يا موضعَ الشَّذنيَّة ِ الوجناءِ – أبو تمام

يا موضعَ الشَّذنيَّة ِ الوجناءِ … ومُصارعَ الإدلاجِ والإسراءِ

أقري السلام مُعرَّفاً ومُحصَّباً … من خالد المعروفِ والهيجاءِ

سَيْلٌ طَمَا لَوْ لَمْ يَذُدْهُ ذَائِدٌ … لتبطَّحتْ أولاهُ بالبطحاءِ

وغدتْ بطون مِنى مُنى ً من سيبِه … وغدتْ حرى ً منهُ ظهورُ حراءِ

وَتَعَرَّفَتْ عَرَفاتُ زَاخَرهُ ولمْ … يُخْصَصْ كَداءٌ مِنْهُ بالإكداءِ

وَلَطَابَ مُرْتَبَعٌ بِطيبَة ٌ واكْتَسَتْ … بُرْدَيْن: بُرْدَ ثَرى ً وبُرْدَ ثَرَاءِ

لا يحرمِ الحرمانِ خيرا إنهمْ … حرموا بهِ نوءاً من الأنواءِ

يا سائلي عنْ خالدٍ وفعالهِ … رِدْ فاغترفْ علماً بغيرِ رشاءِ

انظرْ وإيَّاكَ الهوى لا تُمْكننْ … سلطانهُ من مُقْلَة ٍ شوْساءِ

تعلمْ من افترعتْ صدورُ رماحهِ … وسيوفه منْ بلدة ٍ عذراءِ

ودعا فأسمعَ بالأسنة ِ واللُّهى … صمَّ العِدَى في صخرة ٍ صمَّاءِ

بمجامع الثَّغرينِ ما ينفك من … جيش أزبَّ وغارة ٍ شعواءِ

منْ كلِّ فرْجٍ للعدوِّ كأنَّهُ … فرْجٌ حمى ً إلاَّ من الأكفاءِ

قدْ كان خطبُ عاثرُ فأقاله … رَأْيُ الْخَليفَة ِ كَوْكَبِ الْخُلَفَاءِ

فَخَرجْتَ مِنْهُ كالشهَاب ولم تَزَلْ … مُذْ كُنْتَ خَرّاجاً مِنَ الْغَمَّاءِ

مَا سَرَّني بِخِداجِهَا مِنْ حُجَّة … ما بينَ أنْدلُسِ إلى صنعاءِ

أجْرٌ ولكنْ قدْ نظرتُ فلمْ أجدْ … أجراً يفي بشماتة ِ الأعْداءِ

لوْ سرتَ لالتقت الضُّلوعُ على أسى ً … كلفٍ قليل السِّلمِ للأحْشاءِ

وَلَجَفَّ نُوَّارُ الْكَلاَمِ وَقَلَّمَا … يُلْفَى بقاءُ الغرْس بعدَ الماءِ

فالجوُّ جوِّي إنْ أقمْتَ بغِبْطة ٍ … والأرض أرضي والسَّمَاءُ سَمَائِي