الغد – إبراهيم ناجي

يا حنانا كيد الاسي الرؤوم … وشعاعا يشتهى بعد الغيـوم

أنا في بُعْدِكَ مفقودُ الهُدَى … ضائعٌ أعْشُو إلى نورٍ كريمِ

أشتري الأحلام في سوق المنى … وأبيع العمرفي سوق الهموم

لا تقُلْ لي في غدٍ موعدُنا … فالغدُ الموعُودُ ناءٍ كالنجومِ

عَبَرَتْ بي نَشوةٌ مِن فَرَحٍ … فَرَقَصْنَا أنا والقلبُ سُكَارَى

سنَذمُّ النورَ حتى يَتَلاشى … ونذمُّ الليلَ حتى يتوارَى

فركبنا الوهمَ نبغي دارَها … وطوينا الدهرَ والعالَم طَيَّا

ولقينا الحسنَ غَضّاً والصِّبَا … وتملَّيْنَا الجلالَ الأبدِيَّا

أتراها خدعةً حاقت بنا؟ … أتراها ظِنةً مما ظَنَنَا؟

إذِنَ اللهُ به بعد النوى … فثوينا واسترحنا وأمِنّا

أيها الآمرُ في مُلكِ الهوى … اعف عن لهفةِ روحي وأواري

غير أني كلّما امتدت يدي … لعناقٍ جِفتُ أن تؤذيكَ ناري

ملكت قلبي ولُبي رهبةٌ … عصفت بالقلب واللُّبِّ جميعَا

وحبيسٍ من عتاب في فمي … قد عصاني فتفجَّرتُ دموعَا

واختفتْ تلك الرُّؤَى عن ناظري … وطواها الغيبُ في سِحْريِّ بُرْدِ

وإِذا بي غارقٌ في محنَتي … وبلائي، أقطعُ الأيامَ وَحْدٍي

ودَع الصدق لمن ينشده … الحجى خمصيَ فاغمرْ بالضلالِ

يا جِنانَ الخًلْدِ قَدَّمْتُ اعتذاري … إِذ يَطوف الخلدَ سقمى ودَماري

خلِّني بالشوقِ أستدني غداً … فغداً عندي كآبادٍ طوالِ

أيها الآمرُ في مُلكِ الهوى … اعف عن لهفةِ روحي وأواري

أشتهي ضَمَّكَ حتى أشتفي … فكأني ظامىءٌ آخذ ثاري

غير أني كلّما امتدت يدي … لعناقٍ خِفتُ أن تؤذيكَ ناري

أيها النورُ سًَلاماً وخشوعاً … أيها المعْبَدُ. صَمْتاً ورُكُوعَا

ملكت قلبي ولُبي رهبةٌ … عصفت بالقلب واللُّبِّ جميعَا

رُبَّ قول كنتُ قد أعددتُه … لكَ إِذ ألقاك يأبى أن يطيعَا

وحبيسٍ من عتاب في فمي … قد عصاني فتفجَّرتُ دموعَا

لذعتني دمعة تلفح خدي … نبهتني من ضلالٍ ليس يُجْدِي

واختفتْ تلك الرُّؤَى عن ناظري … وطواها الغيبُ في سِحْريِّ بُرْدِ

وتَلَفَّتُّ فلا أنت ولا … جنةُ الخلد ولا أطيافُ سَعْدِ

وإِذا بي غارقٌ في محنَتي … وبلائي، أقطعُ الأيامَ وَحْدٍي

هاتِ قيثاري ودَعْني للخيالِ … واسقني الوهْمَ وعَلِّلْ بالمحالِ

ودَع الصدق لمن ينشده … الحجى خمصيَ فاغمرْ بالضلالِ

وخُذ الأنوار عنّي، ربما … أجدَ الرحمةَ في جوفِ الليالي

خلِّني بالشوقِ أستدني غداً … فغداً عندي كآبادٍ طوالِ