَراتُها

وَهَلْ نَحْنُ إلاّ عَصْبَة ٌ خِنْدِفِيَّة ٌ … تَرادَفُ غاياتِ العُلا سَرَواتُها

تُضَوِّعُ أرياحَ النَّجيعِ دُروعُهُمْ … وَتَنْفَحُ مِسْكاً ساطِعاً حِبَراتُها

وَتَدْعو إذا اسْتَشْرى العِدا : يا لَغالِبٍ … فتشرقُ مِن أَبْطالِنا قَسَماتُها

وَهُمْ في سَرابيلِ الحَديديِ ضَراغِمٌ … وَمِنْ قَصدٍ خَطِّيَّة ٍ أَجَماتُها

وَتَطغَى بِنا يَومَ الوَغى جاهِليَّة ٌ … تَرَدّدُ في أعْطافِنا نَخَواتُها

وَنَسْحَبُ أذيالَ السَّوابِغِ ، والقَنا … شَوارِعُ، والهَيجاءُ شَتّى دُعاتُها

فَلِلّهِ حَي مِنْ كِنانَة َ أرْقَلوا … إلى رُتَبِ لا تُمتَطَى هَضَباتُها

بِأَيمانِهِمْ بِيضٌ مشاريفُ تَخْتَلي … رُؤُوساً من الأعداءِ مالَتْ طُلاتُها

بِأَفْيائِهِمْ قُبٌّ عناجيجُ ، تَرْعَوي … إِلَيْهِمْ لَدى أَطنابِهِمْ مُهَراتُها

يَشُبّونَ بِالبَطْحاءِ ناراً قَديمة ً … تَوَقَّدُ والآفاقُ خُضْرٌ لَظاتُها

وَتَدْمَى عراقيبُ المَطيِّ إذا حَدتْ … إِليهمْ أَعاريبَ الفَلا سَنَواتُها

إذا ما عَقَدْنا رايَة ً مُقْتَدِيَّة ً … رَجَعنا بِها خفَّاقَة ً عَذَباتُها

يَسيرُ حَوالَيها المُلوكُ بِأَوْجهٍ … تُباهي ظُبَى أَسْيافِهِمْ صَفَحاتُها

إذا رَكزوها فالأنامُ عُفاتُهُمْ … وَإنْ رَفَعوها فَالنُّسورُ عُفاتُها

تَرُدُّ شُعاعَ الشَّمْسِ عَنْهُمْ أَسِنَّة ٌ … تَذوبُ عَلى أَطرافِهِنَّ أَياتُها

وَتَخْتالُ فيهم عَزْمَة ٌ نَبَوِيَّة ٌ … إذا الحَرْبُ طاشَتْ وَقَّرَتْها أَناتُها

لَكُمْ يا بني العَبّاسِ في المَجْدِ سورَة ٌ … تَبَحْبَح في حَيَّيْ نِزارٍ بَناتُها

وَأَنْتُمْ أَعالي دَوحْة ٍ مُضَرِيَّة ٍ … تَطيبُ على مَرِّ اللَّيالي جَناتُها

إذا انْتَضَلَتْ بِالفَخْرِ كَعْبٌ تَوَشَّحَتْ … بِكُمْ غُرَراً مَشهورة ً جَبَهاتُها

إليكم رسولُ اللهِ أَوصى بأُمَّة ٍ … أقامَتْ بِمُسْتَنِّ الرَّشادِ غُواتُها

فَمَهزوزَة ٌ إنْ رُوِّعَتْ أَسَلاتُكُمْ … وَمَغْفورة ٌ إنْ أَذنَبَتْ هَفَواتُها

وَلَمْ تُشْرِقِ الأَيَّامُ إلاّ بِعَدْلِكُمْ … فَما أَحسَنَ الدنيا وَأنتمْ حُماتُها

وَفيكم سجايا مِنْ قُصَيٍّ وإنَّما … مَساعي الإمامِ القائميِّ صِفاتُها

وَيَنْسِبُها شِعري بِأكْنافِ بابِلٍ … كَما انْتَسَبَتْ وَهْناً لِصَحْبِي قَطاتُها

لَكُمْ أَوْجُهٌ ، لِلْعَيْنِ فيهُنَّ مَسْرَحٌ … حَكَتْ مَشْرِفِيَّاتٍ أُرِقَّتْ ظُباتُها

وَأَيْدٍ كَما حَلَّ الغَمامُ نِطاقَهُ … تُدِرُّ أَفاويقَ الغِنى نَفَحاتُها

فَمَنْ مُبلِغٌ أَفناءَ خِندِفَ أنَّني … بِأَفْنِيَة ٍ مُخْضَرَّة ٍ عَرَصَاتُها

يَروحُ على صَحْبي بِأرجائِها النَّدى … وَتَغْدو بِأشعاري إليها رُواتُها

وَتَغليِ بأَسرارِ العُذَيبِ ضَمائري … وَلكِنْ قَليلٌ في النَّوى هَفَواتُها

وَتُطِرُ بني الذِّكرى فَأَشتاقُ فِتيَة ً … تَدورُ عَلى باغي القِرَى جَفَناتُها

وَأَكْتُمُ ما لَو شاع أَغرى بِيَ العِدا … فَبِالجِزْعِ أحلامٌ خَفيفٌ حَصاتُها

وَأَذكُرُ أَيَاماً بِجَرعاءِ مالِكٍ … رِقاقاً حَواشيها غِضاباً وُشاتُها

وَلَو عَلِمَتْ بَغدادُ أَنَّ ركائِبي … عَلى ظَمَأٍ لاَسْتَشْرَفَتْ لي صراتُها

ولكنَّها تحتَ الأَزمَّة ِ خُضَّعٌ … إذا جَأجَأتْ بي من بَعيدٍ سُقاتُها

فَأَوردَها الرَّأيُ الظَّهيريُّ مَسرْحاً … عَلى نُغَبٍ زرقٍ تَجَلَّتْ قَذاتُها

وَتِلْكَ رِكابي إنْ غَرضْنَ بِبَلْدَة ٍ … بَكَرْنَ وَلَمْ تَشْعُرْ بِسَيْري بُزاتُها

تَرودُ مَصابَ المُزْنِ أنّى تَلَوَّمَتْ … وَتُنْكِرُ أَفلاقَ الحَصَى ثَفَناتُها

فَلا خَيَّمَتْ إلاَّ لَدَيكُمْ مَدائِحي … وَلا ساقَها إلاّ إِلَيْكُمْ حُداتُها