ظلُّ المنى واسعٌ والشملُ ملتئمُ – مهيار الديلمي

ظلُّ المنى واسعٌ والشملُ ملتئمُ … يا دارُ لا غدرت يوما بكِ النِّعمُ

ويا رُبى ً سعدت من بعد ما شقيتْ … دامت عليك فأرضتْ روضكِ الديمُ

إن يلتفت عنكِ وجهُ الدهر منقبضا … بالأمس فهو إليك اليومَ مبتسمُ

أو يستحلَّ حماك الجدبُ يقتله … عاماً فعاماً فهذي الأشهرُ الحرُمُ

دارُ الهوى أنتِ يادارَ السلامإذا … أحبابنا فيكِ من صرف الردى سلموا

كم طالعٍ فيكِ لولا أنه قمرٌ … لم يبدُ ليلا وتحتَ الصبح يكتتمُ

ومائل القدّ لم تعتدْ شمائله … ضلالة َ الحبِّ لولا أنه صنمُ

وسائرين إذا ساروا وما رفعتْ … لهم قبابٌ وما حطَّتْ لهم خيمُ

بيني وبينهمُ إن جدَّ بينهمُ … مرمى ً على مقتفيآثارهم أممُ

مسافة ُ العين ما امتدّت فإن فضلتْ … عن مطرح العين لم ينصبْ لهاعلمُ

سكانُ دجلة َ غربيُّون لو حلفوا … لا تبصر الشمسُ مغناهم لما أثموا

لله منهنَّ مقبولٌ تحكُّمها … لها على الصمت وجهٌ ناطقٌ خصمُ

لما رأتْ شعرا في الرأس تنكره … وكيفَ ينكر زيدٌ واسمه علمُ

قالت تزكِّيه عندي وهي تسبغه … ما أوقرَ الشيبَ لولا أنه هرمُ

مدَّت إلى الملك ترعاه وتنصره … يدٌ مقبَّلة ٌ والركنُ مستلمُ

يدٌمع الله في حالى تصرُّفها … بالحقّ تنعم أو بالحق تنتقمُ

قل للوزير وكم قادت مهابتهُ … من صعبة ٍ لم تكن بالقود تنخطمُ

نلني بها أنل الشعرى فقد شُرفتْ … بك الأماني وعاشت عندك الهممُ

ورشتَ محصوصة َ الأدابِ فانفسحتْ … محلّقاتٍ لهنّ القورُ والقممُ

من بعد ما كان فضلُ المرء منقصة ً … في الناس ما قام يبغى الفضل عندهمُ

كنا نحيلُ على الدنيا تجرُّمهم … مغالطين وندرى فيمن الجرمُ

ونشتكي دهرنا والذنبُ ليس له … والدهرُ مذ كان مظلومٌ ومتَّهمُ

يجني امرؤ ولياليه تعابُ به … وتفسدُ الناسُ والأيام تختصمُ

والدهرُ يجفو لئيما إن بنوه جفوا … فيه ويصفو كريما إن همُ كرموا

واليومُ كالأمس لا فرقانَ بينهما … ملوكنا دهرنا والفرقُ بينهمُ

ذا الماءُ ذاك وهذي الشمسُ تلك وما … حالا وقد حالت الألوانُ والطُّعمُ

ما ذاك إلا لأن نافيتهم فنفتْ … يداك عن منهلِ التدبير شوبهمُ

وأنّ مصلحة الدنيا وسيرتها … دقيقة ٌ في العلا أبهرتها وعموا

عادى بك الناسُ ناسا والزمانُ فتى ً … وقام ظهرٌ حناه الشيبُ والهرمُ

لكلّ وقت نصيبٌ منك تلحظه … فيه العناية ُ حتى تستوي القسمُ

يومٌ بعدلك مات الظلمُ فيه إلى … ليلٍ بنورك ماتت تحته الظُّلَمُ

لم يرضَ جودك أن تخضرَّ مخصبة ً … به الظواهرُ حتى ابيضّت العتمُ

وليلة من ضياءٍ وهي مظلمة ٌ … بليلة ٍ من جمادى وهي تضطرمُ

وجهُ الزمان بها حرّانُ ملتهبٌ … وقلبه باردٌ من حسنها شبمُ

تاهت على العام إذ صيَّرتها علما … فيه وبالنار ليلا يعرفُ العلمُ

افتح عليّ وعلِّمني الذكاء أصفْ … هذا مقامٌ على الأفكار ينعجمُ

أدارك الأفقُ العالي أم اعتصمت … بها السماء يقينا إنها حرمُ

أم الكواكبُ من شوف إليك هوت … ترجو نداك فمجموعٌ ومنفصمُ

أم أنتَ يوسفُموعودا وقد سجدتْ … لك النجومُ وهذا كلُّه حلمُ

ومرهفات على حدّ الظلام لها … حدّ به ترهفُ الهنديّة الخذُمُ

إذا وقفن صفوفا للدجى ثبتتْ … أقدامهنَّ له والهامُ تنهزمُ

تزداد نورا إذا أبصارها انتقصتْ … قصّاً وتنبتُ إمَّا جزَّت اللِّممُ

من كل خافقة ِ الأحشاء ساكنة ٍ … تضاحك الليلَ والأجفانُ تنسجمُ

فلستُ أدري أخوفٌ منك خامرها … حتى بكت أم رجاءٌ فهي تبتسمُ

هيفاءُ دقّتها فيها وصفرتها … من صحّة ٍ وهما في غيرها سقمُ

قامت على فرد ساقٍ ما لها قدم … تشكو الجوى بلسانٍ ما حواه فمُ

إما قناة ً وقد خاض السنانُ دماً … أو إصبعا تتلظّى مسَّها عنمُ

وذي قوائمَ لا يمشى بأربعة ٍ … حتى يُساق فيدنى وهو يهتضمُ

تحوطهُ نثرة ٌ ينفى بلبستها … عنَّا إذا جدَّ لا عن جسمه الألمُ

لها اسمُ درعٍ ومعناها وليس لها … ما تفعل الدرعُ والهيجاءُ تقتحمُ

إنْ أضرمتْ فهي تاجٌ أو خبتَ ظهرتْ … أقراطها الحمرُ أو أصداغها الفحمُ

رسمٌ من النحل كان الملكُ عطَّله … أنشرتَ فيه بني كسرى وما رسموا

نعمى على العجم خصَّتهم كرامتها … لا بل تساهمَ فيها العربُ والعجمُ

قومٌ يرون القِرى بالنار يكسبهم … فخرا وقوم يرون النارَ ربَّهمُ

لا تنكرنْ كثرة َ السؤَّالِ ما اقترحوا … والمادحين فقد قالوا بما علموا

من أوقد النارَ مطروقا ومن رفعَ ال … حجابَ عن طالبي معروفه ازدحموا

تعطى السماءُ قليلا وهي باكية ٌ … شحّاً ويعطى كثيرا وهو يبتسمُ

عوَّدت سمعك أن يحلو الثناءُ له … كأنّ كلَّ قريضٍ شقَّه نغمُ

وأوفد الناسَ أفواجا إليك فمٌ … جوابُ كلّ سؤال عنده نعمُ

لا كالغريبة ِ أيديهم وألسنهم … لم يركبوا الخيلَ إلا بعد ما هرموا

كنّا نخبَّر عن قومٍ وقد درسوا … أخبارَ جودٍ مع الإكثار تتَّهمُ

ونحسبُ الناسَ زادوا في حديثهم … ونمَّقوا بحكوماتِ الهوى لهمُ

فجاء جودك برهانا لما نقلتْ … منه الرواة ُ وتصديقا لما زعموا

كانوا كراما وأيمُ الله لو بعثوا … حتى يروك لقالوا هكذا الكرمُ

ختمتهم وبراك الله خيرهمُ … جوداكما بكلامي تختم الكلمُ

أنا المقدَّمُ والدنيا توخِّرني … عن ذا المقام ألا من بيننا الحكمُ

كم أخواتٍ لها زُفَّتْ وما خُطبتْ … كوني أباها ولم يسمعْ لها يتمُ

وواصلين فموصولين لو فهموا … شعري بحملهم منه الذي فهموا

أصبحتُ أحرمُ من نعماك ما رزقوا … وكنتُ أعهدُ مرزوقا إذا حرموا

تعلَّمنَّ إذا سوّيتني بهمُ … فيمن زكت وعلى من تحسنُ النِّعمُ

فاسمع وقوِّمْ فما ضاعت ولا غبنتْ … وأنت تاجرها الأقدارُ والقيمُ

وما أسفتُ لمالٍ فاتَ فازَ به ولا تزال لوقتٍ مانتحر مني وإنما فلتاتُ الجود تُغتنمُ … غيري بلى فاتني الأخلاقُ والشيمُسقط بيت ص