في اربعين السعدون – محمد مهدي الجواهري
سَلوا الجماهيرَ التي تَبصرونْ … ماذا أتاحتْ لكُمُ الاربعونْ
تخبركُم حرقةُ انفاسِهم … كيف – تقضَّت – وانتفاخُ العيون
سَلوهُمُ ما بالُكُمْ كلَّما … عنَتْ لكم خاطرةٌ تنحَبون
أكلُ شيٍْ موجبٌ للبكا … أكلُّ شيء باعثٌ للشجون
ريعتْ قلوبٌ واستضيمتْ جفون … واحتقروا أعزَّ ما يملكون
راضونَ ممتَّنون عن حالةٍ … لا يرتضيها مَن به يحتفون
يبكون للشعرِ ولا يعرفون … وللخطاباتِ ولا يسمعون
ما رقة الأشعارِ أبكتهُمُ … لكنهم بالقلب يستعبِرون
مكدودةٌ أنفسهُمْ حسرةً … وبالبكاء المرِّ يستروَحون
وهكذا الدمع بريئاً يُرى … وهكذا الحزنُ بليغاً يكون
أبكى وأشجى لوحةً أحكمت … تصويرَها كفُّ الزمانِ الخؤون
مَغنىً على دجلة مستشرفٌ … دامعة ترتدُّ عنه العيون
احتلَّت الوحشةُ أطرافَه … ورفرفَ الحزنُ به والسكون
أخلاه فرطُ العزَّ من ربِّه … والعزُّ باب مُشرَعٌ للمنون
أقولُ للقوم الغَيارى وقد … أعوزَهُم كيفَ به يحتفون
أحسن من كلِّ اقتراحاتِكم … مما تشيدون وما تنحِتون
قارورة يُحفَظ فيها دم … يعرفه الخائنُ والمخلصون
يلقَى بها تشجيعةً مخلصٌ … وعبرة مخجلة مَن يخون
مِيتةُ هذا الشهم قد بيَّنتْ … للقوم أنا غيرُ ما يدَّعون
وأننا ناسٌ أباةٌ متى … نُرهق فمضطرُّون لا مُرتَضون
وأننا بالرُغم من صبرِنا … إن حانت الفرصةُ مستغنِمون
انتبهوا لا الحزنُ يُجديكُمُ … شيئاً ولا استنزافُ هذي الشؤون
هاتوا بما نبني دليلاً على … أنا على آثاره مقتفون