الخطب الفادح – إيليا أبو ماضي
هيهات بعدك ما يفيد تصبّر … و لئن أفاد فأيّ قلب يصبر ؟
إنّ البكاء من الرجال مذمّم … إلاّ عليك فتركه لا يشكر
لو كان لي قلب لقلت له ارعوي … إنّي بلا قلب فإنّي أزجر
لا زمت قبرك و البكاء ملازمي … و اللّيل داج و الكواكب سهّر
أبكي عليك بأدمع هطّالة … و لقد يقل لك النجيع الأحمر
ووددت من شجوي عليك و حسرتي … لو أن لحدك في فؤادي يحفر
إنّي لأعجب كيف يعلوك و حسرتي … لو ان لحدك في فؤادي يحفر
أمسيت مستترا به لكنّما … آثار جودك فوقه لا تستر
مرض الندى لمّا مرضت و كاد أن … يقضي من اليأس الملمّ المعسر
يرجوط أنّك جابر كسره … فإذا فقدت فكسره لا يجبر
و علت على تلك الوجوه سحابة … كدراء لا تصفو و لا تستمطر
كم حاولوا كتم الأسى لكنّه … قد كان يخترق الجسوم فيظهر
حامت حواليك الجموع كأنّما … تبغي وقاء الشرق مما يحذر
و الكلّ يسأل كيف حال إمامنا … ماذا رأى حكمائنا ، ما أخبروا ؟
و الداء يقوى ثم يضعف تارة … فكأنّه يبلو القلوب و يسبر
أوردته عذبا فأوردك الردى … تبّت يداه فذنبه لا يغفر
هيهات ما يثني المنيّة جحفل … عمّن تؤم و لا يفيد العسكر
رصد الردى أرواحنا حتى لقد … كدنا نعزّي المرء قبل يصور
نهوى الحياة كأنّما هي نعمة … و سوى الفواجع حبّها لا يثمر
و نظنّ ضحك الدهر فاتحة الرضى … و الدهر يهزأ بالأنام و يسخر
أفقيد أرض النيل أقسم لو درى … بالخطب أوشك ماؤه يتهسّر
و ضعوك في بطن التراب و ما عهد … ت البحر قلبك في الصفائح يذخر
ورأوا جلالك في الضريح فكلّهم … يهوى و يرجو لو مكانك يقبر
لم تخل من أسف عليك حشاشة … أبدا فيخلو من دموع محجر
آبو و ما آب العزاء إليهم … و الحزن ينظم و المدامع ينشر
و الكلّ كيف يكون حال بلادهم … من بعد ما مات الإمام يفكّر
لم يبلنا هذا الزمان بفقده … لو كان ممّن بالرزية يشعر