تركتك يا زمانُ قلى ً فدعني – مهيار الديلمي
تركتك يا زمانُ قلى ً فدعني … إذا أنا لم أُردك فلا تردني
أأنفِر عنك ممتعضا أبيّاً … وتصحبني بقلبٍ مطمئنِّ
وكان الذلَّ أن ترضى وآبى … وأهدم في هواك وأنت تبني
رواؤك بالجمال لغير عيني … ووعدك بالجميل لغير أذني
وهبتك للحريص عليك لمّا … بلوتك في القساوة والتجنّي
وكنتَ الذئبَ مأكولا أخوه … على ما كان من حذرٍ وأمنِ
أقلني عثرتي في حسن ظني … بأهلك أو برعيك لي أقلني
كفرتَ صحابتي وخفرتَ سلمي … فنحرك والسِّنانَ وأنت قرني
تحُدُّ لي النيوبَ إن افترقنا … متى ما كنتُ مأكولا فكلني
ومنِّ بنيك بالأرحام قطعا … فأُمُّ بنيك أمٌّلم تلدني
بعاد بيننا أبدا وفوتٌ … بعادَ الفضل من خرقٍ وأفنِ
أذلَّهم الطِّلابُ وعزَّ وجهي … وضامهم الثَّراء ولم يضِمني
أحبُّوا المالَ فاعتبدوا ملوكا … وما كل العبيد عبيد قنِّ
تنفَّخت الحظوظ لهم فظنّوا … ورامَ البطنِ يسمنُ وهو يُضني
وما وأبي زخارفها ثناني … لها ذلٌّ يشوقُ ولا تثنِّي
ولا قدرت على نفسي ولحظي … على ما نمَّ من طيبٍ وحسنِ
ولو أني خُدعتُ بشارتيها … خُدعتُ بمقلة الرشإ الأغنِّ
ولاستلبت على إضم فؤادي … حماماتٌ تنوح كما تغنِّي
وبيضٌ في خيامِ بني سليم … تكنُّ خدورها بيضاتِ كِنِّ
حملن على القدود مخمَّراتٍ … هلالا طالعا في كلّ غصنِ
ولانسربتْ تغلغلُ في عظامي … سبيئة ُ راهبٍ ماءٌ كدهنِ
منصَّرة ُ القرى رأسٌ أبوها … يدين ضلالة ً بأبٍ وإبنِ
إذا نصلت من الراووق بثت … نجوما والغداة ُ غداة ُ دجنِ
يساومني بها ثمنا فيُغلى … وأمنحه بلا سوم فأسني
ولم أغبنُكمن يُعطى سروري … ويأخذُ طائعا همّي وحزني
وقبلي شرَّدتْ حلمابنِ حجرٍ … لغير ضياعة ولغير رهنِ
حباها بكرة زقاً رويّاً … وقال لخيله روحي فشنِّي
فيوما بين غائرة ونقع … ويوما بين باطية ٍ ودنِّ
ولكنَّ المطاربَ لم ترقني … كما أنّ النوائب لم ترعني
ولما كان بعضُ النوم عارا … ملكت على النوى أهداب جفني
يلوم على العزوفأبو بغيض … لك الويلاتُ سلني ثم لمني
يظنّ بجلستي فشلا وبهرا … وقد أنضبتُ أفراسي وبدني
ودست الجمر لم أخفِ احتراقا … وراء الرزق وهو يشطُّ عنّي
ورُضتُ الآبيات العوصَ حتى … سهلن لكلّ جعدِ السمع حزنِ
موسمة بعمرو أوببكر … تصرِّح تارة بهمُ وتكني
تواصلهم وصالَ الغيثِ آلي … متى ما يبدِ عارفة ً يُثنِّ
فلم تعلقَ على الحرمان منهم … يدي بسوى الملالة ِ والتجنِّي
أدال الله منّى للقوافي … بما هانت عليّ ولم تهنِّي
أطرِّد سرحها في كلِّ يوم … شلالا بين رابية ٍ ورعنِ
على وادٍ ولمَّا يزكُ عشبٌ … إلى قلبٍ ولمّا يسنِ مسني
دعت برغائها أحرارَ كسرى … فلم يفصح لمعجمهم بلحنِ
أحبُّوها وما طلعوا بنوءٍ … يبلِّلها ولا سنحوا بيُمنِ
ولا قسموا لها الإنصاف يوما … بكيلٍ في السماح ولا بوزنِ
وجُرَّت في القياصر من معاها … إلى درِد عدمنَ اللَّسنَ حجنِ
تضاغى بينهم متعرياتٍ … وما نفعُ الصرائح بين هجنِ
وداخنها على ميسانَ مورٌ … فلم ينهض لقرَّتها بسُخنِ
حداها بالمطامع فاشرأبَّتْ … وما نزلت مفاقرها بمغني
وراقصها ببابلضوءُ نارٍ … لحيّ من بني أسدٍ مبنِّ
من الجذعات لم تُرفعْ لضيفٍ … ولم تلحمْ ولم تقترْ لسمنِ
وأطناب طوال خادعتها … فأمكنَ من صلائفها التظني
ولم يك ضبُّ عوف من قراها … ولا من حرشها لولا التعنّي
ولا القرويّ عرِّبَ بالتسمّي … وأُمِّرَ بالتلقُّبِ والتكنِّي
وعلج الجنبمن أنباطِ سورا … تمضَّر أو تنزَّر بالتمنِّي
أرادتهم لتحمي أو لتُحبى … على الحالين في مننٍ ومنِّ
فما دفعوا العدوَّ بمدِّ صوتٍ … ولا نقعوا الأوامَ برشح شنِّ
فإن يكُ في جعيلِ بني عفيفٍ … وجروِ الغاضريَّة خابَ ظني
فلستُ بأوّلِ الرُّوّاد جاشتْ … به خضراءُ نبتُ سفاً ودمنِ
وغرَّتها مخيِّلة ُ لقاحا … فلم تنتجْ ولم تكُ أمَّ مزنِ
وناشدني الحقوقَ مزرّعيٌّ … ليأخذَ ذمّتي لهمُ وأمني
وقال هبِالجزيرة َ لي وإلا … فهذا السيف فاسمح لي وهبني
أأنت تردُ عنهم بسطَ كفِّي … وصفقك جرَّ يومَ البيع غبني
ولو لم يكفهم سيفي ورمحي … رأوا بالغيب ما ضربي وطعني
فآه عليهمُ يا كفُّ لولا … فتى ً أعطيته بالودّ رهني
تخوّن من خزيمة عرضتيها … لنبلي فاحتمت بالأزد مني
وجنّ الدهرُ في وغلِ ضليع … به للخنزوانة ِ طيفُ جنِّ
أتاه الحظ مختاراً وولَّى … نصولَ السهمِ عن ظهرِ المجنِّ
توسَّط من قرى الزيتونِ بيتا … أقيم على محاريثٍ وفدنِ
دفئُ الليل لم يسهر لرأي … ولم يتعبْ بليتي أو لو أنّي
فراودها وزاحم يبتغيها … بمنفوخين عثنونٍ وبطنِ
وقال لحقتُ وارتفعت وهادي … فمالك ترفع الأشعارَ عنّي
وهل أنا دون قومٍ سربلوها … فجرُّوا الفخرَ من ذيلٍ وردنِ
ورُضتُ لجاجه فإذا حرونٌ … متى أمنعه طوعا يقتسرني
ففاز بعذرها وأوتْ أيامي … إلى كنفين من بخلٍ وجبنِ
وما علمَ ابنُ عصرِ الزيتِ أني … إذا أثنيت أعلمُ كيف أُثني
وأنى يومَ أمدحه احتسابا … وإن أسميته فسواه أعني
سمحتُ بها وما حليتْ بسمح … فقدها الآنَ من كرمٍ وقدني
ولم أك قبلها لأذمَّ جودى … على أمرٍ وأحمدَ فيه ضنّي
فحتام المقام بعقرِ دارٍ … بساطٍ فسحتي فيها كسجني
على ترباء أرض لم تقلها … مدارجها الخباثُ ولم تلقني
ولو ذهبتْ وراءَ الشمس غربا … شفتْ أكبادها من كلِّ ضغنِ
وشعشع في ترائبها وميضٌ … على تلك الربا مُطْرٍ ومثني
ولو نُشرَ الكرامُ بنو عليّ … لها وفدتْ على المعطي المهنّي
إذن لحمى حماها كلُّ شختٍ … كصدر السمهريِّ أمقَّ لدنِ
قليلِ النوم في رعي المعالي … إذا خاط التواكلُ كلَّ جفنِ
ومدَّ لها الحسينُ فذبَّ عنها … براثنَ أصمعِ الكفَّين شثنِ
ولانهمرت سحابة راحتيه … بهطلٍ من سحائبها وهتنِ
ومرَّ على عوائده كريم … قليلاً ما دعوتُ فلم يجبني
رأى فضلي فقدَّمني وأولى … غرائسِ ما ترون اليومَ يجنى
ولكنَّ الحمامَ أغاض بحري … عشيَّة يومهِ وهوى بركني
وخلَّفني درئية َ صرفِ دهرٍ … متى ما يرمِ عن عرض يصبني
فلا يرمالجزيرة مستطيرٌ … يقعقعُ في كثيفٍ مرجحنِّ
شفيقُ الحفر مأمون التذرِّي … على فقر الثرى يغني ويُقني
يروح ويغتدي سقيا قليبٍ … طوى ذاك التسرُّعَ والتأنّي
فتى لولاه لم أجزع لثاوٍ … ولم أقرعْ على ما فات سنّي