حاشاك من عارية ٍ تردُّ – مهيار الديلمي
حاشاك من عارية ٍ تردُّ … ابيضَّ ذاك الشعرُ المسودُّ
أشرفَ بازيَّ على عزابه … حتى ذوي الغصنُ ولان الجعدُ
أتعبني بخاضبٍ مصددٍ … لو كان من هجومهِ يصدُّ
و ثالمٍ بلقطه ثنية ً … معروفة ً من يومها تسدُّ
يصبغ سوداءَ ودون أخذه … بيضاءُ تخفي تارة وتبدو
أخلقَ جاهي في ذوات الخمرِ مذ … ليثَ خمارٌ ليَ مستجدُّ
قلنَ وقد عتبتُ في وثائق … نقضنها ما غادة ٌ وعهدُ
نافى َ بك الشيبُ بطالاتِ الصبا … الليلُ هزلٌ والنهارُ جدُّ
فقلتُ نصلٌ لا يذمُّ عتقهُ … قلنَ فأينَ الماءُ والفرندُ
كان قناة ً فغدا حنية ً … ظهرك ما القضيبُ إلا القدُّ
سائل بني سعدٍ وأيّ مأثمٍ … لم يتقلدْ منكِ ظلما سعدُ
أهندُ قالت ملني وحلفتْ … تحللي حالفة ً يا هندُ
أمنكِ بين أضلعي جناية ٌ … أعجبْ بها نارا خباها زندُ .
وعدكِ لمْ أخلفَ يومَ بابلٍ … بل كان سحرا واسمهُ لي وعدُ
خصركِ صعفا واللسانُ ملقاً … دقا عليك أن يصحَّ عقدُ
ضاع الهوى ضياعَ من يحفظه … و مات مع أهل الوفاء الودُّ
أنجُ ربيحَ العرضِ واقعدْ حجرة ً … منفردا إن الحسامَ فردُ
كم مستريحٍ في ظلالِ نعمة ٍ … و أنت في تأميله تكدُّ
طالك بالمال ولو أريتهُ … صونا رآك معهُ تعدُّ
ملكتُ نفسي مذ هجرتُ طمعي … اليأسُ حرٌّ والرجاءُ عبدُ
و لو علمتُ رغبة ً تسوق لي … نفعا لخفتُ أن يضرَّ الزهدُ
جربتُ أخلاقَ الرجال فإذا … بسمحها مع السؤال نكدُ
و رمتُ أيديهم بكلَّ رقية ٍ … تلين والأيدي معي تشتدُّ
لم يعيني فضلٌ أداريهم به … و إنما أعيا عليّ الجدُّ
ما كان من شعشعَ لي سرابهُ … غرَّ فمي وقلتُ ماءٌ عدُّ
في الناس منْ معروفهُ في عنقي … غلُّ وفيهم من جداه عقدُ
مثلُ الحسينِ إن طلبتُ غاية ً … فاتت وهل مثلٌ له أوندِ
فات الرجالَ أن ينالوا مجده … مشمرٌ للمجدِ مستعدُّ
غلسَ في إثر العلا وأشمسوا … فجاء قبلا والنجومُ بعدُ
و من بني عبد الرحيم قمرٌ … كلُّ لياليه تمامٌ سعدُ
ما نطفة ُ المزنِ صفت طاهرة ً … أطيبُ مما ضمَّ منه البردُ
لابنهُ لا تلفِ القضيبِ عاسياً … و اصعبْ يزاحمك ثقيلا أحدُ
من المحامين على أحسابهم … بمالهم فالفقرُ فيهم مجدُ
لا يتمنون على حظوظهم … أن يجدوا دنيا إذا لم يجدوا
سخوا ولم تبن عليهم طيءٌ … و فصحوا ولم تلدهم نجدُ
كانوا الخيارَ وفرعتَ زائدا … و النارُ تعلو وأبوها الزندُ .
يا مؤنسي بقربه سلْ وحشتي … بعدك ما جرّ عليَّ البعدُ .
أكلَّ يومٍ للفراق فيكمُ … تعمدٌ يسوءني أو قصدُ
ما بين أن يحبرني لقاؤكم … حتى النوى فنعمة ٌ وجهدُ
و كيف لا وأنتمُ في نوبي … يدٌ وظهرٌ وفمٌ وعضدُ
ريشُ جناحي بكمُ مضاعفٌ … و حبلُ باعي منكمُ ممتدٌ
كم تحملون كلفي ثقيلة ً … كأنّ حملي ليس منه بدُّ
مبتسمين والثرى معبسٌ … بيضَ الوجوهِ والخطوبُ ربدُ
قد فضلتني سرفا ألطافكم … فحسبكم . لكلَّ شيءٍ حدُّ
أبقوا عليّ إنما إبقاؤكم … ذخرٌ ليومِ حاجتي معدُّ
شيبكمُ والنصفاءُ منكمُ … و الغرُّ من شبابكم والمردُ
في نجوة ٍ أيدي الخطوب دونها … بترٌ وأجفانُ الليالي رمدُ
أراك فيها كلَّ يومٍ لابسا … ثوبا من النعماء يستجدُّ
يزورك الشعرُ به في معرضٍ … منشدهُ يحسبُ طيباً يشدو
و ربما أذكرُ ما أنساكَ من … رسمي اتفاقٌ ساءني لا عمدُ
سيفكَ في الأعداءِ لمْ خلفتهُ … مجرداً ليس عليه غمدُ
و كيف طبتَ أن يرى فريسة ً … نفساً وأيامُ الشتاء أسدُ
يحتشمُ النيروزُ من إطلاله … و المهرجانُ يقتضيكَ بعدُ