تحيّة الدستور العثماني – إيليا أبو ماضي
إلى حيث ألقت يا يا زمان المظالم … و لا عدت يا عهد الشّقا المتقادم
ذهبت فلا باك و أنّي بكى العمى … كفيف رأى الأضواء ملء العوالم ؟
و ما عجبت أن ليس في القوم نادب … و لكن عجيب أن أرى غير باسم
نزلت على الشّرقيّ فانحطّ شأنه … و قد كان غصّ الفخر غضّ المكارم
ففرقّت حتّى ليس غير مفرّق … و خاصمت حتّى ليس غير التخاصم
أقمت فخلّى أهله و بلاده … إلى كلّ فجّ من خصيب و قاحم
نأى كاظما للغيظ خوف شماتة … و لم يطلب الإنصاف خفيّة لائم
و لو شاء لم يختر سوى الشرّ مركبا … فقد كانت الأحقاد ملء الحيازم
صحبناك لا خوفا ثلاثين حجّة … و لكنّها الدّنيا و ضعف العزائم
و ما ذاك عن حب فما فيك شيمة … تحبّ و لسنا من غواة المآثم
فكنت و كان الجهل أحسن خلّة … لنا و نجاة الحقّ إحدى الغنائم
و كنت و ما فينا غير ناقم … عليك ، و لا ذو سلطة سلطة غير غاشم
ثلاثون عاما و النّوائب فوقنا … مخيمة مثل الغيوم القوائم
فلا ااالعلم مرموق و لا الحقّ نافذ … و لا حرمة ترعى لغير الدراهم
و ما تمّ غير البغي و الظلم و الأذى … فقبّحت من عصر كثير السخائم
فاغرب شقيت الدهر غير مودّع … من القوم إلاّ بالظّبى و الصوارم
فوالله ما ترضى قيودك أمّة … من الناس إلاّ أصبحت في البهائم
و يا أيّها الدستور أهلا و مرحبا … ( على الطائر الميمون يا خير قادم )
طلعت علينا كوكبا غير آفل … على حين أنّ الشّرق مقلة هائم
فقرّت عيون قبل كانت حسيرة … و جادت سرورا بالدموع السواجم
وضجّ الورى و الشرق و الغرب ضجّة … أفاق لها مستيقظا كلّ نائم
أهبت ففرّ الظلم بالأرض هاربا … و نكّس خزيا رأسه كلّ ظالم
و فاضت على ثغر الحزين ابتسامة … تخبر أنّ الحزن ليس بدائم
و أطلقت الأقلام بعد اعتقالها … فأسمعت الأكوان سجع الحمائم
و لم يبق عان لم يفكّ إسارة … و لم يبق جان لم يفز بالمراحم
و كنّا نرى الأحزان ضربة لازب … فصرنا نرى الأفراح ضربة لازم
توهّم قوم أنّما الشّرق واهم … و أنّك يا دستور أضغاث حالم
ورجّم قوم أنّما تلك خدعة … فعدنا بربّ الناس من كلّ راجم
تجلّيت فاسودّت وجوه و أسفرت … وجوه ، و أمسى غانما كلّ غارم
و ما عدت حتىّ كاد يشتجر القنا … لأجلك و الخطى أعدل حاكم
و أوشك أن يهتزّ في كلّ ساعد … لكلّ أبيّ كلّ سيف و صارم
أبى الجيش إلاّ أن تكون مؤبدا … و تأبى سوى تأييد جيش سالم
فبوركتما من ساعد و مهنّد … برغم خؤون مارق متشائم
و لا برح الأحرار يشدو بذكرهم … بنو الشرق فخرا في القرى و العوام
رجال لهم زيّ الرّجال و إنّما … جسومهم فيها نفوس ضراغم
هم قيّدونا بالعوارف و النّدى … وهم أطلقونا من عقال المغارم
فلم يبق فينا حاكم غير عادل … و لم يبق فينا عادل غير حاكم