أرنى العجائبَ يا أباها – الشريف المرتضى

أرنى العجائبَ يا أباها … فكَبَخْصِ عيني أنْ أراها

وأجل بعينى ثمّ قلـ … ـبى ذا جواهُ وذى قذاها

أرنى فبين جوانحى … ممّا تُرينِيهِ لَظاها

فى كلِّ يومٍ من نوا … ئِبَ طارقاتٍ لي سُراها

مالي أُقيمُ على منا … زلَ أوحشتْ ممّنْ ثواها

وتبدّلتْ غيرَ الّذى … قد كنتُ أعهدُ من حلاها

آوى هواها بعد ما … ـما كنتَ تبغي في سِواها

دمنٌ إذا مرّ اللّبيـ … ـبُ على نواحيها طَواها

وكأنَّه يأتي الحُتو … فَ أوِ الخسوفَ إذا أتاها

وإذا الفتى ملكَ اختيا … راً في مآربهِ عَداها

لكَ عِبرَة ٌ فيمنْ عَرَتْـ … ـهُ وعبرة ٌ فيمن عراها

هيهات منك إذا نَزَلْـ … ـتَ بها على سغبٍ قراها

في قفرة ٍ فَقدتْ بها … عيني، وقد تاهتْ، ضِياها

عرِّجْ على الأبواءِ منْ … عيسٍ نجوتَ به خطايا

وكأنَّها في قَفرة ٍ … عصفٌ تصفّقهُ صباها

ولقد عَفَتْ من قبلِ أنْ … أوفتْ فقلْ لى من عفاها

قلْ للقطين بعقرها … وهو المواصِلُ لِمْ جَفاها؟

لِمْ ملَّها من غيرِ جُر … مٍ كان منها لمْ قلاها ؟

من بعد ما كان المعرّ … سَ والمحبّسَ لمْ نآها ؟

سَلْهُ لتعرفَ غَيْبَهُ … لِمْ باعَها لمّا اشتراها؟

ولقد لبستُ بها الغَضا … رة َ والنّضارة َ فى دماها

وعقيلة ٍ مالى إذا … ما زرتها إلاّ هواها

وإذا تمنّتْ لم يَجُزْ … خَلْقي وأخلاقي مُناها

مالي مَقيلٌ عند حَسْـ … ـناءِ اللَّمَى إلاّ حشاها

ولى َ الغصونُ من الشّيبـ … ـبة ِ لا أُحاذرُ مِنْ ذَواها

وإذا سخطتُ فليس لى … من كاعبٍ إلاّ رضاها

فالآن أدعى شيخها … من بعد أنْ أدعى فتاها

لا أطْعَمَ الرَّحمانُ دا … راً للهوانِ ولا سقاها

وافتَرَّ عنها كلُّ فا … تحة ٍ بماءِ المزنِ فاها

فالفقرُ فيها للغنى … خيرٌ كثيرٌ من غناها

فإذا رهنتَ القربَ منـ … ـها والدُّنوَّ على نَواها

آمنتَ نفسك طولَ عمـ … ـرك من شجاها أو أساها

ومعاشرٍ قبلوا بها … عن عِزِّ أنفسهمْ رُشاها

وتعوَّدوا أنْ يأخذوا … بضراعة ٍ منها جداها

والذّلُّ فى الدّنيا لمنْ … إمّا اتَّقاها أوْ رجاها

خفيتْ فما تدرى لحيـ … ـرتنا خَساها مِنْ زَكاها

… سِ وليس يقنعها شواها

ما للعيونِ عيوننا … فيهنّ حَظٌّ مِن كَراها

وكأنّما عَشِيَتْ ولمْ … يلممْ بها هرماً عشاها

وبِنًى يقولُ خبيرُها: … شلّتْ أناملُ من بناها

وأهاضبٌ ما كان إلاّ … فى الحضيضة ِ من علاها

وأكاذبٌ دَنِسَتْ مَدا … رعُ من تلاها أوْ رواها

كم غُطِّيَتْ بتجمُّلٍ … للسّامعين فما غطاها

أينَ الذين تبوَّؤوا … مِن هذه الدُّنيا عُلاها؟

ولهمْ أناملُ لم يفضْ … فى المجدِ بين سوى حباها

ما أمسكتْ يومَ الوغَى … إلاّ ظباها أوْ قناها

ولهمْ إذا اجتنبتْ شرا … رُ الحربِ منها مصطلاها

وكأنّما أحداقهمْ … حنقاً على حنقٍ جذاها

… لِ معاشرٍ ألقتْ عصاها

أرْوَوْا صَداها بالنَّجيـ … ـعِ وأشبعوا لحماً طواها

لم يَسكنوا إلاّ قِلا … لاً ليس يرقى مرتقاها

وإذا الوغى دارتْ بمكـ … ـروهٍ ومحبوبٍ رَحاها

لم يأخذوا لنفوسِهمْ … إلاّ مناها أوْ رداها

من كلِّ وضّاحٍ إذا … عرضتْ له ريبٌ أباها

بلغَ النَّهاية َ في الورى … وكأنّه ما إنْ تناهى

وإذا تولَّى خُطَّة ً … عن قومِه فَرْداً كفاها

ولَطالما أَكْدى الرِّجا … لُ الحافرون إذا أَماها

وعموا عن العلياءِ شا … هقة َ المحلِّ وقد رآها

ما كان يومَ عظيمة ٍ … إلاّ أباها أوْ أخاها

كانوا نجومَ الأرضِ سا … مقة ً وهمْ موتى ثراها

طُرحوا بحالِكة ٍ جَوا … نبُها دَحاها مَن دَحاها

يمحوهمْ بالرّغمِ منْ … آنافهمْ منها بلاها

دَرَجوا فما للعينِ بَعْـ … ـدَ فراقِهم إلا بُكاها