طوى اللّيلَ راكبَ أخطارهِ – مهيار الديلمي
طوى اللّيلَ راكبَ أخطارهِ … على شحطِ داريَ منْ دارهِ
خيالٌ وفى بضمانِ الهوى … فجاءَ رسولاً لغدّارهِ
سرى منْ ضنينٍ لمعروفهِ … تعرَّضَ فيَّ لإنكارهِ
حبيبٌ جبانٌ بغيرِ الوصالِ … شجاعٌ بإهداءِ آثارهِ
طرقتُ بما زارَ منْ طيفهِ … كأنّي طرقتُ بعطَّارهِ
تطَّلعَ يقصرُ ليلَ التَّمامِ … طلوعَ كواكبِ أسحارهِ
بأشنبَ يسمحُ للرَّاشفينِ … بنهبِ ودائعِ خمَّارهِ
إذا أسكرتْ دائراتُ الكئوسِ … صحا الشَّاربونَ بأدوارهِ
أقامَ فوافى وجلّى بهِ … منَ الصبحِ أخبثُ أطيارهِ
وبرقُ خشوعي منْ طيفهِ … وماءُ جفوني منْ نارهِ
تعرّضّ لي شفقُ الأتحم … يِّ تنزو الرِّياحُ بأشطارهِ
فطارحني منْ حديثِ العذيبِ … وفاكهني طيبَ أخبارهِ
أراني مواقدَ نيرانهِ … بعيداً ومجلسَ سمَّارهِ
وذكَّرني زمناً ما شربتُ … دموعيَ إلاَّ لتذكارهِ
وليلاً عدمتُ ضياءَ السُّرو … رِ منذُ فجعتُ بأقمارهِ
وهيفاً غذاهنّ وادي النَّعيمِ … بجنّاتهِ وبأنهارهِ
ملكن الهوى فأعرنِ القلو … بِ ما شئنَ منهُ سوى عارهِِ
فهنَّ ظواهرُ ما غابَ منهُ … وهنَّ بواطنُ أسرارهِ
وأبلهُ لا تجدْ العينُ في … هِ نهجاً يقصُّ بآثارهِ
يقلُّ عليهِ انتفاعُ الدَّليلِ … بتجريبهِ وبتكرارهِ
ندبتُ لهُ يدَ طبِّ الحسابِ … بأخماسهِ وبأعشارهِ
غنيٌّ عنْ النَّجمِ أنْ يستدلَّ … بواقعهِ وبطيارهِ
ونبّهتُ ذا رقدة ٍ حلوة ٍ … فقامَ لأمري وإمرارهِ
يخالُ بخبرتهِ بالفضا … ءِ أعطى َ قسمة َ أقطارهِ
يداري إلى السُّوطِ جفناً خيوطُ ال … كرى ممسكاتٌ لأشفارهِ
فملنا إلى جنحِ ليلٍ يضيعُ … بياضُ الكواكبِ في قارهِ
لعزٍّ تركنا غراماً بهِ … سروجَ الطَّريقَ لأكوارهِ
وأحرى بهِ أنْ يجلَّى دجاهُ … بوجهِ الوزيرِ وإسفارهِ
وأنْ يضعَ السَّيرُ أثقالهُ … إذا رفعتْ حجبُ أستارهِ
إذا شرفُ الدِّينِ حطَّتْ بهِ … قدرنا سراها بمقدارهِ
فطابَ المقامَ لقطَّانهِ … وقرَّ المطيَّ بسفَّارهِ
اليكُ افتضضنا عذارى ال … سُّهوبِ بعونِ الرَّجاءِ وأبكارهِ
إلى خير منْ حلّ شوقاً إليهِ … ركابُ المطيّ لأسيارهِ
فحَّرمها أنْ تشمَّ الهوانَ … فتى ً لا يجارُ على جارهِ
كريمٌ يعدُّك أغنيتهُ … إذا أنتَ جئتَ لإفقارهِ
كأنّكَ أوّلُ أحبابهِ … إذا كنتَ آخرَ زوّارهِ
دعِ النَّاسَ واعكفْ على بيتهِ … فدرُّ الّندى تحتَ أحجارهِ
رواقٌ ترى المجدَ في صدرهِ … ورزقكَ ما بينَ أكسارهِ
وهبْ عشبَ الأرضِ للرَّائدين … إذا ما وليتَ بأقطارهِ
حمى اللهُ أبلجَ بدرُ التَّما … مِ يطلعُ ما بينَ أزرارهِ
وحيَّا على رغمِ زهرُ النُّجو … مِ وجهاً يعمُّ بأنوارهِ
وأعدى أعاديهِ منْ مالهِ … إذا جادَ قلّة َ أعمارهِ
همامٌ ظواهرَ أسدِ الشَّرى … تلاوذُ في الغابِ منْ زارهِ
يهيبُ بها بعدَ إصحارهِ … وترهبهُ قبلَ إصحارهِ
حليمُ السَّطا ينزلُ الذَّنبُ منهُ … بواهبهِ وبغفّارهِ
تنامُ على الفرطاتِ العظا … مِ عيناهُ إلاَّ على ثارهِ
نهيتُ عدوّكَ لو أنَّهُ … بوعظي تاركُ إصرارهِ
وقلتُ حذاركَ لا تغتررْ … بصلّ الحماطة َ في غارهِ
فبعدُ سكينة ِ مجموعهِ … تسوءكَ وثبة َ ثوَّارهِ
فلمْ ينتصحني ولمْ يعنني … وقدْ حانَ كثرة ُ إنذارهِ
ومرّ يجاري على الإغترا … رِ منْ ليسَ منْ خيلِ مضمارهِ
أرادَ ليغمزَ صمَّ القنا … بجوفِ اليراعِ وخوَّارهِ
وشاورَ في البغى شيطانهُ … فأطغتهُ طاعة ُ أمّارهِ
وعارضَ معجزَ آياتكمْ … بكذَّابهِ وبسحَّارهِ
توغَّلَ يدرسُ آثاركمْ … فأنغضَ منْ دونِ آثارهِ
ومدَّ ليحملَ ما تحملونَ … صليفا ضعيفا بأوقارهِ
وكانَ يلامُ فلمّا لجا … إلى العجزِ قامَ بأعذارهِ
ألمْ يكفهِ غدرُ كرَّاتهِ … بهِ وتقلّبُ أطوارهِ
وتجريبهُ معكمْ نفسهُ … فينهى اللّجاجَ بإقصارهِ
ولما انتصرتَ بكافي المهمِّ … أحسَّ بخذلانِ أنصارهِ
ظفرتَ وها هو تحتَ الإسا … رِ يأكلُ زائدَ أظفارهِ
تعفَّى الخطايا بإقلاعهِ … وتمحو الذُّنوبَ بإقرارهِ
رضيتَ بقلِّكِ حتّى تعزَّ … ويرضى الهوانُ بإكثارهِ
فقنطارُ مالكَ دونَ الأذى … ومهجتهُ قبلَ دينارهِ
تجلَّتْ بسعدكَ غمَّاؤها … فتوقَ الصَّباحَ بإسفارهِ
وغرمَ الّذي فاتَ في ذمّة ِال … قضاءِ وسابقَ أقدارهِ
وقدْ جنبَ الدَّهرُ منْ نفعهِ … منائحَ في حبلِ إصرارهِ
سيأتي تنصُّلهُ آنفا … فيسفرُ في حظٍّ أوزارهِ
ودونَ جنا النَّحلِ وخَّازة ٌ … تشقُّ على يدِ مشتارهِ
بقيتَ لملكٍ إذا كنتُ فيهِ … فإثراؤهُ معِ إصفارهِ
ويا ربِّ بيتِ النّدى لا أصي … بَ منكَ بسّيدِ عمّارهِ
ودارَ بما شئتَ قطبَ النجو … مِ تعطى سعادة أدوارهِ
وزارَ جنابكَ هذا الرَّبيعُ … بمنخرقِ الخلفِ درَّارهِ
تجارى سماحكَ أنواؤهُ … وخلقكَ زهرة ُ أنوارهِ
يؤديكَ نيروزهُ سالما … إلى صومهِ ثمَّ إفطارهِ
وبقّيتَ لي وزرا لا تدرُّ … سحابي إلاّ بإعصارهِ
لمضطهدٍ يسرهُ ما اتسعتَ … وضيقكَ آية ُ إعسارهِ
رماني زماني بما نابكمْ … فأغرقَ في نزعِ أوتارهِ
وعمّقَ يجرحُ ما لا تنا … لُ كفُّ الطبيبِ بمسبارهِ
فمنْ كلمَ قلبي وإحراقهِ … إلى فقرِ ربعي وإقفارهِ
فلا يعدْ منكمْ شريبٌ لكمْ … على حلوِ دهرٍ وإمرارهِ
سليمُ الأديمِ على ودِّكمْ … إذا رابَ كثرة ُ عوّارهِ
يمدكمْ ما استطاعَ الثَّناءَ … بقاطنهِ وبسيَّارهِ
إذا لمْ يجدْ حبوة ً بالثَّراءِ … حباكمْ بصفوة ِ أفكارهِ
فإنْ فاتهُ بيدٍ نصركمْ … أظلَّكمُ نصرُ أشعارهِ