قد كان يدرك عندكنّ السّولُ – الشريف المرتضى
قد كان يدرك عندكنّ السّولُ … فالآنَ لا وَصْلٌ ولا تعليلُ
ليلى وأنتمْ نزّحٌ بمحجّرٍ … ليلٌ كما شاءَ الغرامُ طويلُ
لم يبق منّى بعد يوم فراقكمْ … إلاّ دموعٌ للفراقِ تسيلُ
نَمَّتْ على وَجْدي بكمْ لو أنَّها … كتَمَتْهُ جامدة ً لَنَمَّ نُحولُ
ومللتُمُ مَن لا يملُّ هواكُمُ … من غيرِ جرمٍ والمَلولُ مَلولُ
قالوا: السّلوُّ دواءُ دائك منهُمُ … صَدقوا؛ ولكنْ ما إليه سبيلُ
رحنا وحشوُ قلوبنا كلفٌ بكمْ … نلوى على ألوائنا فنميلُ
فكأنَّما عبثتْ بنا دَيْرِيَّة ٌ … أو ساورتْ منّا العظامَ شمولُ
كم دون خيماتِ الحسانِ حشاشة ٌ … تفنى ضياعاً أو دمٌ مطلولُ
وحياضهنَّ من الزّلالِ فواهقٌ … لو كان ينقع عندهنَّ غليلُ
ودَعوْتِني عبثاً إلى خلعِ الهوَى … أنَّى وقلبي بالهوى مكبولُ؟
لكِ يا ابنة َ البكرى ّ بين قلوبنا … حكمٌ يُطاعُ ومنزلٌ مأهولُ
وملكتِ منَّا بالجمال جماجماً … إنْ كنتِ منصفة ً فهنَّ غلولُ
لَمْ تحملي ثِقْلَ الهوَى فَحَقَرْتِهِ … وخفيفُ أعباءِ الغرامِ ثقيلُ
وإذ رأينا منكِ طلعتَك التي … هي رونقٌ أو جوهرٌ مصقولُ
خرس اللّحاة ُ على هواك وعرّجوا … عنّا فأخيبُ من نراه عذولُ
وطرقننى وهناً بأجوازِ الرّبا … وطروقهنّ على النّوى تخييلُ
فى ليلة ٍ وافى بها متمنّعٌ … ودنَتْ بعيداتٌ وجادَ بخيلُ
يا ليت زائرنا بفاحمة الدّجى … لم يأْتِ إلاّ والصَّباحُ رسولُ
فقليلُهُ وضَحَ الضُّحى مُستكثَرٌ … وكثيرُهُ غَبَشَ الظّلامِ قليلُ
ما عابَهُ وبه السرورُ زوالُهُ … فجميع ما سرّ القلوبَ يزولُ
أمَّا الشُّعوبُ كثيرة ٌ وَلَشِعْبُنا … من هاشمٍ شِعْبٌ هناك جليلُ
الأُفقُ فيه معَ الشُّموس كواكبٌ … والغابُ فيه مع الأسود شبولُ
والجانبُ الخَضِل النَّدى لم يُلْفَ عن … جدواه ممنوعٌ ولا ممطولُ
وإذا الرّجالُ تفاخروا وتفاضلوا … أرسَى بهمْ دونَ الورى التَّفضيلُ
من كلِّ وضّاحِ الجبين كأنّه … عضبٌ جلاه الصّيقلون صقيلُ
وملوّمٍ فى المكرماتِ وطالما … عُذِر الضَّنينُ بها ولِيمَ بَذولُ
وكأنّه فرداً إذا شهد الوغى … ضَرباً وطَعناً معشرٌ وقبيلُ
ومعاشرٍ لولاهمُ ما بيننا … ما كان تعظيمٌ ولا تبجيلُ
عنهمْ تلقّيتِ العظاتُ ومنهمُ … فهمَ الهدى وتعلّمَ التّأويلُ
وبيوتهمْ مأوى الرّشادِ وبينهمْ … سطرَ الكتابُ ونزّلَ التّنزيلُ
وتراهمُ صبحاً وكلَّ عشيّة ٍ … يأْتيهمُ مِيكالُ أو جَبْريلُ
لو أنَّهمْ لم يَنْهجوا سُبُلُ التُّقَى … ما بان تحريمٌ ولا تحليلُ
فهُمُ عن الأمرِ الدَّنيِّ جوامدٌ … وهُمُ إلى الأمرِ العليِّ سُيولُ
بيتٌ أقام دعامه وقبابه … إمّا إِمامٌ أو أخوهُ رسولُ
بيتٌ يُناجي اللهَ حَلاَّلٌ بهِ … وعليهمُ الأملاكُ فيه نزولُ
ومساكنٌ ما غابَ عن أفواهِهمْ … فيهنَّ تقديسٌ ولا تَهْليلُ
لهمُ منًى والموقفانٍ وزمزمٌ … والبيتُ والتّطوافُ والتجويلُ
والحِجْرُ والحَجَرُ الذي لصَفاتِهِ … أبَدَ الزَّمانِ الضَّمُّ والتّقبيلُ
للهِ ماجشموه عن أديانهمْ … والدّارعون عن الطّعان نكولُ
طرحوا الأناة َ وطوَّحوا بحِذارهمْ … وتيقّنوا أنّ الجبانَ ذليلُ
وتَراكبوا مثلَ الدَّبَى في غمرة ٍ … ما إنْ بها إِلاّ قَناً ونُصولُ
والخيلُ ساطعة ُ العجاج كأنَّما … لعجاجِها ضوءُ الصَّباحِ دليلُ
ليلٌ نجومُ سمائِهِ زُرْقُ القنا … والشّمسُ فيه صارمٌ مسلولُ
ومُغامرٍ يَلِجُ القَتامَ وما لَهُ … إلاّ حسامٌ في يديهِ دليلُ
ربح الحياة َ بطعنهِ وضرابهِ … والهائبُ النَّخِبُ الجبانُ قتيلُ
خُذها فما لطلوعِها ـ مُبيضَّة ً ـ … كطلوع أوضاحِ الصّباحِ أفولُ
وكأنّما أمنيّة ٌ بلغتْ بها … كأنّها روضُ الثّرى المطلولُ
سيارة فى عرضِ كلّ تنوفة ٍ … ولغُرُّ أبكارِ الكلام ذَميلُ
وإذا قرنتَ بها سواها برَّزتْ … غررٌ لها لمّاعة ٌ وحجولُ
والشِّعْرُ منه ناصعٌ مُتَخَيَّرٌ … حُسناً ومنه الكاسفُ المرذولُ
ومن القريض سعادة ٌ وشقاوة ٌ … ومن القريض نباهة ٌ وخمولُ
وقليلُهُ حيثُ الصّوابُ وكُثرُهُ … من قائليه وساوسٌ وخبولُ
والقارضون الشّعر إمّا مولجٌ … أبوابُه أو مُبعَدٌ مَعْدولُ
ولكمْ لطلاّعِ الثّنايا نحوه … مُتَزحزِحٌ عن طُرْقِهِ وذَليلُ
طلبوا وما وَصلوا وكم من طالبٍ … أمراً وليس له إليه وصولُ
وإذا همُ لم يحسنوا فى قولهم … أشعارهمْ ؛ أحسنتَ كيف أقول ؟