أَيُّ مَرْعَى عِيْنٍ ووَادِي نَسِيبِ – أبو تمام

أَيُّ مَرْعَى عِيْنٍ ووَادِي نَسِيبِ … لَحَبَتْهُ الأيَّامُ في ملحُوبِ؟

مَلَكَتْهُ الصَّبَا الوَلوع فَأَلْـ … فَتهُ قَعُودَ البِلَى وسُؤْرَ الخُطوبِ

نَدَّ عنْكَ العَزَاءُ فيهِ وقادَ الـ … ـدَّمعَ منْ مُقلتيكَ قَوْدَ الجَنيبِ

صَحِبتْ وجدك المدامعُ فيه … بنجيعٍ بعبرة ٍ مصحوبِ

بِمُلثٍّ على الفِرَاقِ مُربٍّ … ولِشَأْوِ الهَوَى البَعِيدِ طَلُوبِ

أَخْلَبَتْ بَعْدَهُ بُرُوقٌ مِنَ اللَّهـ … ـو وجفَّتْ غُدْرٌ من التَّشبيبِ

رُبَّماَ قَدْ أَراهُ رَيَّانَ مَكْسُوَّ الـ … ـمَغَانِي مِنْ كل حُسْنٍ وطِيبِ

بِسَقيمِ الجُفُونِ غَيْرِ سَقِيمٍ … ومُريبِ الألحاظِ غيرِ مُريبِ

في أوانٍ منَ الرَّبيعِ كريمٍ … وزمَانٍ مِنَ الخَرِيفِ حَسِيبِ

فَعَلْيهِ السَّلاَمُ لاَ أُشْرِكُ الأَطْـ … ـلاَلَ في لَوْعَتي ولا في نَحيبي

فسواءٌ إجابتي غيرَ داعٍ … ودُعائي بالقفرِ غيرَ مُجيبِ

فسواءٌ خَفْضٍ تحتَ السُّرى وغَنَاءٍ … منْ عَناءٍ وَنَضرة ٍ منْ شُحُوبِ

فاسألِ العِيسَ ما لديها وألّفْ … بَيْنَ أَشْخَاصِهَا وَبَيْنَ السُّهُوبِ

لا تُذِيلنْ صغيرَ هَمِّكَ وانظُرْ … كمْ بذي الأثلِ دوحة ً من قضيبِ

ما عَلَى الوُسَّجِ الرَّواتِكِ من عَتْـ … ـبٍ، إذَا ما آتتْ أَبَا أَيُّوبِ

حُوَّلٌ، لا فَعالُهُ مَرْتَعُ الذَّ … مِّ ولا عِرضُهُ مُرَاحُ العُيُوبِ

سُرُحٌ قَوْلُهُ إِذَا ما استَمَرَّتْ … عُقْدَة ُ العِيّ في لسانِ الخَطيبِ

وُمصيبٌ شَوَاكِلَ الأَمْرِ فِيهِ … مُشكلاتٌ يَلُكنَ لُبَّ لبيبِ

لامُعَنَّى بِكُل شَيْءٍ ولا كُلُّ … م عَجِيبٍ في عَيْنِهِ بِعَجِيبِ

سَدِكُ الكفِّ بالنَّدى عائرُ السَّمـ … ـعِ إلى حَيْثُ صَرْخَة ُ المَكْرُوبِ

ليس يعرى من حُلَّة ٍ من طرازِ الـ … ـمدحِ منْ تاجرٍ بها مُستثيبِ

فإذا مرَّ لابسُ الحمدِ قال الـ … ـقومُ: مَنْ صاحبُ الرِّداءِ القشيبِ

وإذا كَفُّ راغبٍ سلبتهُ … راحَ طَلْقاً كالكَوْكَبِ المشْبُوبِ

ما مَهَاة ُ الحِجَالِ مسلوبة ً أظـ … ـرَفَ حُسْناً مِن مَاجدٍ مَسْلُوبِ

واجدٌ بالخليلِ منْ بُرَحَاءِ الشَّـ … ـوْقِ وِجْدَانَ غَيْرهِ بالحَبيبِ

آمنُ الجيبِ والضُّلوعِ، إذا ما … أصبحَ الغِشُّ وهو درعُ القلوبِ

لا كَمُصْفِيهِمُ، إِذا حَضَرُوا الوُدَّ … م وَلاَحَ قُضْبَانَهمْ بِالمَغِيبِ

يتغطَّى عنهمْ ولكنَّه تنْـ … ـصُلُ أَخْلاَقُهُ نُصُولَ المَشيبِ

كلُّ شعْبٍ كنتُمْ بِهِ آلَ وَهْبٍ … فهوَ شِعبي وشِعبُ كلِّ أديب

لمْ أزلْ باردَ الجوانح مُذْ خَضْـ … ـخضتُ دَلْوي في ماءِ ذاكَ القليبِ

بِنْتُمُ بالمْكُرُوهِ دوني وأَصْبَحْـ … ـتُ الشَّريكَ المُخْتَارَ في المحْبُوبِ

ثُمَّ لمْ أُدعَ من بعيدٍ لدى الإذْ … نِ ولَمْ أُثْنَ عَنْكُمُ مِن قَرِيبِ

كلَّ يومٍ تُزخرفونَ فنائي … بِحِبِاءٍ فَرْدٍ وبِرٍّ غَرِيبِ

إِنَّ قَلْبي لَكُمْ لَكَالكَبِدِ الحَرَّ … ى وَقَلْبِي لِغَيْرِكم كالقُلُوبِ

لَسْتُ أُدْلِي بِحُرْمَة ٍ مُسْتَزِيداً … في ودادٍ منكمْ ولا في نصيبِ

لاتُصيبُ الصَّدِيقَ قارِعة ُ التأْ … نِيبِ، إلاَّ مِنَ الصَّدِيقِ الرَّغِيبِ

غيرَ أنَّ العليلَ ليسَ بمذمو … مٍ على شَرْحِ ما بهِ للطَّبِيبِ

لو رَأَيْنا التَّوكِيدَ خُطَّة َ عَجْزٍ … ما شَفعْنا الآذانَ بالتَّثْوِيبِ