ها إنَّ هذا مَوْقَفُ الجَازِعِ – أبو تمام

ها إنَّ هذا مَوْقَفُ الجَازِعِ … أقْوى وسُؤْرُ الزَّمن الفَاجعِ

دَارٌ سَقَاها بَعْدَ سُكَّانها … صَرْفُ النَّوَى منْ سَمَّه الناقِعِ

ولا تَلُوما ذَا الهَوَى إِنَّها … لَيْسَتْ بِبِدْعٍ حَنَّة ُ النَّازِعِ

لَوْ قيلَ ما كانَ مَزُوراً بها … إذاً لسرَّ الربعُ بالرابعِ

فاعتبرا واستعبرا ساعة َ … فالدَّمْعُ قِرْنٌ للجَوَى الرَّادِعِ

أخْلَتْ رُبَاها كُلُّ سَيْفَانَة ٍ … تَخْلَعُ قَلْبَ المَلِكِ الْخَالِعِ

يصبحُ في الحبَّ لها ضارعاً … مَنْ لَيْسَ عِنْدَ السيْفِ بالضَّارِعِ

رُودٌ إِذَا جَرَّدْتَ في حُسْنِها … فكركَ دلتكَ على الصانعِ

نوحٌ صفا مذْ عهدِ نوحٍ له … شِرْبُ العُلى في الحَسَبِ الفَارِعِ

مُطَّرِدُ الآباءِ في نِسْبَة ٍ … كالصُّبْحِ في إشراقِه السَّاطِعِ

مَناسِبٌ تُحسَبُ مِنْ ضَوْئِها … منازلاً للقمرِ الطالعِ

كالدلوِ والحوتِ وأشراطهِ … والبَطْنِ والنَّجْمِ إلى البَالِعِ

نوحٌ بنُ عمرو بنِ حويَّ بن عم … ـرِو بنِ حُوَي بن الفَتَى ماتِعِ

السكسكيّ المجدِ كنديهُ … وأدديُّ السؤددِ الناصعِ

للجدبْ في اموالهِ مرتعٌ … ومقنعٌ في الخصبِ للقانعِ

قدْ أَشْرَقَت في قَوْمِهِ مِنْهُمُ … ناصَيَة ٌ تَنْأَى عنِ السَّافِعِ

كم فَارسٍ فيهمْ إذا استُصرِخُوا … مِثْلِ سِنَانِ الصَّعْدَة ِ اللامِعِ

يُكْرِهُ صَدْرَ الرُّمْحِ أو يَنْثَنِي … وقدْ تروى منْ دمٍ مائعِ

بطعنة ٍ خرقاءَ تأتي على … حَزامَة ِ المُسْتلِئِم الدَّارِعِ

ينفذُ في الآجالِ أحكامهُ … أَمْرَ مُطاعِ الأَمْرِ في طائِعِ

يُخْلَى لهَا المأْزِقُ يَوْمَ الوَغَى … عنْ فرجة ٍ في الصفَّ كالشارعِ

إنَّ حوياً حاجتي فاقضها … ورُدَّ جَأْشَ المُشفِقِ الْجَازِعِ

فَتًى يَمَانٍ كاليَمانِي الذي … يعرمُ حراهُ على الوازعِ

في حليهِ النابي وفي جفنهِ … وفي مَضَاءِ الصَّارِم القَاطِعِ

يُجاوِزُ الْخَفْضَ وأفْيَاءَهُ … إلى السرى والسفرِ الشاسعِ

أدلُّ بالقفرِ وأهدى له … منَ الدعيميصِ ومنْ رافعِ

يَعْلَمُ أَنَّ الدَّاءَ مُسْتَحْلِسٌ … تحتَ جَمَامِ الفَرَسِ الرَّائِعِ

والطائِرُ الطائِرُ في شَانِهِ … يلوي بخطِّ الطائرِ الواقعِ

أخفَقَ فاستَقْدَمَ في هِمَّة ٍ … وغادرَ الرتعة َ للراتعِ

ترمي العلى منهُ بمستيقظِ … لا فَاتِرِ الطَّرْفِ ولا خاشِعِ

وإنَّما الفَتْكُ لِذِي لأْمَة ٍ … شبعانَ أو ذي كرمٍ جائعِ

أُنْشُرْ له أُحْدُوثة ً غَضَّة ً … تُصْغِي إليها أْذُنُ السَّامِعِ

إنْ يرفعِ السجفُ لهَ اليومَ يرْ … فَعْهُ غداً في المشْهَدِ البَارعِ

فَرُبَّ مَشْفُوعٍ له لم يَرمْ … حتى غداً يشفعُ للشافعِ

إن أنتَ لم تنهضْ بهِ صاعداً … في مسترادِ الزاهرِ اليانعِ

حتّى يُرَى مُعتدلاً ظَنُّهُ … بعد التِياثِ الأَمَل الظَّالِعِ

أكدى الذي يعتدهُ عدة ً … وضاعَ منْ يرجوهُ للضائعِ