عيد الجلوس – عبدالله البردوني

هذا الصباح الراقص المتأود … فتن مهفهفه و سحر أغيد

و مباهج ما إن يروقك مشهد … من حسنه حتّى يشوقك مشهد

الفجر يصبو في السفوح و في الربى … و الروض يرشف النّدى و يغرّد

و الزهر يحتضن الشعاع كأنّه … أمّ تقبّل طفلها و تهدهد

في مهرجان النور لاح على الملا … عيد يبلوره السنا … و يورّد

فهنا المفاتن و المباهج تلتقي … زمرا تكاد من الجمال تزغرد

عيد الجلوس أعر بلادك مسمعا … تسألك أين هناؤها ؟ هل يوجد ؟

تمضي و تأتي و البلاد و أهلها … في ناظريك كما عهدت و تعهد

يا عيد حدّث شعبك متى … يروي ؟ و هل يروي و أين المورد ؟

حدّث ففي فمك الضحوك بشارة … وطنيّة ؛ و على جبينك موعد

فيم السكوت و نصف شعبك ها هنا … يشقى .. و نصف في اشعوب مشرّد

يا عيد هذا الشعب ، ذلّ نبوغه … و طوى نوابغه السكون الأسود

ضاعت رجال فيه كأنّها … حلم يبعثره الدجى و يبدّد

للشعب يوم تستثير جراحه … فيه و يقذف بالرقود المرقد

و لقد تراه في السكينة .. إنّما … خلف السكينة غضبة و تمرّد

تحت الرماد شرارة مشبوبة … و من الشرارة شعلة و توقد

لا ، ألم يلم ثأر الجنوب و جرحه … كالنار يبرق في القلوب و يرعد

لا ، لو يلم شعب … يحرّق صدره … جرح على لهب العذاب مسّهد

شعب يريد و لا ينال كأنّه … ممّا يكابد في الجحيم .. مقيّد

أهلا بعاصفة الحوادث ، أنّها … في الحيّ أنفاس الحياة تردّد

لو هزّت الأحداث صخرا جلمدا … لدوى و أرعد باللذهيب الجلمد

بين الجنوب و بين سارق أرضه … يوم نؤرّخه الدما و تخلّد

الشعب أقوى من مدافع ظالم … و أشدّ من بأس الحديد و أجلد

و الحقّ يثني الجبش و هو عرمرم … و يفلّ حدّ السيف و هو مهنّد

لا أمهل الموت الجبان و لا نجا … منه ؛ و عاش الثائر المستشهد

يا ويح شرذمة المظالم عندما … تطوي ستائرها و يفضحها الغد

و غدا سيدري المجد أنّا أمّة … يمنيّة شمّا ؛ و شعب أمجد

و ستعرف الدنيا و تعرف أنّه … شعب على سحق الطغاة معوّد

فليكتب المستعمرون بغيظهم … و ليخجلوا ، و ليخسأ المستعبد

عيد الجلوس و هل نصّت لشاعر … هنّاك و هو عن المسرّة مبعد ؟

فاقبل رعاك الله تهنئتي و إن … صرخ النشيد و ضجّ فيه المنشد

واعذر إذا صبغ التنهّد نغمتي … بالجرح فالمصدور قد يتنهّد