إلى كمْ حبسها تشكو المضيقا – مهيار الديلمي

إلى كمْ حبسها تشكو المضيقا … أثرها ربَّما وجدتْ طريقا

تنشّطْ سوقها واسرحْ طلالها … عساها أنْ ترى للخصبِ سوقا

وإنْ لمْ تمضي هرولة ً وجمزاً … فأمهلها الروائدَ والعنيقا

أجلها تطلبْ القصوى ودعها … سدى ً يرمي الغروبُ بها الشروقا

فإنَّ منَ المحالِولمْ تهدَّمْ … غواربهاتنجزُّكَ الحقوقا

أتعقلها وتقنعْ بالهوينا … تكونُ إذاً بذلَّتها خليقا

ولمْ يشفقْ على حسبٍ غلامٌ … يكونُ على ركائبهِ شفيقا

أخضْ أخفاقها الغمراتْ حتّى … ترى في الآلِ سابحها غريقا

سمائنٌ أوتعرِّقها الفيافي … فتتركها عظاماً أو عروقا

تلاقطَ جوهرَ الحصباءِ منها … مناسمُ منْ دمٍ يصفُ العقيقا

يصيبُ بهِ رميَّتهُ معانُ ال … يدينِ موفَّقٌ نصلاً وفوقا

يفضُّ على جنوبِ البيدِ منها … سهامُ النزعِ مفلتة ٌ مروقا

صبورٌ للهواجرِ والسوافي … يرى بجدوبهِ العيشَ الرقيقا

إذا عدمَ المياهَ على الركايا … كفاهُ أنْ يعدَّ لهُ البروقا

تورَّطها فإمّا نلتَ خيراً … فسعى ٌ وافقَ القدرَ المسوقا

وإمّا أنْ تخيبُ فلستُ فيها … بأوّلِ طالبِ حرمَ اللُّحوقا

أرى الأيّامُ تأخذُ ثمَّ تعطي … وتخرقُ ثمَّ تنتصحُ الخروقا

وتوقدْ نارها دقّاً لقومٍ … وفي قومٍ تضرِّمها حريقا

وكلُّ حلوبها عندي سواءٌ … مشوبا أو صريفاً أو مذيقا

مظالمَ لو رفعنَ إلى كريمٍ … لكانَ بسدِّ عورتها حقيقا

ولو نادتْ كمالِ الملكِ ألفتْ … على الأدواءِ حاسمها الرفيقا

وحطَّتْ فادحَ الأثقالِ منهُ … بذي جنبينِ يحملها مطيقا

غيورٌ لا ينامُ على اهتضامِ ال … كرامِ ولا الغرارِ ولا الخفوقا

تنقِّلهُ منَ العزماتِ شمٌّ … يدوسُ جبالها نيقاً فنيقا

إذا ركبَ الطريقَ إلى المعالي … فلا زادٌ يعدُّ ولا رفيقا

وحيدُ ترهفُ الاْحداثُ منهُ … على أعناقها نصلاً عتيقا

لبيبُ الرأيِ يكبرُ عنْ مشيرٍ … إذا ما الرأيُ شارفَ أنْ يموقا

إذا خفيتْ شواكلُ كلُّ أمرٍ … جليلِ الخطبِ أبصرها دقيقا

فلو روّي ليفرقَ بينَ ماءٍ … وماءٌ مثلهُ وجدَ الفروقا

نمتْ أمُّ الوزارة ِ منْ أخيهِ … ومنهُ البدرَ والغصنَ الرشيقا

هما الولدانِ منْ صلة ٍ وبرٍّ … إذا ولدتْ منَ النّاسِ العقوقا

منَ النفرِ الّذينَ إذا استغيثوا … رأيتَ بهمْ وساعَ الأرضِ ضيقا

كتائبَ ما رعتْ عيناكَ خرساً … مسوَّمة ً وألوية ً خفوقا

تخالُ بديهَ أمرهمُ رويَّاً … إذا اجتمعوا وواحدهمْ فريقا

رطابُ النطقِ بسّامو المجالي … إذا ما أيبسَ الفرقُ الحلوقا

لهمْ شرفٌ سرى منْ ظهرِ كسرى … مطاً فمطاً فما ضلَّ الطريقا

طوى أصلابهمْ أو جاءَ عبدُ ال … رّحيمِ فجاءَ متَّسقاً مسوقا

ترى الأبَ بالشهادة ِ في بنيهِ … قريباً وهو قدْ أمسى سحيقا

وما تسمو النفّوسُ ولا تزكّي … إذا لمْ تنظمْ الحسبَ العريقا

وبانتْ آية ٌ بأبي المعالي … فكانَ مصلِّيا فضلَ السَّبوقا

ربا معهُ الكمالُ فشقَّ منهُ … لهُ لقبٌ فصارَ لهُ شقيقا

خلائقَ تارة ً يشربنَ صابا … وأحياناً مشعشعة ً رحيقا

يثيرُ السخطُ منها والتغاضي … صواعقها ووابلها الدَّفوقا

ففي حالٍ تكونُ بها شريباً … وفي حالٍ تكونُ بها شريقا

ويسكركَ الّذي يصحيكَ منها … فما تنفكُّ سكراناً مفيقا

فداؤكَ كلُّ جهمِ الوجهِ أنَّي … لقي مرَّ الخلائقَ كيفَ ذيقا

تراهُ ناشطاً يأتي ويمضي … وقيدُ العجزُ يجعلهُ ربيقا

إذا عزلوهُ لمْ يحذرْ عدوّاً … وإنْ ولَّوهُ لمْ يحرزْ صديقا

يراكَ بمؤخرِ العينينِ غيظاً … وقدْ أفديتهُ جفناً وموقا

فلا مدّتْ لنعمتكَ اللّيالي … يدا طولي ولا ظفراً علوقا

وإنْ سنحتْ ميامنُ كلِّ يومٍ … صباحاً بالسعادة ِ أو طروقا

فغنّتكَ المطاربَ ثمَّ أبكتْ … ديارَ عداكَ نوحاً أو نعيقا

وجادكَ كسبُ جودكَ منْ ثنائي … مواقرَ ترجعُ الذاوي وريقا

إذا هي وبلتْ بسطتْ عريضاً … وإنْ هي أسبلتْ حفرتْ عميقا

فتلحمَ في ربوعكِ أو تسدِّي … خمائلَ تأسرِ الطرفِ الطليقا

تزوركَ شاكياتٍ كلَّ يومٍ … حشى ً حرّانَ أو قلباً مشوقا

على مسعاتها قامتْ مقاماً … مقرّاً منْ قبولكَ أو زليقا

وكمْ عثرتْ بذنبٍ كانَ سهواً … فكنتَ بأنْ تغمّدهُ حقيقا

وحرَّ بالخطيئة ِ صارَ عبداً … غفرتَ غلاطهُ فغدا طليقا