أنبِّه طرفي وهو يخدع بالحلمِ – مهيار الديلمي

أنبِّه طرفي وهو يخدع بالحلمِ … وأصدُقُ نفسي وهي تقنع بالرَّجمِ

أسرُّ بأن أبقى وهلكي من البقا … وأكرهُ أن أذوى ومن صحتي سقمي

تمسّكت من دهري بمستلب القوى … ضعيف الذمامِ واحدِ الحمدِ والذمِّ

أصابُ بخطبٍ منه إما مفوّقا … إليّ وإما خاطئا عاثَر السهمِ

وما أنا في الأمرين إلاّ رديئة ٌ … إذا كان رامٍ لا محالة َ أن يصمي

حلمتُ على الأيام حتّى ظننتني … على فرط ما يظلمنَ أسفهُ بالحلمِ

وأعلمُ لو صاعبتهنَّ بأنني … أحاربُ شيئا ثم أجنح للسلمِ

تنقِّصُ منّى كلَّ يومٍ وليلة ٍ … وتعجبني إن زاد شربي أو طعمي

وما أنا إلا شارب الماءِ من دمي … مغالطة ً أو آكلُ الزادِ من لحمي

ولم أر كالدنيا بغيضا محبَّبا … ولا عدلَ مثل الموتِ أشبهُ بالظلمِ

ألا جاءني والقولُ حقٌّ وباطلٌ … نعيٌّ تغشَّى ثمَّ أقشعَ عن رغمي

أغمِّض عيني منه عن كاشف العمى … وأسترُ أذني فيه عن مسمع الصُّمِّ

أصبنا بأمٍّ تعجب الحالُ أنه … بأمثالها في الفخر يوفى على العمِّ

خليليَّ من كسرى بن سابورَإنما … عظيمكما المدعوُّ في النوبِ العظمِ

قفا فانظرا حزني بعادي مصابها … إذا انضمَّ في الأحزان سقمٌ إلى سقمِ

أسلَّى بفرعي بعد أصلي فإنما … إلى العظم تفضي مشية ُ الداءِ في اللحمِ

وفي الأمر أن تنسى ولا مثل هذه … تنافى المعاني قي تشاركها في اسمِ

فإن لم يكن لي عندها بولادة ٍ … مكانُ البنين من حضانٍ ومن ضمِّ

فقد ولدتْ نفسا كنفسى كرامة ً … عليّ وإن حدَّتْ بجسمٍ سوى جسمي

وفي الإخوة الجافين أبناءُ علَّة ٍ … وفي الأجنباءِ الأصفياء بنو أمِّ

ألا لا تعرِّفها بغير ابنها أبا … وقد ينسبُ الإنسان يوما بمن ينمي

أيشفيك أن تبكي فهذي مدامعي … ببيضٍ وحمرٍ بين سكبٍ إلى سجمِ

وإن تحمل الأحزانَ دونك أضلعي … فوا الله لا جلدي يخورُ ولا عظمي

وهل ردّ ميتا مسرفٌ في غرامهِ … فأنفقَ نفسي عنك هيِّنة َ الغرمِ

ويسليك أن الفضل تربك والتُّقى … بما سلبا منها شريكاك في اليتمِ

فإن أخَّرتك باقياً وتقدَّمتْ … بلا جزع لاقته فيك ولا إثمِ

ففي العيش ما يشتاق منه إلا الردى … وفي الوصل ما يحتاج فيه إلى الصُّرمِ

سقاها ولولا قولهم أنتَ مسرفٌ … لقلت سقت من لحدها باكرَ الوسمي

غمامٌ إذا ما احتلَّ ربعاً تظاهرتْ … عليه الأيادي البيضُ من سحبهِ السُّحمِ

وإلا فجفني نائبٌ عن جهامهِ … ووجهُ بكائي الطلقُ عن وجههِ الجهمِ