يا دارُ لا أنهجَ القشيبُ – مهيار الديلمي

يا دارُ لا أنهجَ القشيبُ … منكِ ولا صوحَ الرطيبُ

و لا أخلتْ بكِ الغوادي … تشعبُ ما يصدعُ الجدوبُ

من كلَّ مخروقة العزالي … تغلبُ أخياطها الثقوبُ

تعجبُ منها رباكِ حتى … يضحكَ فيها الوجهُ القطوبُ

و كان عطرا كما عهدنا … مشيُ الصبا فيكِ والهبوبُ

فربَّ ليلٍ ثراكِ فيه … بين بحور العشاق طيبُ

عجنا وليلُ المطيَّ ليلٌ … بعدُ وصوتُ الحادي صليبُ

و ما نقضناهُ من طريقٍ … من حيثُ رحنا عنه قريبُ

فقال صحبي أضلَّ هادٍ … أم خدعَ الحازمُ الأريبُ

ليس أوانُ التعريسِ هذا … قلتُ هو الشوق لا اللغوبُ

يا من رأى باللوى بريقاً … تقدحُ نيرانهُ الجنوبُ

كلاَ ولا بينما تراهُ … يطلعُ أبصرتهُ يغيبُ

كأنّ ما لاح منه وهناً … على شبابِ الدجى مشيبُ

حدثني بالغضا حديثا … سرَّ على أنه خلوبُ

يقول هيفاءُ لم يحلها … عن عهدك الناقلُ الكذوبُ

جفونها بعدكم حنوا … ماءٌ وأحشاؤها لهيبُ

فارض فمن قلبها خفوقي … أعدي ومن طرفها أصوبُ

لا وليالٍ على المصلي … تسرق في نسكها الذنوبُ

و ما رأى الجبفُ من هناتٍ … يغفرها المالكُ الوهوبُ

و خلواتٍ بأمّ سعدٍ … ما بعدها لذة ٌ تطيبُ

لولا لماها لما شفاني … بزمزمٍ ما سقى القليبُ

ماذا على محرمٍ بجمعٍ … و سهمهُ من دمى خضيبُ

و كيف والصيدُ ثمَّ بسلٌّ … تصادُ بالأعين القلوبُ

يا فتكها نظرة ً خلاسا … سببَ أدواءها الطبيبُ

ذابت عليها حصاة ُ قلبي … يا من رأى جمرة ً تذوبُ

قلْ لزماني ما شئت فاضغط … قد دبرَ الجابرُ الجليبُ

أصبتني بالخطوبِ حتى … لم تبقِ لي مقتلا تصيبُ

في كل يومٍ جورٌ غريبٌ … عندي عليه صبرٌ غريبُ

حتى لقد صار عجيبا … منك الذي كله عجيبُ

و لائمٍ في عزوفِ نفسي … قلتُ له أنتَ والخطوبُ

عساك خبرا بالناس مثلي … إن ردَّ من حلمك العزيبُ

ففي قليَ منْ تراكَ تلحى … منهم وفي تركِ منْ تعيبُ

الله لي إن طرحتُ عرضي … أكلة َ آمالهم حسيبُ

قد كنتُ أبكي وهم فروقٌ … شتى وأشكو وهم ضروبُ

فاليوم سوتهم المساوي … عندي وعمتهم العيوبُ

فما أرى منهمُ بريئا … يخشى افتضاحا به المريبُ

بلى قد استثنتِ المعالي … بيتاً لها فخرهُ نسيبُ

بيتاً شموسُ الضحى عمادٌ … له وشهبُ الدجى طنوبُ

الحسبُ العدُّ من بينهِ … كلُّ نجيبٍ نمى نجيبُ

من آل عبد الرحيم مردٌ … حولَ رواقِ العلا وشيبُ

تشابهوا سودداً فأعطى … شاهدهم فضلَ منَ يغيبُ

كلُّ محيا الجبينِِ طلقٍ … لم يعتسفْ بشره القطوبُ

راضون أن يشبعوا ويضووا … و العامُ مسحنفزٌ غصوبُ

تروى عطاشُ الآمالِ فيهم … و هيَ على غيرهم تلوبُ

لهم أفاويقها إذا ما … أصرمَ ثديُ الحيا الحلوبُ

دوحة ُ مجدٍ أبو المعالي … غصنُ جناها الغضُّ الرطيبُ

كان فتاها والرأيُ كهلٌ … و طفلها والحجا لبيبُ

ليثُ حماها والدارُ حربٌ … و في السلامِ الظبيُ الربيبُ

لا فرحة ٌ تستقلُّ منه … حلما ولا نوبة ٌ تنوبُ

تغمزُ فيه أيدي الليالي … و النبعُ مستعصمٌ صليبُ

إذا كساه الغنى قميصا … فهو بأيدي الندى سليبُ

و كلُّ سعيٍ له كسوبٍ … تغرمهُ كفه الوهوبُ

يحمي حماه بنافذاتٍ … خدوشها في العدا ندوبُ

لا يبلغُ السبرُ ما يفري … معمقا جرحها الرغيبُ

يبعثها مفصحا لسانٌ … ماضٍ إذا لجلجَ الخطيبُ

إذا فروجُ الكلامِ ضاقتْ … تمَّ بها باعهُ الرحيبُ

لا محقتْ بدرك الدآدي … و لا محا شمسك الغروبُ

و رجع الدهرُ مستقيلا … اليكَ من ذنبهِ ينوبُ

يقسمُ لا شيمَ وهو سيفٌ … بعدُ ولا شمَّ وهو ذيبُ

و عاد ظلُّ الدنيا عليكم … يورقُ أو ينمرُ القضيبُ

حظكمُ صفوها وحظُّ ال … أعداءِ منها المرُّ المشوبُ

ما كرَّ عوداً شبابُ ليلٍ … يردفهُ من ضحى ً مشيبُ

و زار يومُ النيروز عامَ ال … خضبِ كما زارك الحبيبُ

تهدى لكم من ثناي عونٌ … كلُّ ابن سمعٍ لها طروبُ

قواطنٌ فيكمُ وتمسى … تجولُ في الأرض أو تجوبُ

في كلَّ يومٍ تغشاك منها … حبيبة ٌ ما لها رقيبُ

كذاك لا غائبي خبيثٌ … لكم ولا شاهدي مريبُ

قلبي صحيحُ لكم وودي … ما مرضَ الودُّ والقلوبُ

أجببتكم قبلَ أن دعوتم … فكيف أدعى فلا أجيبُ