خَتَمتَ بِالصَمتِ آياتٍ وَعرفانا – الياس أبو شبكة

خَتَمتَ بِالصَمتِ آياتٍ وَعرفانا … لَمّا نَزَلتَ جوارَ اللَهِ سُبحانا

آثَرتَ جيرَةَ إِبراهيمَ فَاِفَتَخَرَت … بِأَن تَكونَ لَكَ الأَفلاكُ جيرانا

مَضيتَ حيثُ المعرّي قبَل ذاكَ مَضى … وَالبُحتُرِيُّ وَأَعشى وَاِبنُ سِفيانا

فَأَقبَلَت لِلقاكَ العربُ قاطِبَةً … مُهَلِّلاتٍ زَرافاتٍ وَوِحدانا

وَخَفَّ هومير بِالإِلياذِ محرقها … أَمامَ عَينَيكَ بخوراً وَقُربانا

فَصافَحَتك أَينا وَهيَ باسِمَةٌ … حُبّاً وَعانَقَتِ اليونانُ لبنانا

يا اِبنَ الأُلى رَفَعوا لِلضّادِ منزِلَةً … وَشَيَّدوا لِجَلالِ العلمِ بنيانا

ناداكَ مجدُك وَالأَجيالُ مصغيةٌ … تَرمي إِلَيكَ أَزاهيراً وَريحانا

نِلتَ الإِمارَةَ في الدارَين عَن ثِقَةٍ … فَكُنتَ فَخراً لِمَوتانا وَأَحيانا

كُنتَ الأَميرَ عَلى جَنّاتِها فَغَدَت … لَكَ الإِمارَة في جَنّاتِ رِضوانا

جَلست عَهداً عَلى عرشِ الجَمالِ فَطر … وَاِجلِس عَلى سِدَّةِ الأَنوارِ أَزمانا

تَرَكتَ يا نسرُ إيوانَ الفَناءِ وَقد … حَلَّقتَ كَي تَنتَحي لِلخُلدِ إيوانا

ما زالَ طَيفَُ وَالأَبصارُ مضجعُهُ … يرودُ حَولَ قصورِ العِلمِ يَقظانا

وَالعُربُ تَجمَعُ من أَنفاسِهِ نَسماً … وَتَستَعيدُ بِها لِلفَضلِ ما كانا

يا واضِعاً نَفسَه في تُربِ بَلدَتِهِ … رِفقاً وَضع نَفسَهُ في قَلبِ غَسّانا

عِظامُهُ كَنزُ غَسّانٍ وَمَفخرةٌ … إِذا هَزَزتَ بلاها عاد مرجانا

فَرجيل قَبَّل عَينَيه وَجَبهَتَه … وَقامَ يَلثَمه موسى بن عمرانا

وَأَنشَدَتهُ بناتُ الشعرِ أُغنِيَةً … وَوَقَّعَتها عَلى القيثارِ أَلحانا

وَجاءَ دانَتي وَهوغو يَسجدانِ لَهُ … وَالماجِنُ بنُ نواسٍ جاءَ سَكرانا

وَالفارِضُ الزاهِد الصوفِيُّ خَفَّ إِلى … تَقبيلِهِ وَأَتاهُ المَجدُ ظَمآنا

ومَن لِلجِهادِ وَلِلأََقلامِ في وَطَني … بَعد الفَقيدِ فَقيدِ العلمِ سلمانا

من لِلسِياساتِ تَأتيهِ فَيصدقها … وَيستعيدُ بِها مَجداً وَسُلطانا

هَل الفَقيدُ سِوى ركنٍ نعزُّ بهِ … هَوى فَأَسقَطَ لِلآدابِ أَركانا

لا العَينُ تَنفَعُ في منعاه إِن دَمَعت … وَلا النواحُ يُعيدُ اليُبسَ رَيّانا

عَرائِس الشِعر في برناس باكِيَةٌ … تضمُّ مِن حُزنِها صَخراً وَصُوّانا

كَأَنَّ أَرجاءَه بَعد الأُلى ذَهَبوا … أَمسَت عَلَيهِم دياجيراً وَأَكفانا