رقدتِ وأسهرتِ ليلاً طويلا – الشريف المرتضى
رقدتِ وأسهرتِ ليلاً طويلا … وحمّلتنا الحبَّ عبئاً ثقيلا
وكنتِ تُعاصينَ قولَ الوشاة ِ … فلمّا مللتِ أطعتِ العذولا
ولو كنتِ يومَ لوى عالِجٍ … وقفتِ ، شكونا إليك الغليلا
فإنْ أنتِ أنكرتِ ما نَدَّعيه … جَعلنا النُّحولَ عليهِ دَليلا
ودمعاً تحبَّس قبلَ الفراقِ … ويومَ الفراقِ أصابَ المَسيلا
سقَى الله جيرانَنا بالكُحيلِ … وحيّا به الظَبْيَ أحوَى كَحيلا
ولقّاهمُ بالنّعيم الكثير … وإنْ لم ينيلوكِ إلاّ قليلا
ففى القلب منهم ، على ضنّهمْ … غرامٌ يماطلني أنْ يَزولا
معاشرُ لا يألفونَ الوفاءَ … لصبٍّ ولا يعرفون الجميلا
إذا أمرضوا لم يعودوا المريضَ … وإنْ قَتلوا لا يَدون القتيلا
وكم فيهمُ من مليحِ الدّلا … ل تستلب العينُ منه ” العقولا “
يُحيِّيكَ بالوردِ من وجنتيهِ … ويسقيك من شفتيه الشَّمولا
ومن شعفٍ ظلتَ من بعدهم … تُرَثِّي الرُّسومَ وتبكي الطُّلولا
وتسأل كلَّ طويلِ الصُّمو … تِ يأبى له خلقه أنْ يقولا
ولولا شقاوة ُ جدِّ المحبّ لحقنا على سفوانَ الحمولا … لحقْنا على سَفَوانَ الحُمولا
عشيّة َ سرنا على كثرهمْ … نباريهمُ بوجيفٍ ذميلا
هنيئاً لنا فى مليك الملوك أنْ ملك الأرض عرضاً وطولا … رضَ عَرضاً وطولا
دعوت الجبال فلم تمتنعْ … فكيفَ تَرى لو دعوتَ السُّهولا؟
وشمْاءَ كالنَّجم مَرفوعة ٍ … تفوت المنى وتزلُّ الوعولا
سموتَ إليها وظنّ الغبى ُّ أنّك لا تستطيع الوصولا … يُ أنَّك لا تستطيعُ الوصولا
فما رمتَ حتّى ولجتْ الصّميمَ … وغادرتَ ما عزّ منها ذليلا
وكانت وليس سبيلٌ إلى … معاقلها فنهجتَ السّبيلا
تغاضيتَ عنها صنيعَ البطى ّ … فلما عزمتَ سبقتَ العجولا
لَعمرُ أبيها لقد رامَها … قتًى يركب الصّعبَ سمحاً ذلولا
فتى ً لا يبيتُ على رِيبَة ٍ … ولا يأخذُ الأمرَ إلاّ جليلا
ولم يُرَ قبلكَ مُستخرجاً … من الغِيلِ والأسدُ فيه الشُّبولا
وحيٍّ خبطتَ على غِرِّة ٍ … فأبدلتهمْ بالرّغاءِ الصّهيلا
تأنَّيتَهمْ مَوهناً كي يروا … صَباحِبهمْ مقبلاً والخيولا
عليهنَّ كلُّ شجاعِ الجَنا … نِ لا يجد الذُّعرُ فيه مَقيلا
وكم لك من معجزٍ باهرٍ … نراهُ فننكرُ منّا العقولا
تجيءُ به واحداً لا تريدُ … مُعيناً ولا تستشيرُ الخليلا
كليثِ العرينِ يجرُّ الفريسَ … إلى نفسهِ لا يريد الأكيلا
هنيئاً لنا في مليك الملو … سناناً طريراً وعضباً صقيلا
ومن واقفٍ فوق رجّافة ٍ … تزلُّ الأخامصُ عنها زليلا
ويفديك كلُّ بخيلِ اليدينِ … يمنّ الكثيرَ ويعطى القليلا
تراه إذا ما استحرّ الطّعانُ … كزَفِّ العوامل يمضي جَفولا
أما والذى زاره المحرمون … على أنْ يُنيلَهمُ أو يُقيلا
ولاذوا خضوعاً بأحجاره … وجرّوا بعقوتهنّ الذّيولا
وشعثٍ تلاقوا على المأزمينِ … يَزُجُّون صُبحاً مَطيّاً كَليلا
ومضطبعين ببيض الثّيابِ … تَراهمْ على عَرَفاتٍ نَزولا
لقد خصَّك اللهُ بالمأثُراتِ … إذا ما عُددْنَ عدمْنَ العَديلا
وجادَ الزّمانُ لنا فيكمُ … وكانَ الزّمانُ ضَنيناً بخيلا
فيا غَيثنا لا تَرِمْ أرضَنا … ويا شمسنا لا تجزنا أفولا
ويا جبلَ اللهِ فى أرضهِ … لروّاده أعفنا أن تزولا
فأنتَ الذي نلتُ منه المنى … ثناءً جميلاً ونيلاً جزيلا
وأسكنتنى وصروفُ الزّمان ” تصرحنى منك ظلاّ ظليلا ” … تُصحِّرُني منك ظِلاًّ ظلَيلا
وكنتُ البَهيمَ طويلَ الزَّمانِ … فأوضحتَ لى غرراً أو حجولا
أنَيروزَ مالكِنا دُمْ لهُ … وكنْ بالذى يبتغيه كفيلا
وعْدْ أبداً طارقاً بابَه … متى ما مضيتَ نويتَ القفولا
وإنْ أنتَ أفقدتنا غيره … فأهدِ إليهِ البقاءَ الطَّويلا