يا فراتي – محمد مهدي الجواهري

إي وعيشٍ مضى عليك بَهيِّ … وشُعاعٍ من شّطِكِ الذهبيِّ

والتفافِ النَّخيل حولَكَ حتَّى … لو تقصَّيْتَ لم تجدْ غيرَ في

وانبساطِ السَّفْحِ الذَّي زاحمته … دَفَعاتٌ من مَوجكَ الثَّوْري

وسنا الشَّمس حين مجَّتْ لُعاباً … ارسلته من نورها الكسروي

فتخالُ الضياءَ والماءُ موجٌ … في رواحٍ من جانبٍ ومجي

كخيوطٍ من فضَّةٍ بتْنَ طوع الرّيح … بين الشمال والشرقي

وابتسام البدرِ المطلِّ إذا ما … بات يجلو الدُّجى بوجهٍ وَضي

وزمانٍ حلوٍ كطلِّ ندّيٍ … لم يَشُبْهُ صفوُ السَّماء بشي

لو تحولْتَ عن مجاريك أو حُلت … لما جئتَ بالنكير الفري

يا فُراتي وهل يُحاكيك نهرٌ … في جمالِ الضُحى وبردِ العَشِي

ملكتْ جانبيك عُرْبٌ أضاعوا … إذ أضاعوا حِماكَ عهدَ قُصي

نضجتْ بالصَّغار منهم جلودٌ … ولقد تنضج الجلودُ بِكَي

إي ومجرى الجيادِ يومَ التنّاَدي … ومجرِّ الرماح حول الندي

دنَّسَتْ طُهْرَكَ المطامعُ حتَّى … لم تَعُدْ تَنْقَعُ الغليلَ برِيِ

الخَنى ..أين عنه نفسُ أبيّ … والحِمىَ.. أ]ن عنه طَرْفُ الحَمِي

لا القنا يومَ تنثني لِمَذَبٍ … عن حريم ٍ ، ولا الظبى لكمي

آه ..لولا خِصبُ العراق وريفٌ … هو لولاه لم يكن بمرِي

ما استجاشتْ له المطامعُ والتفَّتْ … عليه من المَحَلِّ القَصِي

واستخفَّتْ به الشعوبُ ، وباتَتْ … وهي ترنو له بلحظٍ خفيّ

قد نطقنا حتَّى رُمينا بهُجْرٍ … وسكتنا حتَّى اتُهِمنا بِعي

ورضِينا حُكْمَ الزَّمانِ وما كانَ … احتكامُ الزمانِ بالمَرْضي

فإذا كلُّ يومِنا مثلُ أمسٍ … وإذا كلُّ رُشدنا مثلُ غَي

وعلمنا ان ليس نملك أمراً … فصبرنا على احتكام ” الوصي “