ألِفْتُ النَّدَى وَالعامِرِيَّة ُ تَعْذِلُ – الأبيوردي
ألِفْتُ النَّدَى وَالعامِرِيَّة ُ تَعْذِلُ … وَمِمّا أَفادَتْهُ الصَّوارِمُ أَبْذُلُ
فَلا تَعْذُليني يابْنَة َ القَوْمِ إِنَّني … أَجودُ بِما أَحوي، وبَالعِرضِ أبْخَلُ
وَلَلْحَمْدُ أَوْلى بِالفَتى مِنْ ثَرائِهِ … وَخَيرٌ مِنَ المالِ الثَّناءُ المُنَخَّلُ
وَمَنْ خافَ أنْ يَسْتَضْرِعَ الفَقْرُ خَدَّهُ … وَفَى بِالغِنى لي أَعْوَجِيٌّ وَمُنْصُلُ
وَمُكْتَحِلاتٌ بِالظَّلامِ أُثِيرُها … وَهُنَّ كَأَشْباحِ الأَهِلَّة ِ نُحَّلُ
ولا صَحْبَ لي إلاّ الأَسِنَّة ُ وَالظُّبا … بِحَيْثُ عُيونُ الشُّهْبِ بِالنَّقْعِ تُكْحَلُ
وَحَوْلِيَ مِنْ رَوْقَيْ أُمَيَّة َ غِلْمَة ٌ … بِهِمْ تُطْفَأُ الحَرْبُ العَوانُ وَتُشْعَلُ
سَرَيْتُ بِهِمْ وَالنّاجِياتُ كَأَنَّها … رِماحٌ بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الخَطِّ ذُبَّلُ
فَحَلُّوا حُبا اللَّيْلِ البَهيمِ بِأَوجُهٍ … سَنا الفَجْرِ في أَرْجائِها يَتَهلَّلُ
وَخاضُوا غِمارَ النّائِباتِ ، وَمالَهُمْ … سوى اللّهِ وَالرُّمْحِ الرُّدَيْنِيِّ مَعْقِلُ
يَرومُونَ أَمْراً دُونَهُ جُرَعُ الرَّدَى … تُعَلُّ بِها نَفْسُ الكَمِيِّ وتَنْهَلُ
على حينَ نابَتْنِي خُطوبٌ كَثيرَة ٌ … تَؤُودُ بِها الأَيّامُ مَتْنِي وَأَحْمِلُ
وَأُخْفي الصَّدى وَالماءُ زُرْقٌ جِمامُهُ … فَهُنَّ على الذُّلِّ السِّمامُ المُثَمَّلُ
وَمَنْ سَلَبَتْهُ نَوْشَة ُ الدَّهْرِ عِزَّهُ … فَنَحْنُ لِرَيْبِ الدَّهرِ لا نَتَذَلَّلُ
وَلَكِنَّنا نَحْمي ذِمارَ مَعاشِرٍ … لَهُمْ آخِرٌ في المَكْرُماتِ وَأَوَّلُ
وَلَمْ نَغْتَرِبْ مُسْتَشْرِفينَ لِثَرْوَة ٍ … فَمَرْعَى مَطايانا بِيَبْرِينَ مُبْقِلُ
وَقَد يَصْدَأُ السَّيْفُ المُلازِمُ غِمْدَهُ … وَمَنْ لا يَرِمْ أوْطانَهُ فَهْوَ يَخْمَلُ
فَبِتْنا وقد نامَ الأَنامُ عَنِ العُلا … نُسارِي النُّجومَ الزُّهْرَ وَاللَّيْلُ أَلْيَلُ
وَنَحْنُ عَلى أَثْباجِها جُرْدٍ كَأَنَّها … إِذا ما اسْتُدِرَّ الحُضْرُ ، بِالرِّيحِ تُنْعَلُ
فَأَوْجُهُها مِنْ طُرَّة ِ الصُّبْحِ تَكْتَسي … وَسائِرُها في حُلَّة ِ اللَّيلِ يَرفُلُ
وَتَعْلَمُ ما نَبْغي فَتَبْتَدِرُ المَدى … وَلَيْسَتْ عليها الأصبَحيَّة ُ تَجْهَلُ
وَيَقْدُمُها طِرْفٌ أَغَرُّ مُحَجَّلٌ … لِراكِبِهِ مَجْدٌ أَغَرُّ مُحَجَّلُ
فَلَمْ نَدْرِ إذ أمَّتْ بِنا بابَ أَحْمَدٍ … أَنَحْنُ إلى ناديهِ أَمْ هِيَ أَعْجَلُ
تَذودُ الكَرى عَنّا تِلاوَة ُ مَدْحِهِ … فَيَرْنو إلينا مُضْغِياتٍ وَتَصْهَلُ
أَغَرُّ، رَحيبُ البعِ، يُسْتَمْطَرُ النَّدى … جَميلُ المُحيّا، مِخْلَطُ الأَمرِ، مِزْيَلُ
فَفي راحَتَيْهِ لِلْمُؤَمَّلِ مُجْتَدى ً … وفي ساحَتيهِ لِلْمُرَوِّعِ مَوئِلُ
سَما وَالشَّبابُ الغَضُّ يَقْطُرُ مُاؤُهُ … إلى حيثُ يُقْصي النَّظْرَة َ المُتَأَمِّلُ
وَكانَ أَبوهُ يَرْتَجي خَيْرَهُ الوَرى … وَهذا المُرَجَّى مِنْ بَنيهِ المُؤَمَّلُ
وَقَدْ وَلِهَتْ شَوْقاً إِلَيْهِ وِزارَة ٌ … لَها في بَنى إسحاقَ مَثوى ً ومَنْزِلُ
بِهِمْ زُيِّنَتْ إذُ زِينَ غَيرُهُمْ بها … وَقَدْ يَسْتَعيرُ الحَلْيَ مَنْ يَتَعَطَّلُ
وَشامَ لَها الأعداءُ بَرْقاً فَأَصْبَحَتْ … عَلَيهِمْ بِشُّؤبوبِ المَنيَّة ِ تَهْطِلُ
وقد خَيَّمَتْ فيها بِدارِ مُقامَة ٍ … فليسَ لَها عَنْ رَبْعِهِمْ مُتَحوَّلُ
وَلِلدُّرِّ حُسْنٌ حَيْثُ عُلِّقَ عِقْدُهُ … وَلكنَّهُ في جِيدِ حَسناءَ أَجْمَلُ
مِنَ القَوْمِ لا مَأْوى المَساكِينِ مُقْفِرٌ … لَدَيْهِمْ، ولا مَثوَى الصَّعالِيكِ مُمْحِلُ
غَطارِفَة ٌ إن حُورِبُوا أَرْعَفُوا القَنا … وَإن سُئلوا النُّعْمى لَدى السِّلمِ أَجزَلُوا
فَدُونَكَها غَرَّاءُ لَوْ رامَ مِثْلَها … سِوايَ بليغٌ ظَلَّ يُصْفِي وَيُجْبِلُ
دَنَتْ وَنَأَتْ إذْ أَطْمَعَتْ ثُمَّ أَيْأَسَتْ … وَقد أحْزَنَ الرَّاؤونَ فيها وَأَسْهَلوا
فَأَجْزَلُها بُرْدٌ عَلَيْكَ مُسَهَّمٌ … وَأَسْهَلُها عِقْدٌ لَدَيْكَ مُفَصَّلُ
وَها أَنا أَرْجو أَنْ نَعِيشَ بِغِبْطَة ٍ … جَميعاً وأنتَ المُنْعِمُ المُتَفَضِّلُ
فَمِنكَ نَدى ً غَمْرٌ وَمِنِّيَ شُكْرُهُ … ونحنُ كما نَهوى أَقولُ وَتَفْعَلُ