عسى معرضٌ وجههُ مقبلُ – مهيار الديلمي
عسى معرضٌ وجههُ مقبلُ … فيوهب للآخر الأوّلُ
أرى الدهرَ طامنَ من تيهه … وعُدّل جانبه الأميلُ
وخودع عن خلقه في العقوق … وما خلتُها شيمة ً تنقلُ
أصفت جمّة الماء بعد الأجون … وقرَّ وكان نبا المنزلُ
حمى السرحَ أغلبُ وارى الزناد … أسودُ الشرى عنده أشبلُ
بعينين لا يسألان السهاد … متى الصبحُ إن رقد المهملُ
له عطنٌ لا تشمُّ الدما … ءَ فيه ذئابُ الغضا العُسَّلُ
فأبلغْ حبائبنا بالنُّخيلِ … رسولا وما صغراً ترسلُ
صلونا فقد نسخ الهجرَ أم … سِ أمرٌ له اليوم ما يوصلُ
وقد قسمَ النَّصفَ حرُّ اليمي … ن في كلّ مظلمة ٍ يعدلُ
وطرّحْ لحاظك هل بالشُّريفِ … ركائبُ يحفزها المُعملُ
عوائمُ في الآل عوم السفي … ن يطردها عاصفٌ زلزلُ
وأين ببابلَ منك الحمو … لُ موعدها النَّعفُ أو حوملُ
وقفنا وأتعبَ ليَّ الرقاب … بسقط اللِّوى طللٌ يمثلُ
فلا حافظٌ عهد من بان عنك … فيبكي ولا ناطقٌ يسألُ
سقيتَ محلاًّ وأحيت رباك … مدامعُ كلِّ فتى يقبلُ
ولا برحتْ تضع المثقلاتُ … من المزن فوقك ما تحملُ
وفي الركب من ثعلٍ من يدُ … لّ إلا على سهمه المقتلُ
يطفن بلفَّاء منها القضيبُ … ومنها كثيبُ النقا الأهيلُ
محسّدة العين سهلُ اللحا … ظِ يصبغها مثله الأكحلُ
مهاوى قلائدها إن هوينَ … بطاءٌ على غررٍ تنزلُ
تفوت النواسجَ أثوابها … فليس لها مئزرٌ مسبلُ
أحقّاً تقنَّصني بالحجا … ز في شكَّتي رشأٌ أعزلُ
حبيبٌ رماحُ بغيضٍ تبي … تُ دون زيارته تعسلُ
لقد أحزنتْ لك ذاتُ البرينَ … لواحظَ كانت بها تسهلُ
رأت طالعاتٍ نعين الشبابَ … لها وهو أنفس ما تثكلُ
فما سرَّها تحت ذاك الظلا … م أنّ مصابيحه تشعلُ
عددتُ سنيَّ لها والبياضُ … لدعواي في عدِّها مبطلُ
وأقبلتُ أستشهدُ الأربعين … لو أنّ شهادتها تقبَلُ
وقالوا رداءٌ جميلٌ عليك … ألا ربّما كرهَ الأجملُ
وويل امّها شارة ً لو تكو … ن صبغا بغير الردى ينصلُ
وما الشيب أوّل مكروهة … بمحبوبة أنا مستبدلُ
تمرَّنَ جنبي بحمل الزمان … فكلّ ثقيلاته أحملُ
فردَّ يدي عن منالِ المنى … وكفِّي من باعه أطولُ
وتعقل ناشطَ عزمي الهمو … مُ والماءُ يحبسه الجدولُ
وما الحظّ في أدبٍ مفصحٍ … ومن دونه نشبٌ محبلُ
تراضى الفتى رتبة ٌ وهو حي … ث يجعله مالهُ يجعلُ
وقد يرزق المالَ أعمى اليدي … ن فيما يجودُ وما يبخلُ
ويستثقل الناسُ ما يحمل ال … فقيرُ وحملُ الغنى أثقلُ
حمى الله للمجد نفساً بغير … سلامتها المجدُ لا يحفلُ
وحيّا على ظلمات الخطو … ب وجها هو البدرُ أو أكملُ
يندّ القذى إن تلاقت عليه … جفونٌ برؤيته تكحلُ
وتقبلُ بالرزق قبل السؤال … أسرَّتهُ حين تستقبلُ
إلى الروض تحت سماءِ الوزي … ر تعترض العيسُ أو ترحلُ
مصاييف تشربُ جرّاتها … إذا عاقها عن سرى ً منهلُ
غواربها بعضاضِ القتو … د من بزّ أوبارها تنسلُ
يصيح بهنّ الرجاءُ العني … فُ هبْ إن ونى السائقُ المهملُ
تضيع على المقل الضابطا … ت أخفافها فرطَ ما تجفلُ
فتحسبُ منهنّ تحت الرحال … كراكرَ ليست لها أرجلُ
إذا غوّثت باسمه في الهجير … وفى الظلُّ وانجبس الجندلُ
فحطّت وقد لفَّ هامَ الربى … من الليل مطرفهُ المخملُ
وقد سبقتنا إليه النجوم … فمثلَ مغاربها تنزلُ
كأن الثريّا لسانٌ علي … ه يثنى معي أو يدٌ تسألُ
إلى خير مرعى ً جميمٍ يُلسُّ … وأعذبِ ماءِ حياً ينهلُ
ومن سبقَ الناسَ لا يغضبون … إذا أخّروا وهو الأوّلُ
من القوم تنجد أيمانهم … إذا استصرخ البلدُ الممحلُ
رحابُ الذَّرا وجفانِ القرى … إذا بلّت الموقدَ الشمألُ
بنى الملكَ فوقهمُ عزُّه ال … قدامى وغاربه الأطولُ
وداموا الزمانَ وليدا وشاب … وهم شعرُ مفرقه الأشعلُ
لهم غررٌ أردشيريَّة … تضيء وستر الدجى مسبلُ
ترى خرزَ الملك من فوقها … مياسمَ والناسُ قد أغفلوا
أولئك قومك من يعزهم … فكعبُ مناقيره الأسفلُ
ولي تابعاً لك يوم الفخا … ر من باب مجدهمُ مدخلُ
وترمي القبائلُ عن قوسهم … وأرمي ولكنك الأفضلُ
وما تلك تسوية بيننا … وفي الظبية العين والأيطلُ
ويومٍ تواكلُ فيه العيونُ … عمائمُ فرسانه القسطلُ
تعارضُ فيه الكماة ُ الكماة َ … فمتنٌ يحطَّمُ أو كلكلُ
تورّطته خائضا نقعه … بما شاء أبطالهُ تجدلُ
ترى عاره درنا لا يماط … بغير الدماء فلا يُغسلُ
بنيتَ حياضا من الهام في … ه تشرعُ فيها القنا الذُّبلُ
وعدتَ بأسلاب أملاكه … تقسَّم في الجود أو تنقلُ
وتحتك أحوى يطيش المراح … به أن يقرَّ له مفصلُ
كأنّ الأباريق طافت علي … ه أو مسَّ أعطافه أفكلُ
شجاه غناءُ الظُّبا في الطُّلى … فمن طربٍ كلّما يصهلُ
إذا قيل في فرسٍ هيكلٌ … تبلَّغ ينصفهُ الهيكلُ
جرى المجهدون فلم يلتبس … بنقعك حافٍ ولا منعلُ
إذا فات سعيك شأوَ الرياح … فمن أين تلحقك الأرجلُ
يعجُّ النديُّ خصاماً فإن … نطقتَ أرمَّ لك المحفلُ
ويختلفُ الناسُ حتى إذا … قضيتَ قضى القدرُ المنزَلُ
بسطتَ يدينِ يداً تأخذُ الن … فوسَ بها ويداً تبذُلُ
فيمناك صاعقة ٌ تتّقى … ويسراك بارقة ٌ تهطلُ
وقد أصلح الناسَ في راحتيك … أخوك الندى وابنك المقصلُ
سقيتَ فأطفأ لهبَ البلا … د ماءُ أناملك السلسلُ
ولم يُرَ أنوأَ من قبلها … مواطرُ أسماؤها أنملُ
فداك وتفعلُ ما لا تقول … ممَنٍّ يقولُ ولا يفعلُ
يلومك في الجود لمّا عرف … تَ من شرف الجود ما يجهلُ
وما غشّ سمعك أشنا إلي … ك من ناصح في الندى يعذلُ
سللتَ على المال سيفَ العطاءِ … فلاحيك في الجود مستقتلُ
أعيذك بالكلمات التي … بهنّ تعوَّذَ من يكملُ
فلا يسع الجوُّ ما قد وسعتَ … ولا تحمل الأرضُ ما تحملُ
إذا الخلفاء انتدوا والملو … كُ عدّوك أشرفَ ما خُوّلوا
وقام أعزّهم من جلستَ … لنظم سياستهِ تكفلُ
رددتَ العمائم لما وزرتَ … تخاطبُ تيجانهم من علُ
ليهنِ الوزارة َ أن زُوّجتك … على طول ما لبثتْ تعضلُ
غدت بك محصنة ً لا تحلُّ … لبعلٍ سواك ولا تبذلُ
وتعلمُ إنْ نازعت للرّجا … ل محصنة ٌ أنّها تقتلُ
وكانت بما تعدم الكفءَ في … حبال بعولتها تزمُلُ
لئن جئتها عانسا قد أبرّ … على سنّها العددُ الأطولُ
ففي معجزاتك أن الشبابَ … لها عاد؛ ماضيه مستقبلُ
وإن كنتَ آخرَ خطّابها … فإنك محبوبُها الأوّلُ
فلا عريتْ دولة ٌ ألبستك … شفاءً وأدواؤها تمطَلُ
ضفا فوقها رأيُك السمهريُّ … وقد صاح بالضارب المقتلُ
وجلّلتها نافيا شوبها … كما جلّل الجُمّة َ المرجلُ
وضاحك بغدادَ بعد القطو … ب من عدلك العارضُ المسبلُ
تعرفَ مذ دستها تربُها … كما عرَّفَ الرّيطة َ المندلُ
طلعتَ عليها طلوعَ الصِّبا … وليلُ ضلالتها أليلُ
وكم طفقتْ بك مصر تطول … عليها وتكثرها الموصلُ
ولسنا هناك ولكنّه … يعزُّ بك الخاملُ المهملُ
أنا العبد كثَّرتَ حسّاده … على ما تقولُ وما تفعلُ
ملأتَ عيابَ المنى بالغنى … له واستزادك ما يفضلُ
سوى شعبة ٍ ظهرها للزما … ن من حاله كاشفٌ أعزلُ
تروّعها حادثاتُ الخطوب … وتحذر منك فلا تنبُلُ
فهل أنت منتشلي من نيو … ب دهرٍ يدمِّي ولا يدمُلُ
ومن عيشة ٍ كلّ أعوامها … وإن أخصبَ الناسُ بي ممحلُ
يكالح سرحى ثراها القطوبُ … ومسرح روّادها مبقلُ
أجرني بجودك من أن أذلَّ … وانصرْ دعائي فلا أخذَلُ
وصن بك وجهي عمّن سواك … فما مثل وجهيَ يستبذلُ
فكم راش مثلُك مثلي فطار … وإن كان مثلك لا يفعلُ
وقدما وفى لزهيرٍ وزا … د من هرمٍ واهب مجزلُ
فسار به الشعرُ فيما سمع … تَ من مثلٍ باسمه يُرسلُ
وحسّان أمست رقاه الصعا … بَ من آل جفنة َ تستنزلُ
فأوقرَ منهم وسوقا تنو … ء منها البكارُ بما تحملُ
تعرَّفَ ريحَ عطاياهمُ … وقد جاء يحملها المرسلُ
وأبصر نعماءهم نازحين … وبابُ لواحظهِ مقفلُ
وشدَّ الحطيئة ُ منْ آل لأيٍ … بعروة ِ أملسَ لا يُسحلُ
تنادوه بين بيوت ابن بدر … فعلَّوه عنهنّ واستثقلوا
وجازوه يغتنمون الثناءَ … فبقَّى لهم فوق ما أمَّلوا
وقام يزيدُ على جبنه … فدافع ما كرهَ الأخطلُ
ملوك مضوا بالذي استعجلوا … وطاب لهم ذخرُ ما أجَّلوا
وما فيهمُ جامعٌ ما جمعتَ … إذا أنتَ حصَّلت أو حصَّلوا
وإن أبطأ الحظُّ فالمهرجا … نُ إلى حظّه ناهضٌ قلقلُ
هو اليوم جاءك في الوافدي … ن معنى ً وإن عزَّه مقولٌ
تجلَّى بفضلِ قبولٍ حباه … به وجهُ دولتك المقبلث
وما زال قدماً عريقَ الجما … ل والعامَ منظره أجملُ
يمينا لما بعدَ هذا المقا … م أصرمُ منّى ولا أنبلُ
يلجلج عنك اللسانُ السلي … طُ وتضحى حديدته تنكُلُ
وقد ركب المادحون الصعابَ … ولكنِّي الفارسُ المرجلُ
وما كلّفوا عدَّ سرحِ النجوم … ومثقالَ ما تزن الأجبلُ
أحلتَ القرائحَ تحت القلوب … سوى أنني القُلَّب الحُوَّلُ
رمى الشعراءُ عناني إلى ّ … ففتُّ وأرساغهم تشكلُ
وسرَّهمُ أنهم يعملون … بزعمهمُ وأنا أعملُ
ولو منعَ الجبنُ بالسيفِ كان … أحقَّ بضرب الطُّلى الصيقلُ
ببسطك لي سال وادي فمي … ولاينني الكلمِ الأعضلُ
فسوّمتها مهرة ً لا يعضُّ … بغيرِ يدي شدقها مسحلُ
محرّمة َ السرج إلا علي … ك تشرفُ منك بمن تبعُلُ
كأنّ عبيدا تمطَّى بها … ومسّح أعطافها جرولُ