خل النديم – محمد مهدي الجواهري

خلِّ النديم ، فما يكون رحيقُهُ … وأدر لَماك إذا غفا إبريقُهُ

لم يُصبني كأسُ النديم وخمرُهُ … لو دام لي ثغر الحبيب وريقه

أن تحمِ عن أهل الهوى كأس اللَّمى … فالخمرُ أجود ما يكون عتيقه

حاشا لعهدك بعد ما عوذتَه … بدقيق خصرك أن يُحَلَّ وثيقه

عين تؤرقها عدتك قروحها … وحشاً تؤججه عداك حريقه

حمّل فؤادي ما تشاء يُطق به … إلاّ جفاكَ فذاك لست أطُيقه

ما نسبة الخَصرْ النحيف مع الحشا … فهل استُعير من الوشاح خفوقه

أنا ليس لي عنه غنى فلو ارتضى … دينَ المسيح فانني بِطْريقه

لا أدّعي هجر الخيال وإنما … أرَّقْتُ اجفاني فَسُد َّ طريقه

طرف تنازعه هوىً ومهابة … هذاك يجذِ به وذاك يعوقه

أم كيف يسلو عنك نشوان ومِن … كأس الغرام صَبوحهُ وغَبوقه

قالوا : نَزالِ . فقلت : هل يخشى الوغى … قلبي واسمر قده معشوقه

كذَب الوُشاة فما يزال كعهده … رَغم الصدود يشوقني وأشوقه

ما راق في عيني سواه ولا انثني … شئ سواي عن الأنام يروقه

بالرغم مني بعد طول تواصل … أرضى بطيف منك عز طُروقه

وقف البيان عليكما فتغزُ لي … بك والثناء إلى ” علي ” أسوقه

ما أبعدَ الشأوين هذا إن يضيق … منه الحشا فبذا يُفَرَّج ضيقه

دع عنك من كعبٍ وحاتِم إنما … للّجود معنى عنده تحقيقه

المجد ما روجت فيه بضائعاً … للمكرُمات فما عُكاظُ وسوقه

نسب زهت بابي الجواد فروعُه … وإلى محمدِ ينتمين عروقه

ذو عزمة مشهورة لو طاردت … شُهْبَ السما ما عاقه عَيُّوقه

صال العدى فقست صلود صفاته … وسرى الندى فاهتز منه وريقه

لو يدَّعي الحساد شأوك في العلى … لعريق مجدك يُستَذمُّ عريقه

أنعم بليلتك التي قضَيتها … والبدرُ من بين السُّتور شروقه

لله أيُ رِتاج باب رمتَه … حتى استُبيح بهجمة مغلوقه

عجباً لقلبٍ بالوصال تروعه … ودمٍ بلا ذنب هناك تُريقه

لي فيك صوغٌ للبلاغة لو خلا … جيدُ الفتاة لزانها منسوقه

أرفدتُه لك لا كبائر سلعة … لكن كما هنّا الصديق صديقه

دُمتم على مر الزمان مباهيا … بكمُ ، وأخطي جمعكم تفريقه