بَينَما كانَ فَتى المُستَقبَل – الياس أبو شبكة

بَينَما كانَ فَتى المُستَقبَل … سائِراً بَينَ غياضِ الجَبلِ

بَدَرَت من مُقلَتَيهِ لَفتَةٌ … فَرَأى وَجهَ غَزالٍ مُقبِل

هُو ظَبيٌ يَتَثَنّى باسِماً … بَينَ زَهرٍ باسِمٍ لِلطَلَلِ

ذاكَ ظَبيُ العزِّ في المُستَقبَلِ … يَتَراءى قادِماً في عَجَلِ

سَكب الفَجرُ عَلَيهِ كَأسَه … وَسَقاهُ من رَحيقٍ سَلسَلِ

بَينَ عَينَيهِ تَراءى هَيكَلٌ … سَجد الحسنُ بِذاكَ الهَيكَلِ

أَرسلَ الشِعرُ إِلَيهِ راهِباً … فَغَدا مُحتَفِلاً بِالمرسَلِ

ثغرُهُ قارورَةٌ من عَسَلٍ … مَزجت مرشفَه بِالعَسَلِ

وَلهُ في وُجنَتَيهِ آيَةٌ … هَبط السِحرُ عَلَيها من عَلِ

عِندَها هاروتُ أَلقى طرفَه … صاح من وَهلَتِهِ وَآخجلي

وَاِنثَنى من وجهِه مُستَعجِلاً … راغِباً في مَشيةِ المُستَعجل

أَقبلَ الظبيُ عَلى ذاكَ الفَتى … مُستَرِقّاً فيهِ قَلبَ الرجلِ

وَأراهُ مُنجلاً في يَدِهِ … قائِلاً سرُّ الهَوى في المنجلِ

إِن تَرُم تَقرن بِالمَجدِ الهوى … فَتجنَّب عادِياتِ الكَسلِ

هوذا المُنجلُ فَاِطلُب عَملاً … إِنَّما المنجلُ رَمزُ العَمَلِ

شارِكِ العُمّالَ في مِهنَتِهِم … وَاِجتَهِد في كُلِّ أَمرٍ تَصِلِ

إِنَّما العُمّالُ أَركانٌ إِذا … هَبَطَت يهبِطُ مجدُ الدوَلِ

حينذا هبَّت نسماتُ الصَبا … مُنشداتٍ معَ لَحنِ البُلبُلِ

وَتَوارى الظَبيُ عَنهُ عِندَما … حَرَّكَت لُطفاً مياه الجدولِ

شعر الصبُّ بِحُبٍّ لم يَكُن … غير سَهمٍ من فُؤاد المُبتَلي

غَلبَ الحُزنُ عَلَيهِ إِنَّما … لَم يَكُن يَقطَع حَبلَ الأَمَلِ

قالَ لا بُدَّ لِجَفني مرَّةً … أَن يَراهُ راتِعاً في مَنزِلي

سَأُضَحّي كلَّ ما عِندي فَلا … بُدَّ لي من قَلبِهِ لا بُدَّ لي

حينذا أَصغى لِصَوتٍ قائِلٍ … لَن تَنالَ الغايَ فَوقَ المخمَلِ

إِن تَرُم تَهوى غَزالاً فَاِقتَرِن … قَبلَ هذا بِعَروسِ العَمَل