المجلس المفجوع – محمد مهدي الجواهري

يبكي عليكَ وكلُّهُ أوصابُ … شَعبٌ يمثِّلُ حزنَه النُواب

غطَّت على سُود الليالي ليلةٌ … وعلى المصائبِ كلِّهِنَّ مُصاب

المجلِسُ المفجوعُ رُوِّع أهلُهُ … وبكتْكَ أروقةٌ له وقِباب

قد جلَّلتْه وجلَّلتهُمْ رَهبةٌ … فهل البلادُ يسودُها إِرهاب

كادت تحِنُّ لفقدِ وجهِك ساحةٌ … فيه ويُسألُ عن دخولِك باب

عبءٌ على الأوطانِ ذكرى ليلةٍ … عن مثلِ مَصرع ” مُحسنٍ ” تَنجاب

عن مصرعٍ في المجلِسَين لأجلهِ … وهما البلادُ بأسرِها إِضراب

بالدمع يَسألُ عن غيابك سائلٌ … في المجلسَين وبالدموعِ يُجاب

هذي الثمانونَ التي هي جُلُ ما ارتضَتِ … البلادُ وضمَّتِ الاحزاب

مُتجلببونَ سكِينةً وكآبة … ومن السواد عليهم جِلباب

متشنجون يخالَهم من راءهُم … للحزن – أنَهمُ عليه غِضاب

ناجي لسانَ النثر قمْ واخطُب بهم … وأعِنْ لسان الشعر يا ميرابو

هَدِّأْْ بنطقِك رَوعَهم قد أوشكت … للحُزنِ ان تتمزقَ الأعصاب

ولقد أقولُ لرافعين أصابعاً … ليست تُحِسُّ كأنَّها أحطاب

رهنَ الاشارة تختفي أو تعتَلي … وينالُ منها السَلْبُ والإيجاب

ماذا نَوَيتمْ سادتي : هل أنتُمُ … بعد الرئيس – كعهده – أخشاب

هل تنهضونَ إذا استُثيرتْ نخوةٌ … أو تجمُدون كأنكم انصاب

هل أنتُمُ – ان جدَّ أمرٌ ينبغي … توحيدَ شملِكُمُ به – أحزاب

يا أيها ” النوابُ ” حسبُكُمُ عُلا … قولي لكم يا أيها ” النواب “

روحُ الرئيس ترفٌ فوقَ رؤسِكم … ارَعوا لها ما تقتضي الآداب

سترى حضوراً غائبينَ بفكرهم … سترى الذين بلا أعتذارٍ غابوا

سترى الذين له أساءوا تُهمة … وإلى البلاد جميِعها ، هل تابوا

سيقولُ ان خَبُثَت نواياً منكُمُ … اخشَوا رفاقي أنْ يحِلَّ عذاب

لتكنْ محاكمةُ الخصومِِ بريئةً … في قاعِكم وليحسُنِ استجواب

تأبى المروءةُ ان يُقدَّسَ خائنٌ … أو أن يطولَ على البريءِ حساب

من أجل أن ترعَوا مبادئَ ” مُحسنٍ ” … لتَكنْ أمامَكُمُ له أثواب

متضرّجاتٌ بالدماء زكيةٌ … فيهنَّ للجرحِ البليغِ خطاب

فيهنَّ من تلك ” الرَّصاصة ” فَتحْةٌ … هي للتفادِي ان وَعَيتُمْ باب

ليكُنْ أمامَكُمُ كتابٌ صارخٌ … فيه ثوابٌ يُرتَجى وعِقاب

فيه الوصيةُ : سوف َتحنوا رأسَها … عَجَباً بها الأجيالُ والأحقاب

أوحى ” الزعيمُ ” إلى الجزيرةِ كلَّها … أنْ ليسَ يُدركُ بالكلام طِلاب

يا هذهِ الأممُ الضِعافُ تَروّ ياً … لا تنهضي صُعُداً وأنت زِغاب

لا تقطعي سبباً ولا تتهَّوري … نزقاً إذا لم تكمُلِ الأسباب

لا تقرَبي ظُفرَ القويِّ ونابَه … ان لم يكنْ ظُفْرٌ لديك وناب

وإذا عتبتِ على القويِ فلا يكنْ … إلا بأطرافِ الحرابِ عتاب

فاذا تركَتِ له الخيارَ فانه … أشهى إليه أن يكونَ خراب

هذا القصيدُ ” أبا عليٍ ” كلُّه … حزنٌ وكل سطوره أوصاب

ثق أنَّ أبياتي لسانُ عواطفي … ثقْ أنَّ قلبي بينَهن مُذاب

الحزن يملؤُها أسىً ومهابةً … ويُمدُّها بالروح منه شباب

منسابةً لطفاً وبين سطورها … حزناً عليك مدامعي تنساب

ماذا عسى تََقوىَ على تمثيله … بمصابِك الشعراءُ والكتاب

ضُمّوا القلوبَ إلى القلوبِ دوامياً … ستكونُ أحسنَ ما يكونُ كتاب