أُناشِد دَهْري أن يَعودَ كما بَدا – السري الرفاء

أُناشِد دَهْري أن يَعودَ كما بَدا … فقَد غارَ بي في الحادثاتِ وأنجَدا

توعَّدَني من بَعْدِ ما وَعَدَ الغِنى … فأنجزَ إيعاداً وأخلَفَ مَوعِدا

و كنتُ أرى الأيامَ ظِلاَّ مُمَدَّداً … و مُهْتَصَراً غَضّاً وعَيشاً مُمَهَّدا

فَصِرْنَ لرَيْبِ الدَّهْرِ سَهْماً مُسَدَّداً … و أسمرَ خَطِّيّاً وعَضْباً مُجَرَّدا

سَقاهاو ما السُّقْيا بكفِّ صَنيعِها … خَليعِ الحَيا إنْ جَرَّ بُرْدَيْهِ غَرَّدا

فزارَ من الدَّيْرّيْنِ إلْفاً ومَألَفاً … و جادَ على النَّهرين عَهْداً ومَعْهَدا

مَراقدُ من بُسْطِ الرِّياضِإذا اكتفى … بِهِنَّ صريعُ الرَّاحِ لم يَنْبُ مَرْقَدا

و ليلٍ كأنَّ التُّرْبَ تحتَ رِواقِه … مُنّدًّى بماءِ الوَردِ ما باشَرَ النَّدى

تُعانِقُنا فيه الرِّياحُ مَريضة ً … كأَنَّا لَقيناها معَ الصُّبحِ عُوَّدا

أَرَتْنا اللَّيالي قَصْدَها دونَ جَوْرِها … و شأنُ اللَّيالي أن تجورَ وتَقْصِدا

و من عَجَبٍ أنَّ الغَبِيَّينِ أبرَقا … مُغِيرَيْنِ في أقطارِ شِعْريو أرعَدا

فَقَد نَقلاه عن بياضِ مَناسبي … إلى نَسَبٍ في الخالديَّة ِ أسودَا

و إنَّ عَلِيّاً بائعَ الملحِ بالنَّوى … تجرَّدَ لي بالسَّبِّ فيمَن تجرَّدا

و عندي له لو كان كُفءَ قوارضي … قوارضُ يَنثُرْنَ الدِّلاصَ المُسَرَّدا

و مغموسَة ٌ في الشَّرْيِ والأرْيِ هذه … ليَرْدَى بها باغٍو تلكَ لتُرتَدَى

إذا رامَ عِلْجُ الخالديَّة ِ نيلَها … أَخذْنَ بأعنانِ النُّجومِ وأخلَدا

لكَ الويلُ إن أطلقْتُ بيضَ سيوفِها … و أطلقْتُها خُزْرَ النَّواظِرِ شُرَّدا

و لستَ لجِدِّ القَوْلِ أهلاًفإنما … أُطيرُ سِهامَ الهَزْلِ مثنى ً ومَوْحِدا

نَصَبْتَ لِفتيانِ البَطالَة ِ قُبَّة ً … ليَدخُلَها الفِتيانُ كَهْلاً وأمرَدا

و كان طريقُ القَصْفِ وعراً عليهمُ … فسهَّلْتَه حتى رَأَوه مُعبَّدا

و كم لَذَّة ٍ لا مَنَّ فيها ولا أذًى … هَدَيْتَ لها خِدْنَ الضَّلال فأفسدا

قصدتَهمُ وزناًفساوَيْتَ بينَهُم … و لم تأخذِ السَّيفَ الشَّديدَ لتَقْصِدا

و جئتَهمُ قبلَ ارتدادِ جُفونِهِم … بمائدة ٍ تُكْسَى الشَّرائِحَ والمِدَى

و مبيضَّة ٍ مما قراه محمدٌ … أبوك لكي تَبيضَّ عِرْضاً ومَحتِدا

نَثَرْتَ عليها البَقْلَ غَضّاًكأنما … نَثَرْتَ على حُرِّ اللُّجَيْنِ الزَّبَرْجَدا

و مصبوغَة ٍ بالزَّعفرانِ عريضة ٍ … كأنَّ على أَعْضائِها منه مِجْسَدا

تَرَقَّبَها الصَّيَّادُ يَوْماًفقادَها … كما قُدْتَ بالرِّفقِ الجَوادَ المُقَيَّدا

و لم يَدْرِ إذ أنجى لها بِردائِه … أكانَ رِداً ما ارتدَّ منه أَم رَدى

تُريكو قد عُلَّت بياضاً بصُفرَة ٍ … مِثالاً من الكافورِ أُلبِسَ عَسْجَدا

يَحُفُّ بها منهم كهولٌ وفتية ٌ … كأنهمُ عِقْدُ يَحُفُّ مُقلَّدا

فلا نَظَرُ الدَّاعي إلى الزَّادِ كَفَّهم … و لا خَجلَة ُ المدعوِّ ردَّتْ لهم يَدا

و مِلْتَ بهم من غيرِ فَضلٍ عليهمُ … إلى الوَرْدِ غضّاً والشَّرابِ مُورَّدا

فيا لَكَ يوماً ما أَخَفَّ مؤونَة ً … و أعذبَ في تلكَ النُّفوسِ وأرغدا

مُناهدة ٌ إن باتَ مثلُكَ طيَّها … تَنفَّسَ مجروحَ الحشاأو تنهَّدا

فلا عَدِمَ الفِتيانُ منكَ قَرارة ً … أَيسلُّهُم سَعْداً عليَّ مُسْعِدا

مُعِدّاً لهم في كلِّ يومٍ مُجَوَّدٍ … من الرَّاحِ والرَّيحانِعيشاً مُجدَّدا

إذا وصَلوا أضحى الخِوانُ مُدَبَّجاً … و إن وصَلوا أمسى الخِوانُ مُجرَّدا

و إن شرَعوا في لَذَّة ٍ كنتَ بِيعَة ً ؛ … و إن طَعِمُوا في مَرفِقٍ كنتَ مَسجدا

لك القُبَّة ُ العَلياءُ أوضحْتَ فَتقَها … و أطلعْتَ منها للفُتوَّة ِ فَرْقَدا

يُصادِفُ فيها الزَّوْرَ جَدْياً مُبرَّزاً … و باطية ً ملأىو ظبياً مُغرِّدا

و قد فَضُلَت بِيضُ القِبابِ لأنني … نصبْتُ عليها بالقصائدِ مِطرَدا