سَلِ الجِزْعَ أين المنزلُ “المتنازحُ” – الشريف المرتضى
سَلِ الجِزْعَ أين المنزلُ “المتنازحُ” … وهل سكَنٌ عادٍ من الدّارِ رائخُ؟
وقد كنتُ قبلَ البينِ “أكتتمُ” الهوى … فباحَ به دمعٌ من العينِ سافحُ
يجودُ وإنْ أزرى وأنّبَ ناصحٌ … “ويهمي” وإنْ أغرى وألّبَ كاشحُ
ألا إنّ يوماً نلتُ فيهِ “منى ” الهوى … برغم العدى يومٌ “لَعَمْركَ” صالحُ
ولمّا تلاقَينا بشِعْبِ مُغَمِّسٍ … على شَرَفِ فيه الوكورُ الجوارحُ
خَلطنا نُفوسًا بالنفوسِ صَبابة ً … وضاقَ اعتناقٌ بيننا وتَصافُحُ
وليلة َ أضْللنا الطّريقَ إليكمُ … فلم يهدِ إلاّ العنبرُ المتفاوحُ
وإلاّ سقيطُ الدُّر زعزع سِلكَهُ … غُصونٌ تُثنّيها الرِّياحُ النَّوافِحُ
فإنْ لم “يُشافِهنا” بكمْ أبطَحُ الحِمى … فلا سُقيتْ ماءَ السّحابِ الأباطحُ
وإن لم تكنْ تلك المسارحُ مُلتقى ً … لأهل “الهوى ” فلا عَمِرْن المسارحُ
يضِنّونَ بالجدوى عليَّ وإنني … لأمنحهمْ من فرع الأراكِ صوادحُ
ومن قبلُ شاقَتني ونحن على مِنًى … حمائمُ من فرعِ الأراكِ صوادحُ
يَنُحْنَ ولم يُضمِرنَ شَجْوًا وإنَّما … شجى ً واشتياقاً ما تنوحُ النّوائحُ
فللِّهِ يومُ الحُزْنِ حين تطلَّعَتْ … لنا من نواحيهِ العيونُ الملائحُ
شَبَبْنَ الهوى فينا وهنّ سوالِمٌ … وغادَرْننا مَرْضى ، وهُنَّ صحائِحُ
أمنْ بعد دُسْتُ الثّريا بأخمصي … وطأطأ عني الأبلخُ المتطامحُ؟
تَرومينَ أنْ أَغنَى بدارِ دناءَة ٍ … ولي عن مَقامِ الأدنياءِ منادِحُ؟
وقد علمتْ أحباءُ فِهْرِ بن مالكٍ … بأنِّيَ عن تلك العَضائِهِ نازحُ
وأنّيَ لا أدنوكم الرّبية ِ التي … تسامحُ فيها نفسُه مَن تسامحُ
وأنّيَ لا أرضى بتعريضِ معشرٍ … يُذعذِعُ عِرْضي قولُهُ وهْوَ مازِحُ
يَخُرّ فلا يدري لمن هو جارحٌ … ويقدحُ لا يدري بما هو قادحُ
وما غرني من “مومضٍ” فيَّ “مِدْحَة ً” … وما غرّت الأقوامَ إلاّ المدائحُ
ولولا فخارُ الملكِ ما كنتُ ثاويًا … ورَحلي على ظهر المطيّة ِ بارحُ
ولا طالعًا إلاّ مُخارمَ لم يكنْ … ليطلعَها إلاّ الشّجاعُ المُشايحُ
وقلْقَلَها رُكبانها نحو بابهِ … كما طاحَ مِن أعلامِ نَهْلانَ طائحُ
بملومة ٍ فيها القَنا والصَّفائحُ … حرامٌ على أخفافكنَّ الصّحاصِحُ
أنِخْنَ بمنْ لا نَبتغي بَدَلاً بهِ … فما ضرّ شيئاً أنّكنَّ طَلائحُ
بحيثُ الجفانُ الغّرُّ تُفْهَقُ “للقِرى ” … مِلاءً وميزانُ العطيَّة ِ راجحُ
إلى ملكٍ لا يأْلَفُ الهَزْلَ جِدَّهُ … ولا تُضمرُ الفحشاءَ منهُ الجوانحُ
وَقورٌ وأحلامُ الأنامِ طوائِشٌ … ويُبدي ابتسامًا والوجوهُ كوالحُ
سَقى اللهُ أيّامًا لنا في ظِلالِهِ … فهنَّ لأظلامِ الزَّمانِ مصابحُ
لياليَ تنهَلُّ الأمانيُّ حُفَّلاً … علينا كما انهلّتْ غيومٌ طوافحُ
ولمّا تناهبنا الثّناءَ بفضلهِ … وجاشَتْ بما تُولي يداهُ القرائحُ
ثناءً كنشرِ المندليِّ “تعبّقتْ” … به في ابتلاجِ الصّبحِ هوجٌ بوارحُ
تقاصر عن علياءِ مجدك قائلٌ … وقصَّرَ عن إِتيانِ حَقِّك مادحُ
ومَن كَتم النُّعْمى عن النّاس راجِيًا … تَناسِيَها نمَّتْ عليه المنائحُ
وقد علموا “لمّا عرا الملكَ داؤهُ” … ولا مَنهجٌ يشفي من الداءِ واضحُ
بأنّكَ عن ساحاتهِ الدّاءَ طاردٌ … وأنّك عن أكتادهِ الثِّقْلَ طارحُ
وما شعروا حتّى صَبَحْتَ ديارَهمْ … بماومة ٍ فيها القنا والصفائحُ
وجُردٍ تَهاوَى كالقِداحِ أجالَها … على عَجَلٍ يبغي الغِلابَ مُرابحُ
فما “رمْتَ” حتى الطيّرُ تعترِقُ الطُّلى … وحتِّى جبينُ التُّربِ بالدَّمِ راشحُ
وكم لكَ من يومٍ له أنتَ حاقرٌ … وفي ملِهِ نُجْحٌ لو أنّك ناجحُ
أتيتَ به عفواً مراراً ولم “يَطُرْ” … سِواكَ به في عُمرهِ وهْوَ كادحُ
وما أنا ألاّ من مَدَدْتَ بِضَبْعِهِ … إلى حيثُ لا ترنو العيونُ الطّوامحُ
أروحُ وأغدو كلَّ يومٍ وليلة ٍ … نَصيبيَ فيهِ مِن عطائك رابحُ؟
أأنساكَ تُدنيني إلى الجانبِ الذي … نصيبي فيهِ عطائك رابحُ؟
وتوسعُ لي في مشهد “القومِ موضعاً” … تضيقُ به منهمْ صُدورٌ فسائحُ
فما أنا إلاَّ في رياضِك راتعٌ … ولا أنا إلاّ مِن زنادك قادحُ
هنيئاً بيومِ المِهرجانِ فإنّهُ … وكلَّ زمانٍ نحوَ فخرِكَ طامحُ
تَعِزُّ بك الأيامُ وهي ذليلة ٌ … وتسخو الليالي منكَ وهيَ شحائحُ
فهذا أوانٌ ميسمُ اليُمنِ بَيِّنٌ … عليهِ وعُنوانُ السعادة لائحُ
ولازلتَ تستقري الزمانَ وأهلَهُ … لكَ الخلدُ فيه والمدى المتطاوحُ