مغني الهوى – عبدالله البردوني

لا تسخري يا أخت بالشاعر … تكفيه بلوى دهره الساخر

رفقا بغرّيد الهوى إنّه … ينوح نوح الطائر .. الحائر

يبكي بترديد الأغاني و ما … للحنه و الحبّ … من آخر

فلا تضيقي بمغنّي الهوى … و هل يضيق الروض بالطائر ؟

تذكّري خلف النوى عاشقا … يلقاك في وجدانه الذاكر

أومى إلى كفّ الهوى قلبه … إيماءه العنقود للعاصر

محرّق الأنفاس تسري به … ظنونه حول الدجى اعابر

و اللّيل وادي الحبّ تنثال من … سكونه الذكرى على الساهر

و تلتقي الأشجان في جوّه … مواكبا في موكب سادر

تمرّ بالأشواق أطيافه … كما تمرّ الغيد … بالعاهر

و تستثير النائمين الرؤى … و تضحك الأوهام للسامر

كم شاق هذا اللّيل خلّا إلى … خلّ و مطواعا إلى نافر

و جالت الأحلام فيه كما … يجول سرّ الحبّ في الخاطر

و ضمّ مشتاق مشوقا به … و حنّ ملهوف إلى زائر

سل الدجى عن طيف ” ليلى ” و كم … حيّاه ” مجنون بني عامر “

و سله عن أخبار أهل الهوى … من أبعد الماضي إلى الحاضر

فإنّه رحّالة الدهر … كم … سرى الهوى في ركبه السائر

مسافر بسري و يطوي السرى … على جناح الفلك الدائر

رحّالة الأزمان يزجي إلى … مستقبل الدهر صدى الغابر

كم في حنايا اللّيل سرّ و ما … أكتمه للسرّ … و الظاهر

ينساق في الصمت و في صمته … حنين مهجور إلى هاجر

وشوق مفتون إلى فتنه … ووجد مسحور إلى ساحر

وحقد مظلوم على ظالم … وضغن مأسور على آسر

يا أخت : هل ألقى إليك الدجى … أشواق قلب بالشّقا زاخر ؟

يستولد الأمال لكن كما … يستولد العنّين من عاقر

يا ربّة الحسن هنا نغرم … يصغي لنجوى طيفك العاطر

معذّب تاريخه قصّة … حيرى كقلب التاجر الخاسر

رقّي عليه إنّه كلّه … قلب شجيّ الشعر و الشاعر