عَرَفَ الْهَوَى في نَظْرَتِي فَنَهَانِي – محمود سامي البارودي

عَرَفَ الْهَوَى في نَظْرَتِي فَنَهَانِي … خِلٌّ رَعَيْتُ وِدَادَهُ فَرَعَانِي

أخفيتُ عنهُ سريرتي ، فوشى بها … دَمْعٌ أَبَاحَ لَهُ حِمَى كَتْمَانِي

فبأيَّ معذرة ٍ أكذبُ لوعة ً … شَهِدَتْ بِهَا الْعَبَرَاتُ مِنْ أَجْفَانِي؟

يَا صَاحِ لاَ أَبْصَرْتَ مَا صَنَعَ الْهَوَى … بأخيكَ يومَ تفرقِ الأظعانِ

يَوْمٌ فَقَدْتُ الْحِلْمَ فيهِ، وَشَفَّنِي … وَلَهٌ أَصَابَ جَوَانِحِي، فَرَمَانِي

فَعَلَيْكَ مِنْ قَلْبِي السَّلاَمُ؛ فَإِنَّهُ … تبعَ الهوى ، فمضى بغيرِ عنانِ

هيهاتَ يرجعُ بعدَ ما علقتْ بهِ … لَحَظَاتُ ذَاكَ الشَّادِنِ الُفَتَّانِ

وَ على الرحائلِ نسوة ٌ عربية ٌ … يخدعنَ لبَّ الحازمِ اليقظانِ

أغوينني ؛ فتبعتُ شيطانَ الهوى … إِنَّ النِّسَاءَ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ

ما كنتُ أعلمُ قبلَ بادرة ِ النوى … أَنَّ الأُسُودَ فَرَائِسُ الْغِزْلاَنِ

رحلوا فأية ُ عبرة ٍ مسفوحة ٍ … وَ يدٍ تضمُّ حساً منَ الخفقانِ ؟

وَلقدْ حننتُ لبارقٍ شخصتْ لهُ … منا العيونُ بأبرقِ الحنانِ

يستنُّ في عرض الغمامِ ، كأنهُ … لَهَبٌ تَرَدَّدَ فِي سَمَاءِ دُخَانِ

فانظرُ ، لعلكَ تستبينُ ركابهُ … طَوْعَ الرِّيَاحِ، يُصِيبُ أَيَّ مَكَانِ؟

فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ الشُّعُوبُ، وَتَلْتَقِي … هدبُ الخدورِ على غصونِ البانِ

فَاخْلَعَ عِذَارَكَ، وَاغْتَنِمْ زَمَنَ الصِّبَا … قَبْلَ الْمَشِيبِ فَكُلُّ شَيْءٍ فَانِي