تَرَنَّحَ مِنْ بَرْحِ الغَرامِ مَشُوقُ – الأبيوردي
تَرَنَّحَ مِنْ بَرْحِ الغَرامِ مَشُوقُ … عَشِيَّة َ زُمَّتُ لِلتَّفَرُّقِ نُوقُ
فَباتَ يُواري دَمْعَهُ بِرِدائِهِ … وَأَيَّ دُموعٍ في الرِّداءِ يُريقُ
إذا لاَحَظَ الحَيُّ اليَمانُونَ بارِقاً … لَهُ تَحْتَ أذيالِ الظَّلامِ خُفوقُ
تَمَطَّتْ إلى حُزْوى بِهِمْ غُرْبَة ُ النَّوى … وَعَيْشُ اليَمانِي بِالسَّراة ِ وَرِيقُ
وَلَولا الهَوى لَمْ أُتْبِعِ الطَّرْفَ بازِغاً … كَما اهْتَزَّ ماضِي الشَّفْرَتَيْنِ ذَلِيقُ
وكانَ غُرابُ البَيْنِ يُخشَى نَعيبُهُ … فَكيفَ دَهَتْنِي بالفِراقِ بُرُوقُ
وفي الرَّكْبِ مِنْ قَيْسٍ رَعابِيبُ، عَهْدُها … لَدَيَّ، وَإنْ شَطَّ المَزارُ، وَثيقُ
فَيا سَعْدُ كُرَّ اللَّحْظَ هَلْ تُبْصِرُ الحِمَى … فإنْسانُ عَيْنِي في الدُّموعِ غَريقُ
وَمَنْ هؤُليَّاءِ العُريْبُ عَلى اللِّوى … لِخَيْلِهِمُ بِالوادِيَيْنِ عَنيقُ
فَثَمَّ عَرارٌ يُسْتَطابُ شَميمُهُ … وَظِلٌّ كَخِيطانِ الأَراكِ صَفيقُ
أَرى السِّبْرَ مِنْهُمْ عامِرِيّاً وَكُلُّ مَنْ … ثَوَى مِنْ هِلالٍ بالعُذّيْبِ صَديقُ
وقَدْ عَلِقَتْني وَالنَّوَى مُطْمَئَنَّة ٌ … بِنا، مِنْ هَوى أُمِّ الوَليدِ عَلوقُ
وَلي نَشَواتٌ تَسْلُبُ المَرْءَ لُبَّهُ … إذا ما التَقَيْنا، وَالمُدامَة ُ رِيقُ
وقد فَرَّقَ البَيْنُ المُشَتِّتُ بَيْنَنا … فَشَطَّ مَزارٌ وَاستَقَلَّ رَفيقُ
وَأَشْأَمَ مِنْ جِيرانِنَا إذْ تَزَيَّلوا … فَريقٌ، وَأَعْرَقْنا ونحنُ فَريقُ
طَلَعْنا إلى الزَّوْراءِ مِنْ أَيْمَنِ الحِمى … ثَنايا بِأَخْفافِ المَطِيِّ تَضيقُ
نَزُورُ أَميرَ المُؤْمِنينَ، وَدونَهُ … خَفِيُّ الصُّوى مَرْتُ الفِجاجِ عَميقُ
وَلا أَرْضَ إلاّ وَهْيَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ … إلى بابِهِ لِلْمُعتَفِينَ طَريقُ
لَهُ هَزَّة ٌ في نَدوَة ِ الحَيِّ لِلنَّدَى … كَما هَزَّ أَعْطافَ الخَليعِ رَحيقُ
وَبِشرٌ يَلُوحُ الجُودُ منه وَهَيْبَة ٌ … تَروعُ لِحاظَ المُجْتَلي وَتروقُ
وَكَفٌّ كَما انْهَلَّ الغَمامُ طَلِيقَة ٌ … وَوَجْهٌ كَما لاحَ الهِلالُ طَليقُ
وَعِزٌّ بِمَرْسى الأَخْشَبَيْنِ مُخَيِّمٌ … وَمَجْدٌ لَدى البَيْتِ العَتيقِ عَتيقُ
إمامَ الوَرى إنِّي بِحَبْلِكَ مُعْصِمٌ … وَمَسْرَحُ طَرْفي في ذَراكَ أَنيقُ
أَسيرُ وَأَسْري لِلْمَعالِي، وَمَا بِها … لِطالِبِها إلاّ لَدَيْكَ لُحوقُ
وَأُزْهَى عَلى الأَيَّامِ وَهيَ َتروعُني … وَأَنْيابُها لارِيعَ جارُكَ رُوقُ
وقد وَلَدَتْني عُصْبَة ٌ ضَمَّ جَدَّهُمْ … وَجَدَّ بني ساقي الحَجيجِ عُروقُ
وَإنِّي لأَبوابِ الخَلائِفِ قارِعٌ … بِهِمْ وَلِساحاتِ المُلوكِ طَروقُ
وَلَولاكَ ما بَلَّتْ بِدِجْلَة َ غُلَّة ً … مَطايا، لَها تَحْتَ الرِّحالِ شَهيقُ
وَكَمْ خَلَّفَتْ أَنضاؤُها مِنْ مَعاشِرٍ … تَساوَى صَهيلٌ عِنْدَهُمْ وَنَهيقُ
فَإنِّي، وَإنْ ضَجَّتْ رِكابي مِنَ النَّوى … بِها حِينَ يَلْقَينَ الهَوانَ، خَليقُ