يا هذهِ أقصري ما هذهِ بشرٌ – أبو تمام

يا هذهِ أقصري ما هذهِ بشرٌ … ولا الخَرائِدُ مِنْ أَتْرَابِها الأُخَرُ

خَرَجْنَ في خُضْرَة ٍ كالرَّوْضِ ليسَ لَها … إلاَّ الحُليَّ على أَعنَاقِها زَهَرُ

بِدُرَّة ٍ حَفَّها مِنْ حَوْلِها دُرَرٌ … أَرْضَى غَرامِيَ فيها دَمْعِيَ الدرَرُ

رِيَمٌ أَبَتْ أَنْ يَرِيمَ الْحُزنُ لي جَلَداً … والعينُ عينٌ بماءِ الشوقِ تبتدرُ

صَبَّ الشَّبَابُ عليها وهْوَ مُقَتَبلٌ … ماءً مِنَ الحُسْن ما في صَفْوِهِ كَدَرُ

لَوْلا العُيُونُ وتُفَّاحُ الْخُدُودِ إذاً … ما كانَ يَحسُدُ أَعمَى مَنْ له بَصَرُ

حُييتَ مِن طَلَلٍ لم تُبْقِ لي طَللاً … إلاَّ وفيهِ أَسى ً تَرشيحُهُ الذكَرُ

قَالُوا أَتَبكي على رَسْمٍ فقُلتُ لهم: … منْ فاتهُ العينُ هدى ً شوقهُ الأثرُ

إنَّ الكرامَ كثيرٌ في البلادِ وإنْ … قَلُّوا كمَا غَيْرُهم قُلٌّ وإنْ كَثُروا

لا يدهمنكَ منْ دهمائهمْ عددٌ … فإِنَّ جُلَّهُمُ بَل كُلّهُمْ بَقَرُ

وكُلّما أَمسَتِ الأَخطارُ بَيْنَهُمُ … هَلْكَى تَبيَّنَ مَنْ أَمسَى له خَطَرُ

لَوْ لَمْ تُصادِفُ شِيَاتُ البُهْم أكثرَ ما … في الخَيْلِ لم تُحْمَدِ الأَوضَاحُ والغُرَرُ

نِعْمَ الفَتى عُمَرٌ في كل نائِبَة ٍ … نابتْ وقلتْ لهُ “نعم الفتى عمرُ

يُعْطِي ويَحْمَدُ مَنْ يأْتِيهِ يَحْمَدُه … فشكرهُ عوضٌ ومالهُ هدرُ

مُجَردٌ سَيْفَ رَأْيٍ مِنْ عَزِيمَتِه … للدهرِ صيقلهُ الإطراقُ والفكرُ

عَضباً إذا سَلَّه في وَجْهِ نائِبة ٍ … جاءَتْ إليْهِ بَناتُ الدَّهْرِ تعتَذِرُ

وَسَائِلٍ عَنْ أبي حَفْصٍ فَقُلْتُ له … أمسكُ عنانكَ عهُ إنهُ القدرُ

هُوَ الهُمامُ هُوَ الصَّابُ المُريحُ هو الـْ … ـحَتْفُ الوَحِيُّ هو الصَّمصَامَة ُ الذَّكَرُ

فَتى ً تَراهُ فتنفي الْعُسْرَ غُرَّتُه … يمناً وينبعُ منْ أسرارها اليسرُ

فِدًى له مُقشعِرٌّ حِينَ تَسْأَلُهُ … خَوْفَ السُّؤَالِ كأَنْ في جِلدِه وَبَرُ

أنى ترى َ عاطلاً منْحلي مكرمٍة … وكلَّ يَوْمٍ تُرَى في مالِكَ الغِيَرُ 

للَّهِ دَرُّ بَنِي عبْدِ العَزِيزِ فكَمْ … أردوا عزيزِ عدى ِّ في خدهَّ صعر

… حَتَّى لقد ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّها سُوَرُ

يا ليتَ شعري منْ هاتا مآثرهُ … ماذا الذي ببلوغِ النجمِ ينتظرُ

بالشعرِ طولٌ إذا اصطكتْ قصائدهُ … في مَعْشَرٍ وبهِ عَنْ مَعْشر قِصَرُ

سافرْ بطرفكَ في أقصى مكارمنا … إنْ لم يكنْ لكَ في تأْسِيسها سَفَرُ

لوْلا أَحادِيثُ بَقَّتْها مآثِرُنا … مِنَ النَّدى والرَّدَى لم يُعْجِب السَّمرُ