في الباخرة – إبراهيم ناجي

أحبُّ أجلْ أحبُّ كأن نبعاً … سماويّاً تفجّر في دمائي

لقد طاب الوجودُ بحالتيه … شقائي فيك أجمل من هنائي

وليلي فيك أحسن من نهاري … وصبحي فيك أجمل من مسائي

فمفترقان فيه إلى لقاء … وملتقيان حتى في التنائي

أميمةُ إن عمرَ الحبِّ حقاً … لأعجب آية تحت السماءِ

فما أدري لأيهما ثنائي … ثوانيه السِّراع أم البطاءِ

أهذا الحلم يمضي شبه لمحٍ … أم الأبدُ المديدُ بلا انتهاءِ؟

أتفكيري هناك أم انتظاري … لأروعِ هالةٍ حولَ البهاءِ

وأزهى من تثنَّى في حُلِيٍّ … وأبهج من تهادى في رداءِ

وأسنى من تخطَّر في دلالٍ … وأطهر من تعثرَ في حياءِ

سيذكر ملتقانا النيلُ يوماً … غداة تُعَدُّ أيامَ الصفاءِ

وحيدٌُ غير أني في زحامٍ … من الآمالِ تترى والرجاءِ

إلى أن لاح عرشُ النورِ مني … قريباً والهلالُ إلى اعتلاءِ

فمؤتلقٌ على أفقٍ بعيدٍ … ومنعكس على فضِّيِّ ماءِ

كذلك أنت في فكري وروحي … سناك مع الهلال على سواءِ

وطيفٌ عبقر في خيالي … وحيد الذات مختلف الرُّواءِ