صَرْفُ النَّوَى لَيْسَ بالمَكِيثِ – أبو تمام

صَرْفُ النَّوَى لَيْسَ بالمَكِيثِ … يَنْبِثُ مَا لَيْسَ بالنَّبيثِ

هبتْ لأحبابنا رياحٌ … غَيْرُ سَوَاهٍ ولاَ رُيُوثِ

بدورُ ليلِ التمامِ حسناً … عينُ حقوفٍ، ظباءُ ميثِ

بَيْنَ الخَلاخِيل والأَساويـ … ـرِ والدَّمَاليجِ والرُّعُوثِ

مِنْ كُل رُعْبُوبَة ٍ تَرَدَّى … بِثَوْبِ فَيْنانها الأثيثِ

كالرَّشإ العَوْهَجِ اطَّباهُ … روعٌ إلى مغزلٍ رغوثِ

رَعَتْ جَنَابَيْ عُوَيْرِضَاتٍ … مِنْ خَزَماتٍ ومنْ شُثُوثِ

ولاحبٍ مشكلِ النواحي … مُنْخَرِقِ السَّهْلِ والوُعُوثِ

لم تُزْجَرِ العِيسُ في قَراهُ … مذُ عصرِ نوحٍ وعصرِ شيثِ

كأَنَّ صَوْتَ النَّعَامِ فيه … إذا دعا صوتُ مستغيثُ

قلصتهُ بالقلاصِ تهوي … بالوخدِ منْ سيرها الحثيثُ

مِنْ كُل صُلْبِ القَرَا مَعُوجٍ … وكل عَيْرَانَة ٍ دَلُوثِ

ذِي مَيْعَة ٍ مَشْيُه الدفَقَّى … وذاتِ لوثٍ بها ملوثِ

يطلبنَ منْ عقدِ وعدِ موسى … غَيْرَ سَحيلٍ ولانَكِيثِ

بنانُ موسى إذا استهلت … للنَّاسِ نابَتْ عَنِ الغُيُوثِ

حَيْثُ النَّدَى والسَّدَى جَميعاً … وملجأُ الخائفِ الكريثِ

حيثُ لبونُ النوالِ تهمي … غَيْرَ شَطُور ولا ثَلُوثِ

والمَجْدُ مِن تَالِدٍ قَدِيمٍ … ثَمَّ ومنْ طَارِفٍ حَدِيثِ

إنْ تستبثهُ تجدْ عراماً … مِنْ مُسْتَبَاثٍ لِمُسْتَبيثِ

وحَيَّة ً أُفْعُوانَ لِصْبٍ … يعيثُ في مهجة ِ العيوثِ

تغدو المنايا مسخراتٍ … وَقْفاً على سَمهِ النَّفيثِ

وصارمَ الشفرتينِ عضباً … غَيْرَ دَدَانٍ ولا أنِيثِ

لَيْثاً ولكنَّهُ حِمَامٌ … صبً انتقاماً على الليوثِ

أَنْكِدْ بِأَرْي النَّوَالِ مَا لمْ … يحلُ منَ العشبِ والجثوثِ

ما الجودُ بالجودِ أوْ تراهُ … ليسَ بنزرٍ ولا لبيثِ

طالَ المدى فاعتراكَ عتبٌ … منَ صادقِ الودَّ مستريثِ

خُذْها فَما نَالها بِنَقْصٍ … موتٌ جريرٍ ولا البعيثِ

وكُنْ كَرِيماً تَجِدْ كَرِيماً … في مَدْحِهِ يا أبا المُغِيثِ