ما لي أَرى في العيدِ كلَّ معيِّدٍ – الشريف المرتضى

ما لي أَرى في العيدِ كلَّ معيِّدٍ … ويفوت طرفى شخصَ من أهواهُ

ما ذاك إلاّ أنّه غبطَ الرّدى … أهلَ الزّمانِ بقُرْبهِ فدهاهُ

لبّاهُ لمّا أنْ دعاه مشمّراً … وبرغمِ قلبى أنّه لبّاهُ

ولقد رمَى قلبي الرَّدى لمّا انْتَحى … مَن كانَ حشوَ ضميرهِ فرماهُ

كيف السّلوُّ ؟ وكلّما أمرَ النّهى … بلزومِهِ قلبي أبَى فعصاهُ؟

أمْ كيف أنساهُ ؟ وفقدُ نظيرهِ … يأبى لقلبى الدّهرَ أنْ ينساهُ

وكأنَّني وَجْداً به وصبابة ً … أنّى طمحتُ بناظرى َّ أراهُ

ولقد تمكَّن في الفؤادِ مكانُهُ … لمّا بلوتُ على الزّمانِ سواهُ

ولربّما أصغى يودّك كلّه … نحو الذى تهواهُ من تقلاهُ

ويحقُّ لى آبى العزاءَ عن أمرئٍ … مازالَ إنْ عزَّ القبيحُ أباهُ

يُضحى خميصَ البطنٍ من زاد الهَوى … والحرُّ من للهِ كان طواهُ

وتراه منقبضَ الجوارحِ والخطا … فإذا سَرى فإلى الجميل سُراهُ

يُعيي الورَى إسخاطُهُ مَعَ أنَّه … في كلِّ شيءٍ يرتضيهِ رِضاهُ

والأمرُ يُعرِضُ عنه مالم يرتبطْ … بك نفعُهُ فإذا عَناكَ عناهُ

ولمنْ يودّك ودّهُ وصفاءهُ … ولمن يريبك ريبهُ وقلاهُ

ولكَ الّذى يرجوه لا يثنى به … كفّاً وليس عليك ما يخشاهُ

ولقد رأيتُ أخاه في النَّسَبِ الذي … لا حَمْدَ فيه وما رأيتَ أخاهُ

والنّاسُ كلُّهُمُ لأَصلِ واحدٍ … وتفاضلُ الأقوامِ فى عقباهُ

لهفى على من كان قولى بعد ما … واراهُ خَلْفَ التُّربِ ما واراهُ

ليس البعيدَ أخو التّغرّبِ والنّوى … لكنَّ من هلنا عليه ثراهُ

سيّانِ عندي بعدَ نازلة ِ الرَّدى … مَنْ مدَّ أوْ قَصَرَ الزّمانُ مَداهُ

والدّارُ زائلة ٌ بنا لولا المنى … ممّنْ تَعَوَّدَ أنْ تخيبَ مُناهُ

يسعَى الفتى فيما يجرُّ ذيولَه … وإلى المنايا سعيهُ وخطاهُ

ويُسَرُّ إنْ أرخَى الزَّمان خِناقَهُ … ووراءَه حَنِقٌ يَحُدُّ مُداهُ

يخفى على عمدٍ أوانَ طروقهِ … فالمرءُ لا يدرى متى يلقاهُ

هيهاتَ حلَّ الموتُ كلَّ قَرارة ٍ … منّا وألقى فى الجميعِ عصاهُ

وحدا إليه غدوة ً وعشيّة ً … بركابنا من لا يملُّ حداهُ

والنّفسُ ترجو عودَ كلِّ مسافرٍ … إلاّ امرءاً قضتِ المنونُ نَواهُ