خفِّفْ بذات البان من أثقالها – مهيار الديلمي

خفِّفْ بذات البان من أثقالها … وامددْ لها وراخِ من حبالها

وخلِّها سارحة ً من وجرة ٍ … في كهلها السَّبطِ وفي سلسالها

رافعة ً ما انحطّ من أعناقها … جامعة ً ما شذَّ من فصالها

لعلَّها تخلف من أوبارها … ما حلقَ الجدبُ ومن أنسالها

قد آن أن ينتصرَ الدهرُ لها … ويخجلَ الواعدُ من مطالها

وأن تراحَ أذرعٌ وأسواقٌ … ناحلت العصيَّ من كلالها

لها بنعمانَ مدى اقتراحها … من واسع الأرزاق أو حلالها

وما يجرُّ الأمن من أرسانها … مرخى ً وما يسحب من جلالها

وكالدُّمى من ظبياتِ حاجرٍ … كوالئا يصلحن من أحوالها

نعم فياسقى الغمامُ حاجرا … ما احتكم الشاخصُ من أطلالها

ولا عدمتُ من صباها نفحة ً … باردة ً تأتي ومن شمالها

فكم بها واكبدي فيمن بها … من أمّ خشفين ومن غزالها

ورامياتٍ عن ذواتِ مقلٍ … تلاوذَ القاريُّ من نبالها

كلّ قناة ٍ ركزت على نقاً … ينقص بدرُ التمّ من هلالها

تحكمُ ما اشتطّت على حقابها … وتطلب الأمانَ من خلخالها

عوَّلتُ منهنّ غداة َ غامدٍ … على تعلاّتِ المنى وخالها

بنَّ صحيحاتٍ وأرسلنَ معى … جفنا قريحا وفؤادا والها

وطارقا من الخيال ربما … بلَّ القلوبَ الهيمَ من بلبالها

تزيره على النوى ضنينة ٌ … ما خطرتْ زيارة ٌ ببالها

لولا جنونُ الحبّ وخبالهُ … لم نرضَ منها بسُرى خيالها

زارت وأخياطُ الدجى عقودها … قد بدأت تأخذُ في انحلالها

والعيسُ أيديها إلى صدورها … لم تتروّحْ بعدُ من عقالها

وفي الركاب عصبٌ بدائد … رجالها مفترشو جمالها

وافقَ من أشخاصها طولُ السُّرى … وخالف الأوطارُ من أحوالها

فساهرٌ لحاجة ٍ ما نالها … ونائمٌ عنها ولم يبالها

فلو أمنتُ كذبَ الحلمِ بها … قمتُ فصلّيتُ إلى تمثالها

ثم انتبهتُ ويدي لامسة ٌ … أن تعلقَ المفلتَ من أذيالها

يا عاذلي في العزِّ بنْ فإنها … نفسُ هوى ً تأبى على عذَّالها

ما أنت في لومي على نزاهتي … من همّ حاجاتي ولا أشغالها

قد أخذ المجدُ وأعطى بيدي … فما يطول الأفقُ عن منالها

وقد ولجتُ أطلبُ القصوى فما … تجنَّبتْ رجلي في إيغالها

وقوّدتْ يدُ الوزير الدهر لي … فجاءني يرسفُ في شكالها

جاد وأخلافُ الحيا بكيّة ٌ … لا يطمع العاصبُ في أرسالها

كأنَّ عينَ عاشقٍ مفارقٍ … بمائها يمينهُ بمالها

ومدَّ من نعمائه ضافية ً … يفضلُ غنّى مسحبا سربالها

في كلّ يومٍ نظرة ٌ ضاحية ٌ … تكشف عن حالي دجى ضلالها

ونعمة ٌ تخلقَ مثلَ أختها … في الحسن أو يحذى على مثالها

أمكنني من الندى أخو الندى … في قومه وابنُ العلا وآلها

ولافت الأيام ورقابها … قد ذهبتْ عرضا مع انفتالها

والعادلُ المقيم منها صعدة ً … لا يظفر الثقّافُ باعتدالها

مدّ على الدولة من عميدها … أفيحُ لا يقلص من ظلالها

وارتجعت بسيفه وعزمه … ما استلب الزمانُ من كمالها

قام بها وكاهلُ الدهر بها … مضعضعٌ يعيا عن احتمالها

والناس إما عارفٌ مقصّرٌ … أو جاهلٌ بموضع اختلالها

يغمط نعماها ويُلغي حقَّها … ويطلب العزَّة بابتذالها

حتى أتاها الله من عميدها … بكاشف الغمّاء من خلالها

بالواحد المبعوث في زمانها … والباتر المبعوث لانتشالها

من طينة ريَّا التراب جبلتْ … جواهرُ السؤدد في صَلصالها

ربتْ مع الزمان وهو يافع … واكتهل الدهرُ مع اكتهالها

ودرجتْ في البيت فالبيتُ على … مرازبِ الملوك أو أقيالها

لملَمها عبدُ الرحيم وسقى … أيوبُ بالمفعم من سجالها

فهي إذا عبَّس فخرٌ ضحكتْ … عجبا ببنتِ عمّها وخالها

يا شرف الدين تملَّ ودَّها … واسكن إلى الدائم من وصالها

وزارة قيّضك الله لها … أحبَّ من يبغى صلاح حالها

أنكحتها من بعد ما تعنَّستْ … ولجَّت الأيامُ في إعضالها

عزّت فلمّا أن تسمّيتَ لها … كفيتها وكنتَ من رجالها

كنت لها ذخيرة ً وإنما … مثلُك موقوفٌ على أمثالها

خيالك اليومَ عليها ولقد … كان رجالٌ أمسِ في خيالها

ملكتها ملكَ اليمين فاحتفظ … برقِّها واسبل على حجالها

واجمع هنيئا لك بين صونها … وبين ما راقك من جمالها

جاءتك لم تقرعْ بظنبوبٍ ولا … سوطٍ ولا أرصدتَ لاغتيالها

ولا طرقتَ غاشياً أبوابها … بين غداياها إلى آصالها

طائعة ً جاءتك بل مضطرّة … منتشطَ البكرة ِ من عقالها

تطلب معنى ً لاسمها مخلَّصا … من كذبِ الأسماء وانتحالها

تخطّت البزلَ الجلالاتِ إلى … أوائل الأعمار واقتبالها

تؤمّ منكم عصبة ً تعرَّفت … سيادة الكهول في أطفالها

حتى استقرّت منك في موطنها … مكانَ لا تأنس بانتقالها

هذا الذي حدّثك الشعرُ به … عن آية الذكاء واستدلالها

وبشّرتك ماضياتُ فقري … بأنه يكون في استقبالها

عيافة ٌ عندي يمنُ طيرها … وزاجراتٌ ليَ صدقُ فالها

قلنا وصحَّ فافعلوا فإنما ال … حسنى بعشرٍ منكمُ أمثالها

ففضلنا يُعرفُ في أقوالنا … وكرمُ الملوك في أفعالها

وما نذمُّ قاطراتِ سحبكم … فينا ولا نكفرُ بانهمالها

ولا رأينا البحرَ عبَّ فوفى … بجود أيديكم ولا نوالها

لكن نرى أنّ الخمولَ ضيعة ٌ … في دولة ٍ ونحن من عيالها

وأنّ عنقاءكمُ تحلَّقتْ … ولم تغيَّر حالنا بحالها

وقد نضونا العمرَ في رجائها … ننتظرُ الإقبالَ في إقبالها

وحرُماتٍ أغفلتْ والمجدُ غض … بانُ لنا لا شك من إغفالها

فاقتدحوا خلَّتنا بنظرة ٍ … تنبتُ نارَ العزِّ في ذبالها

وبلِّغوا الآمالَ منكم أنفسا … قد بلغت فيكم مدى آمالها

واستقبلوها غررا سوائرا … لا تخرُقُ الرياحُ في مجالها

تطوى البلادَ خوّضا بحارها … رواقيا فيكم ذرى جبالها

لا ترهب الفوتَ إذا تأيّدتْ … ولا تخاف زلّة استعجالها

لصحفها منها إذا ما انتُضيت … ما بجفون البيض من نصالها

تخبركم عن الخلودِ أبدا … وتخبر الأعداءَ عن آجالها

يضحك منها المهرجانُ اليوم عن … بردِ الثنايا الغرِّ وصقالها

يتيه في الزمان مثلَ تيهها … في الشعر أو يختال كاختيالها

يومٌ حكى فضلك فامتاز لنا … عن شبهِ الأيّام أو أشكالها

جاء مع الوفود مشتاقا على … تباعد الشُّقَّة واعتلالها

فواقفا ما لحتَ كوقوفها … وسائلا ما جدتَ كسؤالها

مبشّرا أنك والي نعمة ٍ … لا تطمع الأحداث في زيالها

تبقى مع الدهر فإن تنكَّرتْ … بالدهر حالٌ لم تزل بحالها