سلاَ دارَ البخيلة ِ بالجنابِ – مهيار الديلمي

سلاَ دارَ البخيلة ِ بالجنابِ … متى عريتْ رباكِ من القبابِ

و كيفَ تشعبَ الأظعانُ صبحا … بدائدَ بين وهدكِ والشعابِ

بطالعة ِ الهلال على ضميرٍ … و غاربة ٍ كمنقضَّ الشهابِ

حملنَ رشائقاً ومبدناتٍ … رماحَ الخطَّ تنبتُ في الروابي

و أين رضاكِ عن سقيا دموعي … ربوعك من رضاكِ عن السحابِ

بكيتكِ للفراقِ ونحنُ سفرٌ … و عدتُ اليومَ أبكى للإيابِ

و أمسحُ فيكِ أحشائي بكفًّ … قريبٍ عهدها بحشا الربابِ

لها أرجٌ بما أبقاه فيها ال … تصافحُ بعدُ من ريحِ الخضابِ

أمفصحة ٌ فأطمعَ في جوابٍ … و كيف يجيبُ رسمٌ في كتابِ

نحلتِ ففي ترابكِ منكِ رسمٌ … كما أني خيالٌ في ثيابي

و في الأحداج متعبة ُ المطايا … تلينُ عرائكَ الإبلِ الصعابِ

بعيدة ٌ مسقط القرطينْ تقرا … خطوطُ ذؤابتيها في الترابِ

تجمع في الأوسارِ معصماها … و يقلقُ خصرها لكَ في الحقابِ

تعيبُ على الوفاءِ نحولَ جسمي … ألا بالغدر أجدرُ أن تعابى

و ما بك أن نحلتُ سوى نصولٍ … من السنواتِ أسرعَ في خضابي

جزعت له كأنَّ الشيبَ منه … يسلُّ عليكِ نصلاً من قراب

فما ذنبي إذا وقعتْ عقابٌ … من الأيام طار لها غرابي

و قد كنتُ الحبيبَ وذا نحولي … و هذا في العريكة حدُّ نابي

لياليَ لي من الحاجاتِ حكمى … و ليس وسيلة ٌ بسوى شبابي

ألا لله قلبكَ من حمولٍ … على علاتِ وصلٍ واجتنابِ

و حبكَ من وفى َّ العهدِ باقٍ … على بعدٍ يحيلُ أو اقترابِ

هوى لكَ في جبالِ أبانَ ثاوٍ … و أنتَ على جبالِ عمانَ صابي

و كان المجدُ أعودَ حين يهوى … عليكَ من المهفهفة الكعابِ

و إن وراء بحر عمانَ ملكاً … رطيبَ الظلَّ فضفاضَ الرحابِ

رقيقٌ عيشهُ عطرٌ ثراهُ … بطراقِ الفضائلِ غير نابي

متى تنزلْ به تنزلْ بوادٍ … من المعروفِ مرعى َّ الجنابِ

يدبره من الأمراء خرقٌ … يذلُّ لعزَّه غلبُ الرقابِ

و في ذو المجدِ سباقا فوافيَ … يحلق عرفهُ والنجمُ كابي

و قامَ بنفسهِ يسعى ففتقتْ … غريزة ُ نفسه شرفَ النصابِ

و بانَ به لعينِ أبيهِ بونٌ … أراه الشبلَ أغلبَ ليثَ غابِ

على زمنِ الحداثة ِ لم يفتهُ … تقدمُ شيبهم قدمَ الشبابِ

سما لمكانهم وهمُ شموسٌ … فطال الطودُ أعناقَ الهضابِ

و سيدُ قومهِ من سودوه … بلا عصبية ٍ وبلا محابي

و قدم بالفراسة ِ وهو طفلٌ … تحللُ عنه أنشطة ُ السخابِ

و ما تركُ الشريفِ على بنيه … و هم منه تجاوزهُ بعابِ

و إن كان الفتى لأبيه فرعاً … فإن الغيثَ فرعٌ للسحابِ

بلوهُ وجربوا يوميه نعمى … و بأساً في السكينة ِ والوثابِ

فما ظهروا مخاطبة ً بوانٍ … و ما ظفروا مضاربة ً بنابي

و لا عدموا به لسناً وقطعاً … عمائقَ في الإصابة والصوابِ

لذلك جاوروا بالبحرِ بحراً … كلاَ كرميهما طاغى العبابِ

يقول ليَ الغنى َ ورأى قعودي … عن السعي الممولِ والطلابِ

و عفة َ مذهبي ظلفاً وميلي … إلى العيش المرمق وانصبابي

أرى تلك فيّ لو خاطرتَ مرعى ً … يبدلُ صحة ً أهبَ الجرابِ

أما لكَ في بحارِ عمانَ مالٌ … يسدُّ مفاقرَ الحاجِ الصعابِ

و مولى يوسعُ الحرماتِ رعياً … و يعمرُ دارسَ الأملِ الخرابِ

لعلَّ مؤيدَ السلطانِ تحنو … عواطفُ فضله بعدَ اجتنابِ

قفلتُ ودونه متلاطماتٌ … زواخرهنَّ كالأسدِ الغضابِ

صواعدُ كالجبال إذا أحستْ … نسيماً أو نوازلُ كالجوابي

و أخضرُ لا يروق العينَ يطوى … على بيضاءَ سوداءِ الإهابِ

تجاذبه الأزمة ُ من حديدٍ … فيقمصُ أو يقطر في الجذابِ

إذا خوضُ الركاب شكون ظمأً … شكى ركبانها شرقَ الركابِ

يروعُ حداءُ أحبشها النواتي … إذا شاقتك حادية ُ العرابِ

إذا عثرتْ فليس تقالُ ذنبا … و إن صدعتْ فليست لانشعابِ

و لستُ بسابح فأقولُ أنجو … عسى إن ظهرها يوما كبابي

إذا حلمتْ بها في النوم عيني … طفقتُ أجسُّ هل رطبتْ ثيابي

و ما لي والخطارَ وقد سقتني … سماءُ يديهِ من غير اغترابِ

و جاءتني مواهبهُ بعيدا … بأفضلِ ما يجيءُ مع اقترابِ

رغائبُ من يديه فاجأتني … وفينَ رضا بآمالي الرغابِ

و زدنَ على حساب منايَ لكن … وشاحٌ لم يكنْ لي في حسابي

ندى وصلَ السماحَ به ولكن … تولى عنه حاجبه حجابي

أمرتَ بها كعرضك لم يدنسْ … بلا غشًّ يشوبُ ولا ارتيابِ

من الذهب الصريح فصار مما … يبدلُ في يديه إلى الذهابِ

و قاسمني مناصفة ً عليه … و جاحدني ليحبسه كتابي

و قال ولم يهبكَ ولم يصنيَّ … كذلكَ فيكَ منذُ سنينَ دابي

إذا حملتُ رفدا أو كتاباً … إليكَ لواه نهى واغتصابي

مكارمُ سقتهنّ إلى محبًّ … ففاز بها مغيرٌ لم يحابِ

بعثتَ بها الخؤن فضاع سربٌ … أمنتَ عليه غائرة َ الذئابِ

و لولا أنَّ خدمته وقتهُ … و حرمة َ عزَّ بابك والجنابِ

لما سلمَ البعوضُ على عقاب … و لا عضَّ الهزبرُ بشرَّ نابِ

أدلَّ بكم فأفحمني وكانت … نواحيه مآكلَ للسبابِ

فجلَّ عن الهجاء بذاك عندي … و قلَّ بما أتاه عن العتابِ

سلبتُ نداك في ناديك ظلما … بغارة ِ صاحبٍ لك في الصحابِ

ثلاثَ سنينَ حولا بعدَ حولٍ … بكفَّ وشاحَ مقتسمٌ نهابي

و أنتَ خفيرُ مالكَ أو يؤدي … إليَّ ولو بمنقطع الترابِ

إذا أنصفتني فعليك دينا … غرامة ُ ما تجمعَ في الحسابِ

أعدْ نظراً فكم أغنيتَ فقراً … به وجبرتَ كسراً من مصابِ

و كم نوديتَ يا بحرَ العطايا … فجاء البحرُ بالعجبِ العجابِ

وفتْ فيك المنى وقضتْ نذورى … فوفَّ علاكَ حقي ترضها بي

و في يدك الغنى فابعث أمينا … إليّ به وصيرهُ جوابي

و لا تحوجْ ظمايَ إلى قليبٍ … سواك على مقامي وانقلابي

أذكرك الذي ما كنتَ تنسى … سفوري تحت ظلك وانتقابي

و إني إن بلغتُ النجمَ يوماً … لكان إلى صنيعتك انتسابي