ماذا تُسَرُّ إِلى القمر – الياس أبو شبكة
ماذا تُسَرُّ إِلى القمر … يا أَيُّها الطَيرُ السَجين
هَل أَنتَ مِثلي في السَهر … تَشكو عَذابَكَ لِلسِّنين
في قَلبِكِ العاني الكَسير … سِرٌّ تَوارى في الدُجى
وَحَواجِزُ القَفصِ الصَغير … قَد أَطفَأَت نورَ الرَجا
قَد كُنتَ حُرّاً مُطلَقا … في جَوِّكَ الصافي الوَسيع
تَشدو هِيامَك شَيِّقا … لِأَريجِ زَهرِكَ في الرَبيع
قُل ما تُسَرُّ إِلى الظلام … وَالزَهرُ فيهِ سامِعه
وَالقَومُ كلُّهُم نِيام … حَتّى الطَبيعَةُ هاجِعَه
أَسألتهُ ماذا يَرى … في ذلِكَ الغاب الكَثيف
وَعَلى الهِضابِ وَفي الذَرى … وَهناك في الحَقلِ اللَطيف
أَسأَلتهُ هَل باقِيَه … تِلكَ النَضارَةُ في الحُقول
وَمِياه تِلكَ الساقيه … وَرسوم هاتيك الطلول
وَرِفاق ساعاتي العِذاب … سمّار قَلبي الشَيِّقِ
هَل أَصبَحت قَيدَ العَذاب … في مِثلِ سِجني الضَيِّقِ
أَسَأَلتهُ عَن طائِرِ … في كُلِّ لَيلٍ أَو صَباح
فَوقَ النَسيمِ السائِرِ … حَملَ الطَعامَ عَلى الجناح
تِلكَ الصغار شَقائِقُ … لَكَ يا شَبيهي في المحن
أَنتَ الأَسيرُ الخافِقُ … كَخفوقِ قَلبي في البَدن
يا طَيرُ إِنَّك في الأَلَم … رَمزٌ لِهذا المرقمِ
يبكي وَينحبُ بِالنَغَم … وَبِمَدمَعٍ من عَندمِ
فَطُيورِ عِشِّكَ تَرقدُ … حَتّى يُفاجِئَها الصباح
يا طَيرُ ما تَستَنظِرُ … في الحَقلِ وَاليَوم الشتاء
أَتُراكَ لا تَستأسرُ … وَلَو أَنَّ عِندَك ما تَشاء
وَلما تَرى أَبقى لَنا … من ريش حُسنِك جانِحاك
أَلكي يذكِّرنا الغِنا … ءَ لَعَلَّنا نبكي غناك
يا طَيرُ إِنَّكَ صادِقُ … وَالمَرءُ غَدّارٌ كَذوب
فَإِذا عَشِقتَ فَعاشِقُ … تَضع الصَداقَةَ في القُلوب