لا تعذلي جارتي إنى لك العذلُ – أبو تمام

لا تعذلي جارتي إنى لك العذلُ … فلا شوى ً ما زريناهُ ولا جللُ

إحدَى المصَائِبِ حَلَّتْ في دِيارِ بَنِي … عمرانَ ليستْ لها أختٌ ولا مثلُ

ألوى بتيجانهمْ يومٌ أتيحَ لهُ … نَحْسٌ وأثقب فيهِ نارَهُ زُحَلُ

ألوَى بهِ وهْوَ مُلْوٍ بالقَنا لِتَوَا … ليها استِواءٌ وفي أعناقِها مَيَلُ

كانَ الذي ليسَ في معجومِهِ خورٌ … للعاجمينَ ولا في هديهِ خللُ

كانَ الذي يتقى ريبُ الزمانِ به … إذا الزمانُ بدتْ أنيابُه العصُلُ

أحَلَّنا الدَّهْرُ في بَطْحاءَ مسْهِلَة ٍ … لمَّا تقوضتَ عنها أيها الجبلُ

ماكان أحسَنَ حالاتِ الأشاعِرِ يا … يَحْيَى بنَ عِمرانَ لَوْ أُنسِي لكَ الأجَلُ

أيُّ امرئ منكَ أثرى بينَ أعظمهِ … ثرى المقطمِ أو محلودهُ الرملُ

لايُتبعُ المَنَّ ماجَادَتْ يَداهُ بهِ … ولا تحكمُ في معروفهِ العللُ

ماقَالَ كانَ إذا ما القوْمُ أكذبَ ما … أطالَ منْ قولهمْ تقصيرُ ما فعلوا

يا موتُ حسبكَ إذْ أقصدت مهجته … أولا فدونكَ لا حسبٌ ولا بجلُ

ماحَالُنا يا أبا العبَّاس بَعْدَكَ هَلْ … تَنْمَى الفُروعُ ويُودِي أصلُها الأَصِلُ 

يا موتُ لوْ في وغى عاينته خلدتْ … عليهِ عَوْضُ دُموعٌ مِنكَ تَنهِمِلُ

المشعلُ الحربض ناراً وهي خامدة ٌ … والمستبيحُ حماها وهي تشتعلُ

بكلِّ يومٍ وغى تصدى الكمأة ُ به … على يديهِ وتروى البيضُ والأسلُ

يَغْشَى الوَغَى بالقَنا والخَيْلُ عابِسَة ٌ … والخَيْلُ لاعاجِزٌ فيها ولاوَكِلُ

والكاشِفُ الكُرَبَ اللاَّتِي يَحُفُّ بها … إظلامُ أمرٍ على البُلْدَانِ يَنسَدِلُ

بِمشْهَدٍ ليسَ يَثِنيه بهِ زَلَلٌ … ومَنْطِقٍ ليسَ يَعرُوهُ بهِ خطَلُ

مستجمعٌ لا يحلُّ الريثُ عقدتَهَ … فيهِ ولا يَمْتَطِي إبلاغَه العَجَلُ

إذَا الرجالُ رَأَوْهُ وهْوَ يَفعلُ ما … أعيَاهُمُ فِعْلُه قالوا كَذا الرَّجْلُ

إما يدلْ منكَ بالموتِ العدى فبما … دارتْ عليهم بلا موتٍ لكَ الدولُ

أيامَ سيفكَ مشهورٌ وبحرُك مسـ … ـجورٌ وقرنكَ مقصورٌ لهُ الطولُ

إذْ لابسُ الذلة ِ المقطوعُ ذو رحمٍ … قَطَعْتَه وإِذا المَوْصولُ مَنْ تَصِلُ

جرَّعكَ الدهرُ كاسَ الصبرِ في لججٍ … للموتِ يغرقُ في آذيَّها الجبلُ

موتاً وقتلاً كأنَّ الدهرُ يظمأ ما … عاشُوا ويَنقَعُ ما ماتُوا وماقُتِلُوا

ياشاغِلَ الدَّهْرِ عنّا ما لِصَوْلتِه … مذْ صالَ فيكَ الردى إلا بنا شغُلُ

يا حلية َ المجدِ إنَّ المجدَ عن عُفرٍ … بَدَا وحِلْيَتُه مِنْ بَعدَك العَطَلُ

يا موئلاً كانَ مأوى الآماتِ به … إذا ادلهمَّت بمكروهاتِها العضلُ

فأيُّ معتمدٍ يزكو بهِ عملٌ … وأَيّ مُنْتَظَرٍ يَحْيَا بهِ أَمَلُ 

لكنْ حسينٌ وأمثالُ الحسينِ إاذ … ما الناسُ يومَ حفاظِ حصَّلُوا قللُ

تنبي المواقفُ عنهُ أنَّه سندٌ … ويخبرُ الروعُ عنهُ أنَّه بطلُ

يعطي فيجزلُ أو يدعى فينزلُ أوْ … يؤتى لمحملِ أعباءٍ فيحتملُ

تَظُنُّهُ شَيْخَه لَوْلا شَبِيبَتُه … والزَّرْعُ يَنْبُت فَذّاً ثُمَّ يكتَهِلُ

أضحَى لنا بَدَلاً منه تَنُوءُ بهِ … والشبلُ منْ ليثهِ إما مضى بدلُ