يَا مِصْرُ أَنْتِ الأَهْلُ وَالسَّكَنُ – خليل مطران
يَا مِصْرُ أَنْتِ الأَهْلُ وَالسَّكَنُ … وَحِمىً عَلَى الأَرْوَاحِ مُؤْتَمَنُ
حُبِّي كَعَهْدِكِ فِي نَزَاهَتِهِ … وًالحُبُّ حَيْثُ القَلْبُ مُرْتَهَنُ
مِلْءُ الجَوَانِحِ مَا بِهِ دَخَل … يَوْمَ الحِفَاظِ وَمَا بِهِ دَخَنُ
ذَاكَ الهَوَى هُوَ سِرُّ كُلِّ فَتىً … مِنَّا تَوَطَّنَ مِصْرَ وَالعَلَنُ
هُوَ شُكْرُ مَا مَنَحَتْ وَمَا مَنَعَتْ … مِنْ أَنْ تُنَغِّصَ فَضْلَهَا المِنَنُ
هُوَ شِيمَةٌ بِقُلُوبِنَا طَهُرَتْ … عَنْ أَنْ تَشُوبَ نَقَاءهَا الظِّنَنُ
أَيُّ الدِّيَار كَمِصْرَ مَا بَرِحَتْ … رَوْضاً بِهَا يَتَقَيَّدُ الظُّعُنُ
فِيهَا الصَّفَاءُ وَمَا بِهِ كَدَرٌ … فِيهَا السَّمَاءُ وَمَا بِهَا غَصَنُ
مِصْرُ الَّتِي لَيْسَتْ مَنَابِتُهَا … خِلَساً وَمَا فِي مَائِهَا أَسَنُ
مِصْر الَّتِي أَبَداً حَدَائِقُهَا … غَنَّاءُ لا يَعْرَى بِهَا غُصُنُ
مِصْر الَّتِي أَخْلاقُ أُمَّتِهَا … زَهْرٌ سَقَاهُ العَارِضُ الهَتِنُ
مِصْر الَّتِي أَخْلاقُهَا حُفُلٌ … وَيَدِرُّ الشُّهْدُ وَاللَّبَنُ
كَذَبَ الأُولى قَالوا مَحَاسِنُهَا … تُوهِي القُوَى وَجِنَانُهَا دِمَنُ
فَهْيَ الَّتِي عَرَفَتْ مُرُوءَتَهَا … أُمَمٌ وَيَعْرِفُ مَجْدَهَا الزَّمنُ
وَهْيَ الني أَبْنَاؤُهَا شُهُبٌ … عَنْ حَقِّ مِصْرٍ مَا بِهَا وَسَنُ
يَذْكُو هَوَاهَا فِي جَوَانِحِهِمْ … كَالجَمْرِ مَشْبُوباً وَإِنْ رَصُنُوا
هُمْ وَارِثُو آلامِهَا وَبِهِمْ … سَتُرَدُّ عَنْ أَكْنَافِهَا المِحَنُ
صَحَّتْ عَقِيدَتُهُمْ فَلَيْسَ تَهِي … فِي حَادِثٍ جَلَلٍ وَلا تَهِنُ
للهِ وَثَبْتَهُمْ إذَا اسْتَبْقَتْ … فِيهَا النُّهَى وَتَبَارَتِ المُنَنُ
دَاعِي المَبَرَّةِ وَالوَفَاءِ دَعَا … فَأَجَابَتِ العَزَمَاتُ وَالفِطَنُ
صَوْتٌ مِنَ الوَادِي تَجَاوَبَ فِي … تَرْدِيدِهِ الأَسْنَادُ وَالقُنَنُ
رُوحُ البِلادِ تَنَبَّهَتْ فَجَرَى … مَا أَكْبَرَتْهُ العَيْنُ وَالأُذُنُ
جَرَتِ المَسَالِكِ بِالرِّجَالِ وَقَدْ … غَمَرَتْ بِهِمْ رَحَبَاتِهَا المُدُنُ
جَرْيَ الأَتِيِّ يَفِيضُ مُنْطَلِقاً … مِنْ حَيْثُ يَطْغَى وَهْوَ مُخْتَزَنُ
مِنْ كُلِّ مُدَّثِرٍ بِثَوْبِ هَوىً … لِدِيَارِهِ أَوْ ثَوْبُهُ الكَفَنُ
رَهَنَ الحَيَاةَ بِعِزِّهَا فَإِذَا … هَانَتْ فَمَا لِحَيَاتِهِ ثَمَنُ
سَادَ الإِخَاءُ عَلَى الجُمُوعِ فَلا … رُتَبٌ تُمَيِّزُهَا وَلا مِهَنُ
فِرَقٌ تَقَارَبَتْ القُلُوبُ بِهَا … وَتَنَاءَتْ البِيئَاتُ وَاللسُنُ
لا جِنْسَ بَلْ لا دِينَ يَفْصِلهَا … وَالخُلْفُ مَمْدُودٌ لَهُ شَطَنُ
أَلإِلفُ وَالسَّلْمُ الوَطِيدُ يُرَى … حَيْثُ الحَفَائِظُ كُنَّ وَالفِتَنُ
فَإذَا بَدَا فِي مَوْقِفٍ ضَغَنٌ … لَمْ يَعْدُ رَأْياً ذَلِكَ الضَّغَنُ
أَلشَّعْبُ إٍِنْ يَصْدُقْ تَكَافُلُهُ … بِلُوغِ غَايَاتِ العُلَى قَمِنُ
كُلٌّ يَقُولُ وَمَا بِمِقْوَلِهِ … كِذْبٌ وَمَا فِي قَلْبِهِ جُبُنُ
يَا أَيُّهَا الوَطَنُ العَزِيزُ فِدىً … لَكَ مالُنَا والرُّوحُ وَالبَدَنُ
مِنْكَ الكَرَامَةُ وَالوُجُودُ مَعاً … فَإذَا اسْتَعَدْتَهُمَا فَلا حَزَنُ
حُيِّيْتِ يَا صِلَةً مُبَارَكَةً … شُدَّتْ وَلَنْ يُلْفَى بِهَا وَهَنُ
أَهْلاً بِرَهْطِ الفَضْلِ مِنْ نُجُبٍ … بِهِمْ التُّقَى وَالعِلْمُ وَاللَّسَنُ
بِالنَّاصِحِينَ وَنُصْحًهًمْ بَلَجٌ … بِالنَّاهِجِينَ وَنَهْجُهُمْ سَنَنُ
خَيْرُ الدُّعَاةِ إِلَى الوفاقِ عَلَى … مَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْعُ وَالسُّنَنُ
جَادُوا بِسَعْيٍ لا يُوَازِنُهُ … بِالقَدْرِ حَمْدٌُ جَلَّ مَا يَزنُ
بِجَمِيلِ مَا صَنَعُوا وَمَا رَفَعُوا … فَازَ الوِئَامُ وَخَابَتِ الإِحَنُ
حُكَمَاءُ إِنْ عَرَضَتْ لأُمَّتِهِمْ … حَاجٌ فَهُمْ لأَدَقِّهَا فُطُنُ
أَلأَزْهَرُ الأَزْهَى لَهُ مِنَنٌ … عَظُمَتْ وَهَذِي دُونَهَا المِنَنُ
فَلْتَحْيَا مِصْرُ وَتَحْيَا أُمَّتُهَا … وَلتَرْقَ أَوْجَ السَّعْدِ يَا وَطَنُ