أمنزل ذات الخال حييت منزلا – ابن نباتة المصري

أمنزل ذات الخال حييت منزلا … وان كان قلبي فيك بالوجد مبتلى

لك الله قلباً لا يزال مقيداً … بشجوٍ ودمعاً لا يزال مسلسلا

يعبر عن سر الهوى وأضيعه … فيا لك دمعاً معرباً راح مهملا

كفى حزناً أن لا أراقب لمحة … ولا أنظر اللذات الا تخيّلا

ولا أستزير الطيف خوف فراقه … لما ذقت من طعم التفرق أولا

وأقسم لو جاد الخيال بزورة ٍ … لصادف باب الجفن بالفتح مقفلا

وأغيد قد أضنى العواذل أمره … فقل في أسى أضنى محباً وعذّلا

غرير رنت أجفانه ووصفنه … فراح كلانا في الورى متغزلا

اذا شئت أن أشدو بأوصاف ثغره … بدأت ببسم الله في النظم أولا

حذار عوادي القتل من سيف طرفه … فما كسر الاجفان الا ليقتلا

بليت به ساجي اللحاظ كليلها … وما زال تعذيب الكليلة أطولا

اذا ما بدا أو ماس أو صان أورنا … فما البدر والخطيّ والليث والطلا

وقالوا أتحكيه الغزالة في الضحى … فقلت ولا لحظ الغزالة في الفلا

فلا تنكرا منه حلاوة لحظه … فذاك أراه بالنعاس معسلا

ولا تعجبا من ردفه وثباته … فلولا وشاحا عطفه لتهيلا

غدا البدر أن يحكي سناه وانما … رأى مللا من خلقه فتنقلا

وماثل ريق النحل لذة ريقه … فقال اللمى ما أخجل المتنحلا

تبارك من جلى صحائف أوجهٍ … وأوضح آيات الثغور ورتلا

و شيد للملك المؤيد رتبة … من المجد تملي المادح المتوسلا

مليك رقى قبل الصبا كاهل العلى … فكيف وقد أبصرته متكهلا

كريم الثنا نال الكواكب قاعداً … وجاوزغايات العلى متمهلا

تخاف الغوادي من نداه كسادها … وما نفحت كفاه الا لتفعلا

يقولون أعدى باليمين يساره … فجادت فمن أعدى الذي جاد أولا

و من في المعالي قد تقدم ورده … أجل انها عادات آبائه الاولى

ملوك اذا قام الزمان لمفخر … غدا بليالي ملكهم متجملا

كرام ثووا ثم استقل حديثهم … فأحزن في عرض البلاد وأسهلا

أناملهم تحت الثرى ربع مائه … وأقدامهم يكفيه أن يتزلزلا

رقوا ما رقوا من سؤدد ثم قوضوا … فزاد على ما أنهجوه من العلا

هنيئاً لدست الملك بدراً وغرة … اذا انهلّ في يوم الندى وتهللا

دع الغيث سار البرق والطود راسياً … ويممه ان راع الزمان وأمحلا

لراحة اسماعيل أصدق موعداً … وساحته الفتحاء أمنع مقفلا

هنالك تلقى أنعماً تترك الثرى … يراد وعزماً يترك الماء يصطلى

و أصيد من نسل الملوك اذا انتدى … رأيت معماً في السيادة مخولا

أخا كرم تبغي العواذل عطفه … فتلقاه أندى ما يكون معذلا

دنا رفده قيد الوريد وانما … ترفع حتى خاطب النجم أسفلا

فداه كرام العالمين فإنه … أبرهم مالاً وأشرف موئلا

اذا فاخر الانداد جاء فخاره … بهذا الثنا يستوقف المتأملا

و بالعلم وضاح الهدى متألقاً … وبالحلم فيّاح الجنا متهدلا

و بالمنطق الأزكى أسد محرراً … وبالسؤدد الأجلى أغرَّ محجّلا

و بالزهد موصول القيام كأنما … يغازل طرفاً من دجى الليل أكحلا

وبالبأس سل عنه الصوارم في الوغى … وكانت مواضي البيض أفصح مقولا

و ما هي الاهمة ملكية … قضى عزمها فرض العلى وتنفلآّ

يخص سجاياها الوفا وهو مسلم … وكان يهودياً يخصّ السموألا

و يغني عن الأمداح مشهور فضلها … وماالصبح محتاج الى الوصف والحلى

و ما الشمس في أفق السماء منيرة … تخال بها من ضحوة الغيظ أفكلا

بأوضح للأبصار من مجده الذي … توقد حتى لم تجد متوقلا

ثنى رجله فوق النجوم ولو علت … وطالت ثنى باعيه أعلى وأطولا

و ما روضة خاطت بها إبرة الحيا … من الودق ثوباً علق الوشي مسبلا

بأعبق من أوصافه الغرّ نفحة … وابرع من ألفاظه الزهر مجتلى

أوابد قد أعيي امرء القيس قبلنا … سنا نجمها الهادي فمات مضللا

له راحة ضمت يراعاً ومرهفاً … كأنهما زاداه بالمكث أنملا

يراعاً اذا مدته يمناه بالندى … رأيت عباب البحر قد مدَّ جدولا

وسيفاً كأن القين سوَّاه جذوة … فلو لم يعاهد بالطلا لتأكلا

مبيد لو أن المرء ضاعف درعه … ومثله في نفسه لتجدَّلا

يؤيد خديه يدٌ ضربت به … دراكا فما تحتاج كالبيض صيقلا

ألا ربَّ شأوٍ رامه فتسهلت … رباه وصعبٍ راضه فتذللا

وجيش كأن الجو قد مدّ أنجما … عليه ووجه الأرض أنبت دبلا

كأن عتاق الطير بين رماحه … بنودٌ تهاوى للطعان وتعتلى

اذا نبضت يوماً بواد قسيه … تلبس ثوب النقع بالنبل مجملا

رماه بعزمٍ فانجلى ليل خطبه … ولو رامه الصبح المنير لما انجلى

وذي ظمأة بادي الخمول توعّرت … عليه مساري الرزق حتى تحيلا

علا وارتوى لما دعاه كأنما … يشافه من حوض الغمامة منهلا

وبيداء مقفار اليه قطعتها … فلاقيتَ معلوماً وفارقت مجهلا

وقلت لخلي انزلاني فهذه … منازله ثمَّ أعقلا وتوكلا

هنالك عاهدت الرياض أنيقة … ترّف وجاورت الغمائم همَّلا

وقضيت في ظل النعيم ليالياً … لو انتقضت كانت كواكب تجتلى

ولا عيب في نعمائها غير أنها … تجود فتوهي الكاهل المتجملا

وإني اذا أجهدت مدحي فإنما … قصارايَ منها أن أقول فأخجلا

لبابك يا ابن الأكرمين بعثتها … أؤانس من مدح عن الغير جفلا

وأرسلتها غرّاء كالغصن يانعا … وزهر الربى ريّان والريح سلسلا

ممنعة المغزى تجرّ برأسه … جريراً وتلقي من جرى الكلب جرولا

شببت لها فكري وفاحت حروفها … كأني قد دخنت في الطرس مندلا

واعتقت رقي من خمول عهدته … فخرت ولا قلبي وللمعتق الولا

وأنت الذي أسعفتني فصنعتها … ولولا الحيا لم يصبح الترب مبتلا

فلو رامها الطائي من قبل لم يقل … لهان علينا أن نقول ونفعلا

وكم مثلها أهديتها طيّ مدرج … تكاد لفرط الشوق أن تتسللا

يفوه بها الراوي فيملأ لفظها … فم الخلّ درًّا أو فم الضد جندلا

جمعت بنعمى راحتيك فنونها … كما جمع السلك الجمانَ المفصّلا

ومثلك من حّلت أياديه حسنها … فزاد وثنى حظها فتكملا

بقيت لهذا الدهر تبسط إن أسا … يديك فما ينفك أن يتنصلا

ودمت لشأوِ المجد بالطول راقيا … وممن طلب المجد العليَّ تطولا

حلفت يميناً ليس مثلك في الورى … فما شرع الاسلام أن أتحللا