نَهْجُ الثَّناءِ إلى نادِيكَ مُخْتَصَرٌ – الأبيوردي

نَهْجُ الثَّناءِ إلى نادِيكَ مُخْتَصَرٌ … لَوْ أَدْرَكَتْ وَصْفَكَ الأَوْهامُ وَالفِكَرُ

ماذا يَقولُ لَكَ المُثْني وقد نَزَلَتْ … على ابنِ عَمّكَ في تَقْريظِكَ السُّورَ

فُتَّ المَدائِحَ حَتّى قالَ أَفْصَحُنا … إنَّ البَلاغَة َ في تَحبِيرِها حَصَرُ

ماضَرَّ مِنْ كانَ عَبْدُ اللّهِ والِدَهُ … أَنْ لَمْ يَكُنْ أَبوَيْهِ الشَّمْسُ والقَمَرُ

يا خَيْرَ مَنْ بُشِّرَت بَعْدَ النَّبِيِّ بِهِ … عَدْنانُ وادَّرَعَتْ عِزَّاً بِهِ مُضَرُ

أَحْيَا بِكَ اللهُ ما كَانَتْ تُدِلُّ بِهِ … عُلْيا قُرَيْشٍ وَمِنْها السَّادَة ُ الغُرَرُ

لَكَ الوَقارُ مِنَ الصِّدِّيقِ، تَكْنُفُهُ … مَهابَة ٌ كانَ مَحْبُوّاً بِها عُمَرُ

وَجُودُ عُثْمانَ وَالآفَاقُ شاحِبَة ٌ … وَنَجْدَة ٌ مِنْ عَلِيٍّ وَالقَنا كِسَرُ

وَعِلْمُ جَدِّكَ عَبْدِ الله شِيبَ بِهِ … دَهاؤُهُ حِينَ أَعْيَى الوارِدَ الصَّدَرُ

وَهِمَّة ٌ مِنْ أبي الأَملاكِ طُلْتَ بِهَا … باعاً وَقَصَّرَ عَنْها الأَنْجُمُ الزَّهُرُ

وَهَيْبَة ُ الكامِلِ المُوفي على أَمَدٍ … مامَدَّ طَرْفاً إلى أَدْناهُ مُفْتَخِرُ

وَفيكَ مِنْ شِيَمِ المَنْصورِ سَطْوَتُهُ … وَالبيضُ تَلْمَعُ وَالهَيْجَاءُ تَسْتَعِرُ

وَمَكْرُماتٌ مِنْ المَهْدِيِّ تَنْشُرُها … وَأَيَّ هَدْيٍ إلى العَلْياءِ تَفْتَقِرُ

وَلِلرَّشيدِ سَجايا مِنْكَ نَعْرِفُها … فَضْلٌ يُرَجَّى ، وَرَأْيٌ تِلْوُهُ القَدَرُ

وَقَدْ وَرِثَتْ أَبا إسْحاقَ جُرْأَتَهُ … في مَأْزِقٍ حاضِراهُ النَّصْرُ وَالظَّفَرُ

وَفيكَ مِنْ جَعْفَرٍ حَزْمٌ يَلُوحُ بِهِ … على مَساعِيكَ مِنْ مَسْعاتِهِ أَثَرُ

وَبَأْسُ طَلْحَة َ في إقْدامِ أَحْمَدَ إذْ … وَشَتْ بِسرِّ المَنايا البِيضُ وَالسُّمُرُ

وَمِنْ أَبِي الفَضْلِ عِزٌّ يُسْتَجارُ بِهِ … يوْمَ الوَغى وَظَلامُ النَّقْعِ مُعْتَكِر

وَحِلْمُ إسحاقَ وَالأَلْبابُ طائِشَة ٌ … بِحَيْثُ يُخْتَضَبُ الصَّمْصامَة ُ الذَّكَرُ

وَعَزْمَة ُ القادرِ المَحْبُوِّ سائِلُهُ … وَالخَارِجي لَوَى مِنْ جِيدِهِ الأَشَرُ

وَرَأْفَة ُ القائِمِ المَرْجُوِّ نائِلُهُ … وَالسُّحْبُ تَعْتَلُّ وَالأَنْواءُ تَعْتَذِرُ

وَلِلذَّخِيرَة ِ فَضْلٌ أَنْتَ وارِثُهُ … وكانَ أَرْوَعَ، ما في عُودِهِ خَوَرُ

وَعِزَّة ُ المُقْتَدي تُكْسَى مَهابَتُهَا … حَتّى يَعُودَ خَفِيّاً دُونَكَ النَّظَرُ

إنْ أَثَّلُوا لَكَ، وَالدُّنيا بِعُذْرَتِها … عُلاً، فَهذي عُلاً أَثّلْتَها أُخَرُ

فَاسْمَعْ شَكِيَّة َ مَنْ يُلْفَى وَلاؤُهُمُ … منهُ بِحَيثُ يكونُ السَّمْعُ وَالبَصَرُ

فَهَذهِ شَتْوَة ٌ أَلْقَتْ كَلاكِلَها … حتّى استَبَدَّ بِصَفْوِ العِبشَة ِ الكَدَرُ

وَمَنْزلي أَبْلَتِ الأَيَّامُ جِدَّتَهُ … فَشَفَّني المُبِليانِ: الهَمُّ وَالسَّهَرُ

وَلِلْفُؤادِ وَجيبٌ في جَوانِبِهِ … كَما يَهُزُّ الجَناحُ الطّائِرُ الحَذِرُ

يَحْكِي عِناقَ مُحِبٍّ مَنْ يَهيمُ بِهِ … إذا تَعانَقْنَ في أَرْجائِهِ الجُذرُ

وَلَنْ تُقَيِمَ بِهِ نَفْسٌ فَتألَفَهُ … إذْ لَيْسَ لِلْعَيْنِ في أَقْطارِهِ سَفَرُ

وَالسَّقْفُ يَبْكي بِأجْفانِ المَشُوقِ إذا … أَرْسى بِهِ هَزِمُ الأَطْباءِ مُنْهَمِرُ

وما سَرى البَرْقُ وَالظَّلْماءُ عاكِفَة ٌ … إلاّ وفي القَلْبِ مِنْ نِيرانِهِ شَرَرُ

وَابْنُ المُعاوِيِّ يَهْوَى أَنْ يَكونَ لَهُ … مَغْنى ً بِبَغْدَاذَ لا يُخْشَى بِهِ الغِيَرُ

مَثْوى يُدافِعُ عنْ كُتْبي، وَأَكْثَرُهَا … فِيهِ مَديحُكَ أَنْ يَغْتالَها المطَرُ

وَ شافِعي عُمْدَة ُ الدّينِ المَلُوذُ بِهِ … في الرَّوْعِ، وَالخَيْلُ في أَعطافِها زَوَرُ

إِذا أَهَبْتُ بِهِ وَالحَرْبُ لاقِحَة ٌ … رَوَّى القَنا مِنْ أَعادِيكَ الدَّمُ الهَدَرُ

فَالأَرْضُ دارُكُمُ وَالعَبْدُ جارُكُمُ … وَأَنْتُمُ أَنْتُمُ، وَالحَمْدُ يُدَّخَرُ