لمنْ ضَرَمٌ أعلى اليَفاعِ تَعلّقا – الشريف المرتضى

لمنْ ضَرَمٌ أعلى اليَفاعِ تَعلّقا … تألّقَ حتّى لم يجد متألّقا ؟

إخالُ بِه يَخفَى ويبدو مكانَهُ … وينأى ويدنو فى دجى اللّيلِ أولقا

كأنّ شموساً طالعاتٍ خلاله … وإلاّ وَرِيساً من مُلاءٍ تمزَّقا

ذكرتُ به عَصراً تصرَّم طيِّباً … وعيشاً سرقناهُ بوَجْرَة َ مُشرِقا

وريّانَ من خمرِ الكرى طولَ ليلِهِ … يهونُ عليه أنْ أبِيتَ مُؤرَّقا

ويحرمُنا منه النَّوالَ تجنُّباً … ويُعرِضُ عنّا بالوصال تَعشّقا

وشنباءَ تستدعى العزوفَ إلى الصّبا … فيعلقها السّالى الذّى ما تعلّقا

تضنُّ على الظّامى إليها بريقها … وإنْ هي سَقَّتْهُ الأراكَ المُخَلَّقا

ولمّا التقينا للوداعِ رقتْ لها … دموعٌ ودمعي يومَ ذلك مارَقَا

ولمّا مررنا بالظِّباءِ عشيّة ً … علونَ النّقا وهناً بأوفى من النّقا

سفرن فأبدلن الدّياجى َ بالضّحى … وأجريْنَ من تلك العشيَّات رَوْنقا

فمسنَ غصوناً واطّلعن أهلّة ً … وفحنَ عبيراً أو سلافاً معتّقا

وعيَّرْنَني شَيباً سيُكسَيْنَ مِثلَهُ … ومن ضلَّ عن أيدي الرَّدى شابَ مَفْرَقا

وهل تاركٌ للمرء يوماً شبابه … صباحٌ وإمساءٌ ومنأى ً ومُلْتَقى

فقلْ للعدا: كَمْ ذا الطَّماحُ إلى الذي … عَلا قبلكمْ نحوَ السّماءِ مُحلِّقا 

أراحَكُمُ ذاك الذي ليَ مُتعِبٌ … ونوّمكمْ ذاك الذى لى َ أرّقا

ولستمْ سواءٌ وامرؤٌ فى ملمّة ٍ … خَمدتُمْ بها خوفَ الحِذارِ وأَشْرقا

ولم يقرها إلاّ الصّفيحَ مثلّماً … وإلا الوَشيجَ بالطِّعانِ مُدَقّقا

وشهّاقة ً ترنو نجيعاً كأنّما … خرقتَ ” به ” نوءَ الحيا فتخرّقا

فتحتُ لهمْ قعراً عميقاً كأنّنى … فتحتُ بها باباً إلى الموتِ مغلقا

تحكّكتمُ منه بصلِّ تنوفة ٍ … ثَوى لا يذوقُ الماءَ فيمنْ تذوَّقا

يَرُمُّ وما إرْمامُهُ لمخافة ٍ … ويُخشَى الرَّدى ممَّنْ أرمَّ وأطْرَقا

يمجُّ سماماً من فروجِ نيوبهِ … متى مارقاها القومُ صمّتْ عن الرّقى

وبحرُ النّدى يَمُّ الرَّدى لمُرِيغِهِ … إِذا صابَ أغنى أو إذا صَبَّ أَغرقا

وليثاً تَرى في كلِّ يومٍ بجنبهِ … لصرعاه أعضاداً قطعن وأسؤقا

شديدَ القُوى إنْ غالبَ القِرْنَ غالَهُ … وإنْ طلب الأمر الذى فات ألحقا

وإن هاجه يوماً كمى ٌّ رأيتهُ … مكبّاً على أوصالهِ متعرّقا

ففخراً بنى فهرٍ بأنّى َ منكمُ … إذا عيق عن عليائها من تعوّقا

تطولون بى قوماً كما طلتُ معشراً … بكمْ سابقاً فى حلبة ِ المجدِ سبّقا

وكنتُ لكمْ يومَ التَّخاصُمِ مَنطقاً … فَصيحاً وفي يوم التَّجالُدِ مَرْفِقا

ولمّا ادّعيتمْ أنّكمْ سادة ُ الورى … وألصقتمُ بالمجد كنتُ المصدّقا

ولم تُخفقوا لمّا طلبتمْ نَجابتي … وكم طالبٍ هذى النّجابة َ أخفقا

وما كان ثوبُ الرّوعِ يوماً عليكمُ … وفى كفّى َ العضبُ اليمانى ُّ ضيّقا

خُذوا الفخرَ موفوراً صحيحاً أديمُهُ … وخَلّوا لمن شاءَ الفخارَ المُشَبْرَقا

ولمّا بنيتُمْ ذُرْوَة َ المجد والنَّدى … هزأتمْ بقومٍ يبتنون الخورنقا

وحَرَّقتُمُ بالطَّعنِ ناراً غزيرَة ً … فأنسيتُمُ مَن كان يُدعَى المحرِّقا

وحلَّقتُمُ في شامخاتٍ منَ العُلا … فأخزيتمُ من كان يدعى المحلّقا

وودّ رجالٌ أنّنى لم أفتهمُ … تماماً وأفضالاً ومجداً ومُرتَقى

وأَنِّيَ ما حُزتُ الفخارَ مُغرِّباً … كما حزتُهُ دونَ الأنامِ مشرِّقاً

وأنِّيَ ما أنصبتُ في طُرقِ العُلا … قلوباً وأجساماً وخيلاً وأينُقا

فلا تغضبوا من سابقٍ بلغ المدا … ولوموا الذى لم يعطَ سبقاً فيسبقا

ولم أرَ من بعد الكمال بناظرى … من النّاسِ إلاّ مغضباً بى َ محنقا

وماذا على الرّاقى إلى قللِ الذرا … ذُر المجدِبَلْ مَن لم ينَلْها ولا ارتَقى

فكم أنامزجٌ كلَّ يومٍ قصيدة ً … ومُهدٍ إِلى راوٍ كلاماً مُنَمَّقا

وليس بشافٍ داءَ قلبيَ مِقْوَلي … وإنْ كانَ مرهوبَ الشّباة ِ مُذَلَّقا