مَنازِلُنا التي لَبِسَت بِلاَها – السري الرفاء
مَنازِلُنا التي لَبِسَت بِلاَها … و حالَتْ بَعدَ نُضرَتِهاحِلاَها
خَطَتكِ رِكابُنا لحُلولِ خَطبٍ … أناخَ على رَباكَ فما خَطَاها
مَنحنَاها القِلَى كُرهاًو لَولا … صُروفُ الدَّهرِ لم نَختَر قِلاها
يَميلُ بنا الهَوى طَرَباً إليها … فنَبكِيها ونَسعَدُ مِن بُكاها
تَلقَّاها الزَّمانُ بخَفْضِ عَيشٍ … و عاودَها السُّرورُ كما بَدَاها
نَقولُ لهاسَقاها الغيثُ رَيّاً … و قلَّ لها مَقالتُناسَقَاها
قَصورٌ حَلَّقَت في الجوِّ حتّى … لقَصَّرَتِ الكَواكِبُ عن مَداها
مُشَرِّفَة ٌكأنَّ بَناتِ نَعشِ … تُناجيهاإذا خَفقَت شِفاها
يُتَوِّجُها اصفرارُ الشمسِ تِبراً … فَتُمْشِي وَ هيَ مُذْهَبة ٌ ذُراها
و جَنَّاتٌ يحيِّي الشَّربَوَهْناً … جَنَى وَهَدَاتِهاو جَنَى رُباها
مُصَنْدَلَة ُ الثَّرىو الريحُ تَأْبَى … غرائبَ حُسنِها إلا اشتبَاها
إذا رَكَدَ الهواءُ علَت نسيماً … و إن فُقِدَ الغَمَامُ طَغَتْ مِياها
تَفرَّجَ وَشيُها عَن ماءِ وَردٍ … يَفيضُ على لآلٍ من حَصاها
إذا صَلَّتْ بها أوقاتُ فَرضٍ … جِباهُ الشَّربِ عَطَّرتِ الجِباها
و ذائدة ٍ دموعَ العَينِ صَفواً … إذا باتَت تُرَقرِقُ في صَفاها
تُعانِقُ رِيحُها لِمَمَ الخُزامى … و أعناقَ القَرَنْفُلِ في سُراها
و يَأبى زَهرُهاإلاّ هُجوعاً ؛ … و يأبَى عَرفُها إلا انتباها
قَرَاها الدَّهرُ بُوسَى واقشَعرَّتْ … مَغانِيها الحِسانُكما قَراهَا
ذَوَتْ أشجارُها الغِيدُ اللَّواتي … إذا عَبِثَ النَّسِيمُ بها ثَناها
و قد مَرِيَ الحَمامُ بها وكانت … على الأفنانِ لا يُغني مَراها
كأَنْ لم تَغْنَ عَرصَتُها بخُضرٍ … يُقَيِّدُ لَحْظَ مُبصِرِها غِناها
ترَقْرَقُ في نَواظِرِها دُموعٌ … أحَبُّ إلى النَّواظرِ من كَراها
و ساقية ٍ كأنَّ الريحُ ساقَت … إليها الخوفَ فارتعَدَتْ حشَاها
إذا نَظمَ الشَّقائقُ جَانِبَيها … أَرَتكَ صفائحاً دُمِيَت ظُباها
عفَت منَّا السُّوَيقة ُ فالمُصلَّى … فمُشرِقة ُ المِياه فمُلتقاها
ملاعبُ لو جُلِينَ غَداة َ دَجْنٍ … على النُّعمانِ آثر مُجتلاها
يُجلِّلُ رِيحُها الرِّيحانَ حسرَى … مُعَنبرة َ الهُبوبِ وهَتْ قُواها
و يَقصِدُ أو يَجُورُ بها سواقٍ … كحيَّاتِ الرِّمالِ عَصَت رُقَاها
و تَبتسمُ القِبابُ البِيضُ منها … على خَضراءَ مُحمرٍّ جَناها
على جرعاءَ مَيسَاءَ النَّواحي … يُلبِّدُ نَقْعَ تُربتِها نَداها
تُساقُ إلى أَصائِلها النَّدامَى … فتُنسِيهم أصائلُها ضُحَانا
تراءَت من كِفاحِ الدَّهرِ غُبراً … كأنَّ عِجاجَ حَومتِها عَلاها
فما لِنَعيمِها انقصمَت عُراها ؛ … و ما لرِياضِها حَسَرت كُساها
و ما لرياحِها العَطِراتِ ردَّت … رِداءَ الحِلمِ ودَّرَعت سَفاها
أَحِينَ أَظلَّها سِلْمُ اللَّيالي … و قُلناقد تجَنَّبَها أَذاها
رمَاها بالتي عَظُمتو لكِن … أصابَ قلوبَنا لمّا رَماها
فمالَ بمَعشَرٍ عِرَرٍ إليها … و مالَ بِنا إلى أُخرى سِواها
أراذلُ ليسَ تَحمي الأُسدُ غِيلاً … كما تَحمِي رَوائحُها حِماها
عُراة ٌ في الجنائبِ لا تُبالي … أَصُدُّ العارُ عنها أم عَراها
لَهَتناأنْ نُلِمَّ بساحَتَيها … رياحٌإن سطَت أردَت سَطَاها
و أمواهٌ لو انَّ التُّربَ يَشكو … مجَاورة َ الأَذى يوماً شَكاها
فلو غُسِلَت بماءِ المُزنِ مِنهم … و ماءِ البَحرِ لم يَطْهُرْ ثَراها
يَحِنُّ الطائرُ المُوفِي علَيها … و تُوسِعُ كلُّ ماشية ٍ خُطاها
سلامُ اللّهِ منكَ على رِباعٍ … نَأَتْ أحبابُهاو دنَت عِداها
و طيِّبَة ِ النَسيم عدَتْ علَينا … جنائبُهاو عَادَتْنا صَبَاها
و كافوريَّة ِ البُنيانِ تُثني … على من خَطَّهاأو مَن بنَاها
مُحَلِّقة ٍ يكِلُّ الطَّرفُ عَنها … إذا ما الطَّرفُ حاولَ مُنتهَاها
تُضيءُ إذا الدُّجَى اشتملَت علَيها … فتَحسِبُها مُؤَلَّقَة ً دُجاها
بَعَثْتُ الطَّرفَ مُشتاقاً إليها … فكادَ يَرُدُّهُ عُنها سَناها
وَ حَبَّبَها إليَّو إن تَوَلَّت … مآربُ بَلَّغتْ نفسي مُناها
لقد كانَت جِلاءَ العَينِ حُسناً … فعادَت وهي من قُبحٍ قَذاها
عِقابُ الدَّهرِ بُقياه علَيها … و عَفوُ الدهرِ عَنها لو عَفَاها
فيا نُوَبَ الخُطوبِ إليكَ عَنها … كفَاها ما أَلَمَّ بهاكفَاها